إجازات تربك العائلات

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٨/فبراير/٢٠١٦ ٠٣:٤٠ ص
إجازات تربك العائلات

علي بن راشد المطاعني
من المؤسف حقا عدم قدرة الجهات المختصة بالتعليم على تنظيم إجازات الأعوام الدراسية والأكاديمية المختلفة في ‏المدارس أو الكليات أو المعاهد في البلاد في مواعيد موحدة، فهناك تباين واضح بين مؤسسات التعليم التابعة للحكومة أو التي تدار من جانب القطاع الخاص للأسف، مما يحدث إرباكا غير عادي في حركة إجازات الأسر، فلا تستطيع أن تتحرك لتفرّقِ أبنائها بين طالب مجاز في مدرسة، وآخر يكمل الامتحانات وآخر لم ينته معه الفصل الدراسي، واضعة الأهالي في حيرة من أمرهم هل يستمتعون بقضاء الإجازات في نهاية العام أو منتصفه وحتى بداياته في الجهات متفاوتة المواعيد، وكل جهة تبدأ وفق مزاجها كأنها في دولة أخرى.

لا نعرف لماذا نحن غير منظّمين حتى في مواعيد بدء الأعوام الدراسية وانتهائها، ولا ندرك انعكاسات ذلك على تقييد حركة الأسر في قضاء إجازاتها، فما أن ينتهي الابن الأول من الفصل الدراسي الأول، حتى يبدأ الآخر امتحاناته في مرحلة دراسية أخرى، في حين لم ينته العام الأكاديمي للبنت في الكلية الفلانية، لتضيع أجندة الأسرة في قضاء أوقات ممتعة مع أبنائها داخل السلطنة أو خارجها، ويقلل عوائد الرزق للعديد من القطاعات التي تعتمد على تلك الإجازات. فالسياحة الداخلية مثلا تأتي كأحد أهم مصادر الدخل في السلطنة، وتشكل عاملا مهما في تطوير القطاع السياحي الذي يعد أحد القطاعات الحيوية التي تسعى الحكومة من ورائها لتنويع مصادر الدخل، كما أنه يعد من القطاعات الجاذبة للقوى العاملة، مما يعني توفير المزيد من فرص العمل، إلا أن تلك الأمنيات تضيع وسط واقع مختلف، ولم تتمكن فيه الجهات المختصة من تحديد خريطة موحدة لجدول إجازات المدارس.

وبعيدا عن الناحية الاقتصادية فإنه من الناحية التربوية يشكل الاستمتاع بالإجازة تفريغا للطاقة وتحفيزا على بداية عملية بطاقة جديدة، حتى يتسنى للطلاب بدء الفصل الدراسي الجديد بذهنية واعية..

إن عدم تنظيم مواعيد بدء العام الدراسي وانتهاء الفصل الأول في المدارس والكليات يربك الكثير من الأسر التي لديها أبناء يدرسون في مراحل تعليمية مختلفة، فيظلون بانتظار فرصة بسيطة ينتهي فيها أبناؤهم مجتمعين من مشاغل الدراسة واختباراتها، إلا أنهم للأسف لا يحصلون عليها بسبب تضارب المواعيد وعدم التنسيق بين الجهات حتى في تحديد هذه الجزئيات البسيطة. فعلى الرغم من عدم وجود حجج أو اعتبارات واضحة لتفاوت مواعيد بدء وانتهاء الأعوام الدراسية ومنتصف العام، إلا أن مواعيد الدراسة في السلطنة تبدأ قبل نهاية أغسطس إلى منتصف أكتوبر، بينما يتراوح موعد انتهائها بين شهر مايو إلى منتصف يوليو، وتخيلوا لو أسرة لديها أبناء يدرسون في مدارس وجامعات هل تستطيع أن تستمتع بإجازة سنوية، أو إجازة منتصف العام التي لا تزيد على أسبوعين..؟ فما أن تبدأ مدرسة حكومية الإجازة حتى تكون نظيرتها الخاصة قد بدأت بعدها بأسبوعين وكذلك الكلية وهكذا دواليك. وفي الكثير من دول العالم يتم تحديد الأعوام الدراسية والأكاديمية في مؤسسات التعليم العالي العامة والخاصة وفق أجندة ثابتة لا تتغير، ويمكن ضبط كافة المواعيد لسنوات، وضبط إيقاع الإدارات وتحديد أوقات الاستمتاع بالإجازة مثل بريطانيا، حيث يعلم الجميع هناك أن مواعيد العام الدراسي بدون أي تأخير أو تقديم.
إن هذا التفاوت يسهم بالتأكيد في تقليل الاستفادة الاقتصادية للبلاد وخاصة القطاع السياحي في الداخل، وهذه الأسر قد تتنقل بين الولايات سواء في زيارات للأهل أو السياحة، وفي الحالتين يقلل عدم تنظيم الإجازات التواصل والإثراء.
إن الدعوة إلى تنظيم الإجازات وبدء الأعوام الدراسية ليست دعوة لتحقيق المستحيل، بل يستوجب أن تبدأ الجهات الحكومية المختصة في ترتيب أوقات الدراسة في فصليها الأول والثاني ومنتصف العام، بحيث تكون ثابتة ويمكن لأي مواطن أو مقيم أن يضبط ساعة إجازته وتتيح للآخرين الاستفادة منها.
نحن نتفهم وجهة نظر بعض الجهات التي تبدأ في أوقات متأخرة أو متقدمة كالمدارس الخاصة، إلا أنه في النهاية كلها أمور تربك العائلات وتحتاج إلى تنظيم واضح، ويمكن لوزارة التربية والتعليم والجامعة أن يعقدوا اجتماعا مشتركا لوضع ترتيب لمواعيد ثابتة للجميع بدون منغصات. نأمل أن ننتهي من التباين في تنظيم الأعوام الأكاديمية والدراسية بما يثبت الإجازات بمواعيد موحدة غير قابلة للتغير لتدع الجهات المدارس والكليات أن تتكيف مع التواريخ الجديدة بدون تغيير قيد أنملة.