هل تخفف أموال المانحين معاناة السوريين؟

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٩/فبراير/٢٠١٦ ٠٠:١٥ ص

ناصر اليحمدي
مؤتمر المانحين الرابع الذي عقد في لندن مؤخرا لمساعدة الأشقاء السوريين بمشاركة السلطنة ومسؤولي أكثر من 70 دولة تعهد فيه المشاركون بتقديم مساعدات ببلايين الدولارات لأكثر من ستة ملايين نازح داخل سوريا وأكثر من أربعة ملايين لاجئ في دول أخرى يقودنا لتساؤل هل تستطيع الأموال حقا تخفيف معاناة السوريين؟.. وهل ما يحتاجه السوريون هو الأموال فقط؟.

بالتأكيد الصراع الدائر في سوريا منذ أكثر من خمس سنوات وبلغت كلفته أكثر من 35 بليون دولار قضى على الأخضر واليابس في البلد المنكوب وتسبب في انهيار اقتصاده خاصة بعد ترك الملايين لأعمالهم إما نازحين أو لاجئين وبالتالي فهم بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية إلا أنهم يحتاجون أكثر للاستقرار والأمان ووقف شلال الدم الذي يسيل بسبب الحرب الضروس التي أدت لهذه الكوارث الإنسانية.
لقد التزمت السلطنة كعادتها ونفذت ما تعهدت به من مساعدات في المؤتمرات الثلاثة السابقة كما أعلن معالي الدكتور عبد الله بن محمد السعيدي وزير الشؤون القانونية رئيس مجلس إدارة الهيئة العمانية للأعمال الخيرية الذي ترأس وفد السلطنة بالمؤتمر وما زالت تمد الشعب السوري بالمساعدات النقدية والعينية وتحرص على توفير المنازل المتنقلة في المخيمات وذلك وفق برنامج تجاوز أكثر من خمسين مليون دولار.. لذلك فإنه على الدول المشاركة في المؤتمر أن تفي هي الأخرى بتعهداتها لإنقاذ الملايين لأنه في الأغلب الأعم بعد كل مؤتمر يتعلق بتقديم مساعدات إنسانية لدولة ما، لا يخرج المانحون سوى بالتقاط الصور فيعود كل مسئول لبلاده وينسى ما تعهد به.. غير أن الأمل يحدونا في أن تفي الدول المانحة خاصة الأوروبية بتعهداتها لأن في ذلك إنقاذا لبلادها من طوفان اللاجئين الذين يتسببون في كثير من المشاكل لمجتمعاتهم الداخلية وبالتالي فإن تقديم المساعدات سيقضي على بعض أسباب تدفقهم لتلك البلاد ويخفف من ضغوط تلك الحكومات أمام شعوبها.. بالإضافة إلى أن جزءا من هذه المساعدات سيتوجه لتلك الدول لمساعدة اللاجئين فيها.
إن الوضع المأساوي في سوريا يجب أن يتوقف في أقرب وقت ممكن.. فعندما اتجه أشقاء سوريا الفرقاء إلى جنيف لإجراء جولة جديدة من محادثات السلام تحت رعاية أممية استبشر كل سوري وعربي واعتقد أن الأطراف المتنازعة أنهكتهم الحرب واكتفوا بما سقط من قتلى والذي تجاوز عددهم 250 ألف شخص وما حدث من دمار للبنية للبلاد وأنهم ذهبوا بنية صادقة وخالصة لإنهاء الصراع الدامي بينهم والذي سمح لأطراف خارجية لزج أنفها والتدخل في شؤونهم.. ولكن كالمعتاد تشبث كل طرف برأيه وفشلت المحادثات وعادت القضية للمربع صفر على أمل العودة لطاولة المفاوضات مرة أخرى في 25 فبراير.
إن الأطراف السورية المتنازعة تعتقد أنها بتمسكها برأيها سوف تحقق الاستقرار لبلادها لذلك فإن أيا منها لا يبدي أي استعداد لتقديم تنازلات رغم أن الاستقرار المنشود لن يتأتى إلا بتوافق هذه الأطراف وتعاونها معا وتغليبها لمصلحة البلاد العليا.. فالحوار السلمي الجاد البناء هو السبيل الوحيد لإنقاذ سوريا من المستنقع الذي وقعت فيه.. أما الخيار العسكري فلن يزيد الطين إلا بلة ويفاقم الوضع المأساوي الذي يعلم الله وحده إلى أين سينتهي به المطاف.
للأسف إن الصراع السوري يقوي شوكة تنظيم داعش ويساعده على التمدد في المنطقة بأسرها كما أنه يسمح لأطراف خارجية بالتمادي في التدخل وتحويل النزاع لتصفية حسابات خاصة فيما بينها.. لذلك على الحكومة والمعارضة أن يعودوا إلى طاولة المفاوضات وهم يتشبثون بما أجمع عليه المشاركون في مؤتمر فيينا بضرورة وجود عملية انتقالية منظمة للسلطة تقود إلى صياغة دستور جديد وانتخابات حرة نزيهة لإنقاذ الشعب السوري بأطفاله وشيوخه ونسائه فهم الذين يدفعون ثمن هذه الحرب الظالمة.
كذلك على الدول المانحة أن تفي بما وعدت به من مساعدات للشعب السوري على أن تضمن الدول العظمى وصول هذه المساعدات لمستحقيها عسى أن تخفف عنهم معاناتهم.

الجرائم الإلكترونية تحتاج وقفة دولية

الجرائم الإلكترونية تزداد يوما بعد يوم.. وكلما ازداد عدد المستخدمين زاد عدد المجرمين.. وتطالعنا الصحف والمواقع المختلفة بصورة يومية تقريبا عن جريمة إلكترونية جديدة كاختراق لحساب معين أو ابتزاز للمستخدمين أو إنشاء حسابات وهمية لشركات وأشخاص وغير ذلك من الجرائم التي يندى لها الجبين.
وقد تعرضت شخصيا لاختراق حسابي الشخصي حيث فوجئت ببعض الأصدقاء يتصلون بي ليطمئنوا علي بعد أن وصلتهم رسالة استغاثة أطلب فيها المساعدة المادية.. كذلك ما حدث مؤخرا من اختراق مجرمين لشبكات أحد بنوك السلطنة لنهب أمواله.. وهذا يجعلنا نتساءل لماذا يلجأ المجرمون لمثل هذه الجرائم؟.
والإجابة بالتأكيد للحصول على الأموال حيث يتصيد المجرم ضحيته ويحاول استغلالها لجني المزيد من الأموال أو فضح أسرارها وتشويه سمعتها إن كان يعرفها جيدا ويكرهها.. أو ربما الشعور بالفراغ دفع البعض للقيام بمثل هذه الجرائم من أجل التسلية.. أو لوجود خلل نفسي لديهم وغير ذلك من الأسباب التي لم تعد تخفى على أحد.
للأسف إن النوايا الصادقة وطيبة القلب وحسن الظن لم يعد له مكان وسط العالم الافتراضي الذي يعج بالمجرمين المفسدين الذين يبحثون عن ضحاياهم الأبرياء ليرموا شباكهم عليهم خاصة من فئة المراهقين والفتيات وحسني النية.. لذلك لابد من توعية مستخدمي الإنترنت بالجرائم التي من الممكن أن يتعرضوا لها وإشادتهم لضرورة رفع مستوى الخصوصية والأمان حتى لا يسهل اختراق الحساب الشخصي لهم إلى جانب وضع قوانين رادعة توقف هؤلاء المجرمين عند حدهم الذين تسول لهم أنفسهم القيام بمثل هذه الجرائم.
لا شك أن انتشار الجرائم الإلكترونية يؤدي إلى انعدام الثقة بين أفراد المجتمع وبالتالي تفككه بالإضافة إلى ما تسببه من أمراض نفسية واجتماعية خطيرة لمن يتعرض لها وتنعكس سلبا على الأداء الحياتي للأفراد وسلوكياتهم وتصرفاتهم مع من حولهم من الأناس الطبيعيين.
لا بد أن تتكاتف دول العالم لمكافحة الجرائم الإلكترونية التي تتطور بصورة مذهلة حتى تعود للمجتمعات قوتها وأخلاقها المفقودة.

حروف جريئة

تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي ألقاها أثناء زيارته لمسجد في الولايات المتحدة لأول مرة منذ توليه منصبه وقال فيها إن الإسلام جزء من بلاده شعارات جميلة يثمنها كل مسلم ولكن الأهم هو أن يطبق ذلك على أرض الواقع وتختفي العنصرية البغيضة والمضايقات والتهديدات التي يتعرض لها المسلمون في بلاده.
أكراد العراق يخططون لحفر خندق يحيط بالإقليم الكردي بحجة منع انتحاريي تنظيم داعش من اختراقه وتنفيذ عمليات إرهابية .. فهل الهدف من وراء حفر الخندق دواع أمنية أم أنه تمهيد لانفصال إقليم كردستان؟.. سؤال ستجيب عنه الأيام المقبلة وإن غدا لناظره قريب.
إسرائيل بعد أن كانت تستجدي الشعوب للهجرة إليها لكي تصنع لها دولة وشعب تقوم الآن بتصفية القادمين إليها لتعيد إرسال غير المرغوب فيهم إلى بلدان أخرى حيث كشفت مستندات سرية مسربة أن الدولة الصهيونية قامت بإرسال مهاجرين أفارقة من إريتريا والسودان وغيرهما غير مرغوب فيهم إلى بلدان أخرى أفريقية مثل رواندا وأوغندا بعد أن خيرتهم بين الهجرة أو السجن إلى أجل غير مسمى لتخترق بذلك القانون الدولي الخاص باللاجئين.. بالتأكيد هذا تصرف طبيعي فالدولة العبرية طوال تاريخها الأسود لم تحترم القانون الدولي ولم تطبقه فهي فوق القانون.
لم تكتف الدول الأوروبية بمصادرة أموال اللاجئين ووضعهم في مخيمات غير آدمية ومعاملتهم أسوأ معاملة بل قام حاكم منطقة في بلجيكا بإطلاق دعوة لمنع إطعام اللاجئين حتى لا يأتي آخرون.. هل هذه هي الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان التي يتشدقون بها؟.
حركة إسرائيلية جديدة دعت لبناء جدار داخل القدس الشرقية بهدف فصل 28 قرية عن القدس بحجة توفير الأمن للإسرائيليين وإنقاذ القدس اليهودية.. هذا يعني أن القدس ستظل إسرائيلية إلى الأبد فإلى متى يصمت العرب والعالم أجمع على هذه الانتهاكات؟.
البرلمان الفرنسي أقر قانونا يضم مجموعة من الإجراءات التي تحارب تبذير المواد الغذائية وتفرض عقوبات على المحلات التجارية الكبرى والأسواق التي تلقي الطعام الصالح للاستهلاك مع النفايات.. نتمنى أن تقر كل دولة مثل هذا القانون حتى يختفي الجوع ويقل التضخم وتصان نعم الله.

مسك الختام

قال تعالى: «إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر، إن شانئك هو الأبتر».