هل مازال هناك من يخشى "خدش الحياء العام" ؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٨/فبراير/٢٠١٦ ٢٣:٢٥ م

لميس ضيف
لست من متابعي المسلسلات العربية – ولا غيرها للأمانة – فطاحونة الحياة لم تعد تعطي فسحة للفراغ المُفضي للاستهلاك الباذخ للساعات في متابعة قصص معروفة النهاية. في رمضان ربما؛ حيث تكون بعض المسلسلات جزءا من التجمع العائلي لكن ليس في سواها. بيد أن عيناي صافحت قبل أيام لقطة من مسلسل عربي أثارت غضبي واشمئزازي في آن :
كانت اللقطة لاب يتصل بأبنته هاتفيا وتجيبه وهي تلف جسدها العاري – كما يُوحي المشهد - بشرشف ، يسألها أين هي فتدعي بأنها في غداء مع صديقاتها فيطالبها بالعودة ، تغلق الهاتف ويظهر هنا وجه شاب يلف بنفسه بشرشف أيضا يطالبها بالبقاء أكثر ولكنها تنهض وهي تلملم " شرشفها " وتعده بلقاء قريب !!
في المشهد الثاني يظهر الأب مع عشيقته التي يكشف سياق حديثها أنها زوجة وأم وتمارس الفاحشة معه تحت راية الإعجاب !!
هذه القصص " نصف" مقبولة في مجتمعات غربية لكنها يجب أن تُرجم حتى الموت في مجتمعاتنا . واقعا ؛ تتعرض المسلسلات الغربية التي تتابعها ربات البيوت لكثير من السخرية والنقد بسبب خوائها وتفاهتها وتركيزها على العلاقات العابرة والخيانات المتداخلة .
مشكلة هذا المسلسل ليست في كونه عربيا فحسب . بل لأنه يعرض في فضائية يُفترض بأنها " عائلية " يتابعها كل بيت !! تمتمت في نفسي وأنا أرى ذلك " سقى الله الزمن الذي كان الآباء يطالبون أبنائهم بأن يغمضوا أعينهم إن مر مشهد عاطفي يتبادل فيها حبيبان القبل !!
سقى الله الزمن الذي كانت المشاهد فيه تُقطع فتشعر بقفزة في الفيلم أو المسلسل بسبب أن الرقابة كانت " تفلتر" المشاهد فتقتطع منها ما يخدش الحياء العام ..
" الحياء العام " مصطلح انتهت صلاحيته في هذا القرن. فصارت العائلة – بما فيها أطفال لم يعدو السابعة – تتجمع أمام مسلسلات ماجنة المضمون دون أن يرى رب العائلة في ذلك بأساً !! وإن كان الراشدون عرضة بنسبة ما لتبني القيم التي يرونها في الدراما إلا أن النسبة تتفجر عندما يصل الأمر للأطفال لأنهم ببساطة يعتبرون كل ما يرونه على الشاشة أمرا واقعيا . لذا فأنهم قد يخافون لأِشهر من مشهد رعب ولن تفلح محاولاتك المضنية بإقناع طفل أن هذا مجرد تمثيل !
سألني أبن أخي ذات مرة : كيف يصورون هؤلاء في كل وقت؟ هل يلصقون كاميرا بهم !
وسؤاله ذاك أنطلق من ظنه بأن من يراهم على الشاشة أشخاص حقيقيون يعيشون حياتهم اليومية وتنقل العدسات ذلك للشاشة.! فالتمثيل مصطلح يستوعبه الأطفال متأخرا – وحتى وقتها – هم معرضون لامتصاص القيم التي تروج لها الشاشات لأنها " مقبولة " وإلا لما كانت وجدت طريقها للعلن ..
حان الوقت لنقوم بثورة ضد تفاهة القنوات ومحتواها الساقط .. وحتى لو لم نجد شعوبا تفعل فأضعف الإيمان أن لا تقدم العائلة هذه الأطباق الفاسدة كوجبة يومية لأبنائها .. ففاتورة ما يقدمه لنا عمالقة السخافة لن تكون بسيطة .. بل قد تكون أغلى بكثير مما نستطيع توفيره .