الإنترنت.. وسيلة إرهاب لغسل الأدمغة

الحدث الخميس ١١/فبراير/٢٠١٦ ٠٠:١٥ ص

عواصم –
ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة ‭)‬شينخوا‭(‬ أن الصين وعدت بمنح مكافأة لمن يدلي بمعلومات عن أي محتوى يشجع على «الإرهاب» عبر الإنترنت بمبلغ يصل إلى 100 ألف يوان (15200 دولار) بعد أن منحت مكافآت بلغت مليوني يوان العام الفائت.

ونقلت شينخوا عن مصدر لم تفصح عن اسمه من إدارة الفضاء الإلكتروني الصينية «الإنترنت أصبح قناة للإرهابيين لنشر الأفكار الدينية المتطرفة وإثارة الصراعات العرقية والدعوة للانفصال».
وقال المصدر إن مواقع للتدوين المصغر على غرار تويتر وخدمات الرسائل الفورية مثل (وي تشات) من بين الوسائل التي يستخدمها الإرهابيون «لغسل دماغ» الشابات والأطفال وشجع المواطنين على الإبلاغ عنها عبر خط ساخن.
ولم يتسن الوصول إلى إدارة الفضاء الإلكتروني على الفور للتعليق بسبب إجازة رسمية في الصين.
وتقول الحكومة إنها تواجه تهديدا حقيقيا من المسلحين الإسلاميين والانفصاليين في منطقة شينجيانج الغنية بمصادر الطاقة والتي شهدت مقتل مئات الأشخاص في أعمال عنف في الأعوام الأخيرة.
لكن الجماعات الحقوقية تشكك في وجود جماعة إسلامية مسلحة ذات كيان محدد هناك وتقول إن العنف مصدره الغضب الشعبي من السيطرة الصينية على الممارسات الدينية والثقافية.

قانون

في أواخر ديسمبر من العام الفائت قام البرلمان الصيني بإقرار القانون الجديد الخاص بمكافحة الإرهاب المثير للجدل بالإجماع، وذلك بعد شهور من المداولات والاعتراضات من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى المحلية والعالمية وخصوصاً الأمريكية.
وينص قانون مكافحة الإرهاب الصيني الجديد على أن تقوم شركات الإنترنت العاملة في الصين على توفير مفاتيح التشفير وكلمات السر للحكومة الصينية عند الطلب، ويشكل القانون الجديد انتهاكا صريحا لخصوصية المستخدمين بشكل قانوني.
ويتشابه القانون الجديد في كثير من النواحي بمشاريع قوانين تتم مناقشتها في بريطانيا والولايات المتحدة تخص سيطرت الحكومات على الإنترنت ومراقبتها وتشديد القبضة الأمنية في مجال مراقبة الإنترنت وانتهاك الخصوصية.
وقامت الحكومة الصينية بالادعاء بأن هذه السيطرة ضرورية للدفاع ضد الإرهاب، وتشكل إمكانية وصول الحكومة الصينية لهذه الأمور بشكل غير مقيد ومفتوح بشكل قانوني قلق كبير لدى الكثيرين في الغرب.
ويعود السبب الرئيسي للقلق لدى الغرب هو سجل الدولة الصينية من ناحية الرقابة، بالإضافة لضلوعها في كثير من الادعاءات والاتهامات المتكررة فيما يخص التجسس ضد الشركات الأمريكية والوكالات الحكومية.
وقام الرئيس باراك أوباما بالإعراب عن قلقه إزاء ما كان يشكل سابقاً مشروع قانون لم يتم إقراره بعد وأشار أوباما إلى أن هذه اللوائح والتشريعات تشكل خطراً على خدمات الإنترنت، وأبواب خلفية لانتهاك الخصوصية، وأضاف الرئيس الأمريكي «لقد قمنا بإفهامهم بشكل واضح أن ما يقومون به يجب أن يتغير فيما إذا أرادوا القيام بأعمال تجارية مع الولايات المتحدة».
ويأتي كلام الرئيس في إشارة منه إلى مخاوف إضافية بان قانون مكافحة الإرهاب الجديد تم تصميمه لوضع شركات الإنترنت الغربية في موضع غير مناسب للعمل ضمن الصين.
وقام مسؤول المؤتمر الشعبي الوطني الصيني بالتصريح «أن اللوائح الموجودة ضمن قانون مكافحة الإرهاب ذات الصلة بالموضوع لن تؤثر على العمليات التجارية العادية للشركات ولن نستخدم القانون لفتح أبواب خلفية لانتهاك حقوق الملكية الفكرية للشركات”، وأضاف “القانون الجديد لن يضر حرية الناس في التعبير أو الدين».
ودخل القانون حيز التنفيذ في الأول من شهر يناير العام 2016، ورغم أن القانون الجديد ينص على إجبار الشركات على تسليم مفاتيح التشفير وكلمات السر عند الطلب إلا أن الكثير من الشركات قد لا تمتثل للقانون.
وتعتبر شركة آبل من أوائل الشركات التي لن تمتثل للقانون لعدم امتلاكها مفاتيح تشفير الأجهزة الفردية وعدم قدرتها على توفير بيانات لزبائنها حتى لو طلبت منها الحكومة والمحكمة ذلك.
ويمهد القانون الجديد الطريق لمعركة بسبب مخاوف الخصوصية والأعمال التجارية، بينما قد تقوم الكثير من الشركات بالامتثال للقانون مخافة عدم تمكنها من العمل ضمن السوق الصينية المربحة للغاية بالنسبة لها.

مواجهة

في يناير من العام الفائت قال البيت الأبيض إن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعتزم إنشاء وحدة جديدة لمكافحة «الإرهاب» مهمتها التصدي لدعاية تنظيم داعش وغيره من «الجماعات المتطرفة» على الإنترنت وفي وسائل التواصل الاجتماعي.
وستقود وزارتا الأمن الداخلي والعدل هذه الوحدة الجديدة بمشاركة هيئات اتحادية ومحلية أخرى.
وصدر الإعلان عن تشكيل «قوة المهام الخاصة بمكافحة التطرف العنيف» في حين يجتمع مسؤولون من البيت الأبيض مع مديرين تنفيذيين لشركات تكنولوجيا من وادي السيليكون لمناقشة تطوير سبل التصدي لاستخدام المتطرفين للإنترنت.
وتعرضت الإدارة الأمريكية لضغوط لطمأنة شعبها بقدرتها على الحد من قدرة تنظيم داعش بعد هجمات باريس وولاية كاليفورنيا.

تجنيد عبر الإنترنت

من جانبها شهد العام الفائت مساعي حكومية تونسية إلى توقيع اتفاق مع كبريات المؤسسات المشغلة للإنترنت وذلك في خطوة لمكافحة «الإرهاب الإلكتروني» الــــذي تحــــول خلال الأشهر الأخيرة إلى «ظاهرة جديـــدة» تؤرق الأجهزة الأمنية، فيمــا قالـت وزارة الداخلية إن 90 بالمئة من الجهاديين تم تجنيدهــــم عـــن طريق الإنترنــت والمواقع الإلكترونية التي حــــولها «جهاديون يحذقون استخدامها إلى فضاءات للتواصل وبث أفكارهم والتخطيط للقيام بهجمات».
يأتي ذلك في وقت كشفت فيه الأجهزة الأمنية عن تزايد خطر «الإرهاب الإلكتروني» بعد أن باتت الجماعات الإرهابية تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد طلبة الجامعات وحتى تلاميذ المعاهد الثانوية المتفوقين في اختصاصات علمية محددة مثل الفيزياء والكيمياء والهندسة الإلكترونية والطب في شبكات تتولى «غسل أدمغتهم» قبل تسفيرهم إلى سوريا والعراق للقتال في صفوف تنظيم داعش.
وأظهرت دراسة أمنية حديثة أن تونس باتت تواجه «إرهابا جديدا» يعتمد على الكفاءات العلمية التي تحدق استخدام مواقع التواصل الاجتماعي «إرهاب إلكتروني يعول على المتعلمين لأنه يحتاج إلى من يصنع قنابل يدوية وله مهارات في الكيمياء والفيزياء كما يحتاج إلى من يتواصل عبر الشبكات العنكبوتية والأنترنت واختراق مواقع حكومية مستهدفة والى اختراعات الإلكترونية».
ويشدد الخبراء الأمنيون على أن تونس شهدت خلال الفترة الأخيرة تحولا «نوعيا خطيرا» في خصوص شبكات الجهاديين»، ملاحظين أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي «سهلت» على الجهاديين «اختراق» أسوار الجامعات والمعاهد الثانوية لتجند المئات من المتفوقين في دراساتهم العلمية من أجل استغلال مهاراتهم ومعارفهم في هجمات إرهابية نوعية «يتم التخطيط لها إلكترونيا» قبل تنفيذها.
ووفق ما تقول الأجهزة الأمنية فإن تونس «تواجه اليوم إرهابا جديدا هو الإرهاب الإلكتروني» حيث تركز الجماعات الجهادية جهودها على مواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد شباب متعلم وفتيات متعلمات بعد أن كانت تستخدم منابر المساجد والجمعيات الخيرية.
وتعترف السلطات الأمنية أنها منعت خلال العام 2014 أكثر من 10 آلاف شاب من السفر إلى سوريا والالتحاق بتنظيم داعش بعد أن تم تجنيد غالبيتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتتصدر تونس اليوم قائمة البلدان المصدرة للإرهابيين حيث يبلغ عدد التونسيين المقاتلين في صفوف داعش ما بين 3 آلاف و5 آلاف شخص يتولى العشرات منهم مراكز قيادية.
وتساور التونسيون اليوم مخاوف جدية من «تغلغل الإرهاب الإلكتروني» في صفوف الفئات المتعلمة وخاصة الطلبة والتلاميذ لذلك تطالب الأحزاب السياسية والخبراء بضرورة وضع خطة استراتيجية أمنية وعسكرية وأيضا اجتماعية وثقافية ودينية لمكافحة الإرهاب مكافحة شاملة لا تقتصر على الجوانب الأمنية.