بعد مرور خمس سنوات من الحادث "فوكوشيما" لاتزال حاضرة في حياة اليابانيين

الحدث السبت ١٢/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٥١ م

طوكيو -
بعد مرور خمس سنوات على حادث محطة فوكوشيما النووية في اليابان، لا تزال هيئة تحكيم حكومية تتلقى طلبات بتعويضات مالية، طبقا لما ذكرته هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية (إن.إتش.كيه) أمس السبت.

وكانت الحكومة قد أسست «مركز تسوية طلبات التعويضات بشأن محطة فوكوشيما النووية» بعد حادث المحطة النووية، وذلك للتوسط في إيجاد تسوية بين من يطلبون التعويضات من ناحية وشركة طوكيو للطاقة الكهربائية المشغلة للمحطة من ناحية أخرى. ويقول مسؤولون في المركز إنهم تلقوا أكثر من 19 ألف طلب حتى نهاية فبراير الفائت. ويقولون إن الكثير من الدعاوى تمت تسويتها بالفعل، لكنهم لا يرون مؤشرات لتراجع عدد الطلبات التي يتلقونها.
وتقدم الكثيرون بدعاوى إضافية في حين يوجد أيضا من يتقدمون بطلبات للمرة الأولى.
ومن ناحية أخرى، قالت مجموعة من المحامين إن أكثر من 11900 شخص في أنحاء البلاد يشتركون في دعاوى قضائية جماعية ضد الحكومة المركزية وشركة طوكيو للطاقة الكهربائية.

تقرير دولي

رجّح تقرير أممي، استقرار مستويات الإصابة بالسرطان الناتجة عن حادث التسرب الإشعاعي بمفاعل «فوكوشيما» الياباني في مارس 2011.
وأوضح التقرير، الذي أصدرته لجنة الأمم المتحدة العلمية المعنية بآثار الإشعاع الذري أنه من غير المحتمل حدوث أي تغيرات ملحوظة في معدلات الإصابة بالسرطان أو الأمراض الوراثية أو أي زيادة في معدلات العيوب الخلقية في المستقبل بسبب التعرض للإشعاع نتيجة حادث «فوكوشيما» النووي.
ومع ذلك، لم يستبعد التقرير من الناحية النظرية، إمكانية زيادة خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية بين الأطفال الأكثر تعرضاً للإشعاع. ولفت إلى، أن الوضع يحتاج لمزيد من المتابعة عن كثب والتقييم في المستقبل، رغم أن سرطان الغدة الدرقية مرض نادر بين الأطفال الصغار، وفقاً للتقرير.
ورأى التقرير، أنه من المتوقع أن تكون معدلات الإصابة بالسرطان بين سكان المناطق القريبة من مفاعل «فوكوشيما» منخفضة إلى حد كبير بسبب الإجراءات الوقائية الفورية التي اتخذتها السلطات اليابانية في أعقاب الحادث.

كارثة فوكوشيما

كارثة فوكوشيما هي كارثة تطورت بعد زلزال اليابان الكبير في 11 مارس 2011 ضمن مفاعل فوكوشيما 1 النووي. حيث أدت مشاكل التبريد إلى ارتفاع في ضغط المفاعل، تبعتها مشكلة في التحكم بالتنفيس نتج عنها زيادة في النشاط الإشعاعي.
ذكرت وكالة الهندسة النووية بأن الوحدات من 1 إلى 3 توقفت بشكل آلي بعد زلزال اليابان الكبير، بينما كانت الوحدات من 4 إلى 6 متوقفة بسبب أعمال الصيانة. وقد تم تشغيل مولدات ديزل لتأمين طاقة كهربائية راجعة من أجل تبريد الوحدات 1 إلى 3 والتي كانت قد تضررت بسبب التسونامي. وقد عملت هذه المولدات في البداية بشكل جيد لكنها توقفت بعد ساعة.
ويستخدم التبريد في طرح الحرارة المتولدة في المفاعل، وبعد فشل المولدات وتوقف البطاريات عن العمل بعد 8 ساعات والتي تستخدم عادة للتحكم بالمفاعل وصمامته أثناء انقطاع الكهرباء، أعلنت حالة الطوارئ النووي في اليابان. وقد أرسلت القوات اليابانية البرية بطاريات إلى موقع الحدث. صدر أمر إخلاء أولي لنطاق 3 كلم من محيط المفاعل وشمل ذلك على 5800 مواطن يعيشون ضمن هذا النطاق. كما نصح السكان الذين يعيشون ضمن نطاق 10 كلم من المصنع أن يبقوا في منازلهم.
وفي وقت لاحق شمل أمر الإخلاء جميع السكان ضمن نطاق الـ 10 كلم. وقد أعلنت شركة كهرباء طوكيو في منتصف ليل 11 مارس حسب التوقيت المحلي لطوكيو بأنه سوف يتم تنفيس الغازات في الوحدة رقم 1 مما سيؤدي إلى تحرير إشعاعات في الجو. كما سجلت شركة طوكيو للكهرباء ارتفاع النشاط الإشعاعي في بناء توربين الوحدة 1.
وفي الساعة الثانية حسب التوقيت المحلي لطوكيو وصل الضغط ضمن المفاعل إلى 6 بار وهي قيمة أعلى بـ 2 بار من أعلى قيمة مسموح فيها في الشروط الطبيعية.
وفي الساعة 5:30 سجل الضغط ضمن الوحدة 1 بـ 8.1 بار وهو أعلى بـ 2.1 مرة من الاستطاعة التصميمية وفي الساعة 6:10 أعلن عن مشكلة تبريد في الوحدة 2. للحد من تصاعد الضغط المحتمل تم الإفراج عن البخار الحاوي على مواد مشعة من الدائرة الابتدائية والثانوية الحاوية له.
وفي الساعة 6:40 من 12 مارس صرح كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوكيو إدانو أن كميات الإشعاعات التي حررت هي كميات صغيرة وأن اتجاه الرياح سيؤدي إلى توجيهها إلى البحر.
لكن كمية الإشعاعات المقاسة ضمن غرفة التحكم في المحطة كانت أكثر بـ 100 مرة من المسموح. أما كمية الإشعاعات المقاسة قرب البوابة الرئيسية للمحطة فكانت أكثر بـ 8 مرات من الحد الطبيعي.
وأعلن في مؤتمر صحفي عند الساعة الـ7 بأن كمية الإشعاعات المقاسة من خلال سيارة مراقبة كانت أكبر من الحد الطبيعي.
كما تم الكشف عن السيزيوم بالقرب من المحطة مما يعني احتمال تعرض قضبان الوقود إلى الهواء.
قام رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان بزيارة المحطة لفترة قصيرة في 12 مارس. كما أرسل فريق إنقاذ تابع لمطافئ طوكيو إلى فوكوشيما وأجلي أكثر من 50000 مواطن من المنطقة.

البداية والأسباب

ضرب اليابان في 11 مارس 2011 زلزال بقوة 9 ريختر في الساعة 14:46 حسب التوقيت المحلي الياباني. وكان مركز الزلزال في جزيرة هونشو، مما أدى إلى تسارع في حركة القشرة الأرضية.
توقف توليد الطاقة الكهربائية بعد أن توقفت المفاعلات عن العمل. وعادةً ما يتم استخدام طاقة خارجية من أجل تأمين عملية تبريد المفاعل وعمليات التحكم الآلي بالمفاعل، لكن أدى الزلزال إلى حدوث أضرار في الشبكة المحلية. بدأت مولدات الطوارئ العاملة بالديزل بالعمل لكنها توقفت بشكل مفاجئ عن العمل عند الساعة 15:41 حسب توقيت اليابان. لتتوقف جميع إمدادات التيار الكهربائي إلى المفاعلات. وقد حُمي المفاعل بجدار بحري والذي صمم لصد تسونامي حتى ارتفاع 5.7 متر، لكن الموجة التي ضربت المفاعل قدرت بارتفاع 15 متراً.
وبالتالي عبرت أمواج البحر بسهولة الجدار البحري ولتغمر مياه البحر الأبنية المنخفضة من بناء المفاعل. ووفق المادة العاشرة من القانون الياباني فينبغي إبلاغ الحكومة مباشرة حال وقوع أمر مماثل، وبالفعل قامت شركة كهرباء طوكيو بإبلاغ الحكومة لتعلن حالة طوارئ نووية من المستوى الأول.
تم تزويد أنظمة التحكم في المفاعل بالطاقة الكهربائية بعد تعطل مولدات الديزل بواسطة بطاريات كانت مصممة لتعمل مدة ثماني ساعات.
كما تم إرسال بطاريات من مفاعلات أخرى وأنظمة توليد متنقلة خلال 13 ساعة، وقد عملت هذه المولدات المتنقلة بشكل مستمر حتى الساعة 15:04 من يوم 12 مارس. بسبب كون المولدات كانت مرتبطة مع معدات تحويل في القبو، وأدى غمر القبو بمياه البحر إلى توقفها وبعد جهود متلاحقة بذلت من أجل تأمين مياه التبريد للمفاعل وجدت خطة من أجل بناء خط كهربائي جديد يصل إلى المفاعل ويقوم بتشغيل المضخات، وقد وصل كابل هذا الخط في الساعة 08:30.
لم تتوقع شركة كهرباء طوكيو تسونامي وزلزال قد يؤدي إلى مثل هذه الأضرار. على الرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد عبرت مراراً عن قلقها من قدرة المنشآت النووية اليابانية على تحمل الزلازل.