فرصة جديدة لـتصحيح مسار أسواق النفط

مؤشر الاثنين ٣٠/مايو/٢٠١٦ ١٣:٠٧ م
فرصة جديدة لـتصحيح مسار أسواق النفط

يمثل اجتماع منظمة أوبك المرتقب يوم الخميس المقبل فرصة متاحة للوصول إلى اتفاق كلي أو جزئي للتعامل مع الفائض في الإنتاج في أسواق النفط العالمية، في ظل خلافات بين الدول المنتجة ما زالت تهدد بالتوصل لاتفاق ينهي الأزمة.

وإلى جانب الاعتبارات السياسية الواضحة في هذا المجال، فإن السبب الأول لعدم التوصل إلى اتفاق هو اختلاف وجهات النظر حول الاستراتيجيات النفطية للمستقبل. المملكة العربية السعودية قررت ألاّ تخفض إنتاجها لكي لا يتكرر السيناريو القديم بأن ترفع الدول الأخرى، في أوبك وخارجها، إنتاجها من جديد، فتحصل على حصة أكبر من حصتها العادية، ما سيكون بالتأكيد على حساب المملكة. لذلك قررت عدد من الدول، من بينها السعودية والسلطنة، الاستمرار في زيادة الإنتاج، بل الأكثر من ذلك زيادة الاستثمار في القطاع النفطي لكي تضمن قدراتها الإنتاجية مستقبلاً، على اعتبار أن انهيار أسعار النفط سيوقف القدرات الاستثمارية لغالبية الدول المنتجة للنفط، وبالتالي فإن الاستثمار في النفط حالياً يضمن دعم القدرات التنافسية مستقبلاً.

وعلى عكس الوضع في المملكة العربية السعودية، القادرة على تحمل الظروف الحالية نتيجة الاحتياط الهائل الذي تملكه من النقد، فإن الوضع ليس كذلك في عدد كبير من دول العالم، فثمة الكثير من الدول التي مرت بأزمات اقتصادية في السابق باتت تدفع معظم ما تنتجه من النفط إلى دائنيها، وباتت عاجزة عن تمويل الإنفاق الأساسي في الدولة، ما دفعها إلى مزيد من الاقتراض ومزيد من العجز، أو في أفضل الأحوال زيادة الإنتاج بشكل كبير لمحاولة تعويض الخسائر، وهو ما يسهم من جديد في لجم ارتفاع أسعار النفط.
دول أخرى باتت فعلاً تعاني من نقص في العملات الأجنبية بسبب انخفاض العائدات النفطية، ما أدى إلى تضخم كبير في الأسعار وصل في فنزويلا إلى 180 في المئة، وفي كازاخستان إلى 100 % مع انهيار عملتها أمام الدولار. كما سجلت جميع الدول المنتجة للنفط تقريباً عجزاً حقيقياً في ميزانياتها دفعها إلى اتخاذ إجراءات تقشف.
من جهتها، كشفت منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك في تقريرها الأخير أن السوق النفطية التي لا تزال تعاني من فائض في الإمدادات، ستعود في العام المقبل إلى ما كانت عليه وتسجل عجزاً صافياً بسبب انخفاض إنتاج الدول غير الأعضاء في المنظمة. أي أن أسعار النفط سيتم تصحيحها بشكل تلقائي من دون اللجوء إلى تخفيض أو تجميد للإنتاج. ورجحت أوبك وجود «علامات متقاربة لانخفاض إنتاج البلدان غير الأعضاء، والتي ربما ستعيد السوق إلى ما كانت عليه وتضعها في عجز صاف خلال 2017». وإذا كانت الأسعار عند حدود 50 أو 55 دولاراً للبرميل مقبولة بالنسبة لكل من المنتجين والمستوردين للنفط، وهو ما بدأت الأسعار بالوصول إليه من دون خفض الإنتاج، فإن ذلك سيدفع الدول إلى انتظار نحو سنة كاملة على الأقل، لبدء تعويض الخسائر الكبيرة التي منيت بها من منتصف العام 2015 إلى منتصف العام الجاري.

مسقط - فريد قمر