منار العبرية.. طفلة استثنائية حولت مرضها إلى قوة

مزاج الثلاثاء ٣١/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٥٣ ص
منار العبرية..
طفلة استثنائية حولت مرضها إلى قوة

مسقط – ش
طفلة ذكية جدا لها حضور مميز وكاريزما تستطيع أن تجذب كل من حولها بكلامها وتواصلها، تمتلك العديد مواهب مختلفة كالرسم والإلقاء، كما أنها تستطيع التحدث بأكثر من لغة، فهي تتكلم اللغة الانجليزية بطلاقة وتغني باللغة الانجليزية والهندية.
انها الطفلة منار بنت محمد بن جبر العبرية التي تبلغ من العمر ( 10 ) سنوات وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعاني من مرض هشاشة العظام (العظام الزجاجية).
شاركت منار في العديد من البرامج التلفزيونية والمعارض والفعاليات، ولفتت الأنظار بقوة شخصيتها ومواهبها وتفاعلها الإيجابي مع مرضها، والدة منار التي تعمل موظفة بوزارة التربية والتعليم بالمديرية العامة للمدارس الخاصة تروي لنا حكايتها في السطور التالية.
تمتلك منار العديد من المواهب، فلديها موهبة الرسم والالقاء، كما أنها تستطيع التحدث بأكثر من لغة، فهي تتكلم اللغة العربية واللغة الانجليزية بطلاقة وتتكلم كلمات باللغة الفلبينية والهندية، كما أنها تغني باللغة الانجليزية والهندية.
أيضا منار متحدثة جيدة، لديها مهارة الاقناع، كما أنها تحفظ الكثير من المعلومات بطريقة الربط والتي تعلمتها من خلال دورة (تقوية الذاكرة) كأسماء زوجات الرسول الكريم مع أولاده وبناته، كذلك اسماء الكواكب الشمسية بطريقة خاصة واسماء الأشهر العربية.
وشاركت منار في أكثر من فعالية، فقد شاركت بإلقاء قصيدة وطنية في احتفالات البلاد بالعيد الوطني 45 المجيد، كما أنها شاركت في اليوم الرياضي المفتوح لجمعية المعاقين بعبري، كذلك كانت ضيفة على برنامج "أنت كما تريد" في تلفزيون السلطنة بحلقة حملت عنوان (اعاقة ولكن )، كما أنها كانت ضيفة على برنامج قهوة الصباح كذلك.
كما اشتركت منار بمسابقات عديدة داخل مدرستها وخارجها، ومشاركتها الاخيرة كانت من خلال مسابقة وهج لذوي الاحتياجات الخاصة، وهي مسابقة تعنى بإبراز مواهب ذوي الاحتياجات الخاصة باختلاف الاعمار والهوايات، وكانت مشاركتها من خلال موهبة الرسم وحصلت على المركز الأول في التصفيات النهائية وكانت المسابقة من إعداد وتنظيم طلاب كلية الآداب بجامعة السلطان قابوس.
تعلمت منار الرسم من خلال المدرسة، كما أنها استفادت من وسائل التواصل الاجتماعي من خلال تفاعلها من الفنانين، كذلك استفادت من برامج تعليم الرسم عن طريق مقاطع اليوتيوب، وهي اليوم ترسم فقط الشخصيات الكرتونية مستخدمة الألوان الخشبية، كما أنها تحرص على زيارة المعارض الفنية التي تقام في المراكز التجارية لتستفيد من تجارب الفنانين في تطوير موهبتها.

من الضعف إلى قوة
اللافت في قصة منار وتفوقها هو الجهد الذي بذلته عائلتها وتحديدا والدتها في تحويل لحظات اليأس إلى قوة وإيمان بالمستقبل، وهو ما انعكس ايجابا على مستقبل منار وأدى إلى ما حققته اليوم من نجاح وقوة إرادة وثقة بالنفس تمتعت بها بشكل أفضل من الأصحاء.
تقول والدتها: "في البداية وعندما علمنا بمرض منار خلال فترة حملي بها كنا كأي أسرة تعلم بأنها ستنجب طفلة معاقة، فلابد أن تكون لديها مشاعر الحزن وخاصة عندما تكون منار هي الحالة الثانية من أبنائي التي تصاب بهذا الوضع الصحي، و منار ليست معاقة حركيا فقط ولكن الأشد من ذلك هي الاصابات المتكررة لكسور أطرافها فمن الممكن أن تنكسر خلال العام الواحد من 4 – 5 مرات كذلك ندرة المرض في ذلك الحين كان سببا في قلقنا الشديد ومع ذلك عندما عرض علي امكانية اجهاض الطفلة رفضنا وقررنا عدم اجهاضها.
وتضيف والدة منار: "لا أخف عليكم مدى خوفي وقلقي من المستقبل فكنت أتضرع الى الله والتجأ اليه وكنت أبكي كثيرا ليس خوفي من عدم تقبلها ولكني كنت خائفة كيف سأستطيع أن أقوم بدوري اتجاه منار وبلقيس وهما بتلك الحالة. عائلتي متفهمة جدا وتعاملت مع البنتين بمعاملة راقية، وهذا إن دل فهو يدل على ايمان وثقة عائلتي بخالقنا عز وجل فأخذن الاهتمام والرعاية من جميع أفراد الأسرة، ومنار الآن تعيش حياة طبيعية جدا ولديها أصدقاء عرب وغير عرب، مسلمين وغير مسلمين من بلدان شتى. وقد تكيفت مع حالتها وتعايشت معها و التفاؤل يملأ قلبها وعقلها فلا تشعر بالنقص بل تجد نفسها انها مميزة في اشياء كثيرة أكثر من الأسوياء أنفسهم.

دعم متعدد
حصلت منار على اهتمام متنوع من جهات مختلفة ساهم في بروز موهبتها. تقول والدتها: "التحقت منار بجمعية التدخل المبكر وتلقت التعليم وعمرها 9 شهور من خلال برنامج (بورتج ) وهو يقوم على مبدا تعليم الأم مجموعة من الأهداف خلال فترة معينة من خلال معلمة متخصصة وتقوم الأم بتدريب ابنها على تلك الاهداف، فكانت هناك معلمة تحضر للبيت تعلمني بعض الاهداف وتدربني عليها ثم أتولى مهمة تعليم منار وأقيمها من خلال استمارة مخصصة لذلك فإذا حققت الهدف تنتقل الى هدف آخر، وهنا تتنوع الاهداف المقدمة حسب اختبار مسبق مصمم بطريقة علمية كذلك الجمعية لديها اخصائي نطق واخصائي سلوكي وأخصائي للعلاج الطبيعي فاستفدنا من الاخصائيين المتواجدين جل الفائدة، كما أخذت منار نصيبها من العلاج الطبيعي فكانت تتلقى العلاج الطبيعي مرة واحدة في الاسبوع لمدة ساعة كاملة كما استلمنا كراسي متحركة كهربائية للطفلتين.
وتضيف: "قدمت لنا جمعية المعاقين كراسي عادية وكهربائية لمنار وبلقيس وحصلنا على اهتمام كبير من مستشفى جامعة السلطان قابوس ومستشفى خولة ووزارة الصحة متمثلة في دائرة العلاج بالخارج، ومن تلفزيون السلطنة الذي ساهم بإبراز موهبة منار إعلاميا من خلال برنامج "انت كما تريد" للإعلامي طلال الرواحي فهو الذي أبرز موهبة منار اعلاميا مما جعلها أكثر ثقة بنفسها.
ومن وسائل التواصل الاجتماعي فكما أسلفت منار لديها حسابات على "الانستجرام" و"الفيس بوك" و"السناب شات" و"الواتس اب" مما سهل عليها التواصل مع افراد من داخل السلطنة وخارجها.

تفوق دائم
تلقت منار التعليم وعمرها لا يتجاوز 9 شهور ومنذ بداية التحاقها بجمعية التدخل المبكر لفتت الأنظار اليها حيث استطاعت أن تنجز أهداف أعلى من عمرها الحقيقي، ثم انتقلت إلى مدرسة الخطوة الأولى فدرست الروضة ليوم واحد فقط فقررت مديرة المدرسة أن تنقلها إلى التمهيدي لأنها اجتازت جميع الاهداف من خلال تعلمها في برنامج (بورتج) الذي ذكرناه سابقا. بعد ذلك انتقلت منار الى مدرسة أحمد بن ماجد الخاصة ( ثنائية اللغة ) ودرست الحلقة الأولى الصفوف ( 1 – 4 ) وقد تفوقت على زميلاتها فحصلت على المركز الأول في الصف الأول وحصلت على المركز الأول على جميع الصفوف في الصف الثاني وهكذا أكملت منار التميز والتفوق على المستويين التعليمي والأنشطة فكانت تشارك في الاذاعة المدرسية وتتلو القرآن الكريم وتنشد القصائد وتمثل بمسرحيات هادفة كما اشتركت في المسابقات المختلفة كمسابقات الرياضيات والعلوم والانجليزي والفنون وحصلت على شهادات تقدير، والآن تدرس منار الصف الخامس بمدرسة حكومية (عائشة الراسبية) ورغم تأخرها في الالتحاق بالمدرسة بسبب ظروفها الصحية الا إنها استطاعت أن تحصل على مراكز ودرجات عالية في جميع المواد.

نصيحة
تعتبر قصة منار مصدر الهام لجميع العائلات التي لديها وضع مشابه لكنها استسلمت لليأس والحزن، وعن ذلك تقول والدة منار: "البداية دائما يجب أن تكون من اقتناع الأسرة بأن هؤلاء الاطفال نعمة من الله علينا وان الله اختارهم من دون خلقهم اجمعين ليكونوا والديهم. وثانيا القراءة مهمة جدا ولابد للأسرة أن تطلع على حالة الابن أو الابنة.. أسبابها وكيفية التعامل معها من خلال الكتب أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أو بحضور الدورات التدريبية، والتفكير دائما بإيجابية وتفاؤل بالأفعال وليس بالكلمات فقط. إلى جانب التعرف على الامتيازات التي تقدمها الدولة لتلك الفئة وهذا مهم جدا لدعم الأسرة ومساعدتها.
واخيرا أوجه كلمة شكر إلى مولانا صاحب الجلالة السلطان قابوس وأدعو الله له بأن يطيل في عمره ويحفظه لنا وللوطن، وأشكر عائلتي فردا فردا على اهتمامهم ورعايتهم وتشجيعهم لمنار، كما أشكر عاملات المنزل اللاتي كن عونا لي في الاهتمام بها، وأشكر كل من كانت له بصمة في إبراز مواهب منار، وأوجه شكري الخاص إلى معلمي ومعلمات منار في المدارس المختلفة وإلى جمعية التدخل المبكر، جمعية المعاقين، وزارة الصحة، والأطباء بمستشفى الجامعة ومستشفى خولة والاعلامي طلال الرواحي ومنظمين مسابقة وهج .ولكل من كان له دور إيجابي مع منار.