حتى لا ينتصر الارهاب في اليمن !

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٩/يونيو/٢٠١٦ ٢١:٤١ م
حتى لا ينتصر الارهاب في اليمن !

علي ناجي الرعوي

من السذاجة جدا ان نظل نتحدث عن حوارات الاطراف اليمنية المتنازعة على السلطة في الكويت فيما لا نتحدث عن معاناة شعب تعداده يصل الى 30 مليون انسان يقتل ويذبح وينحر كل يوم بـ (طرائق قددا) ففيما يتسع الخلاف ويتعمق الانقسام وترتفع حدة التجاذبات بين المكونات المشاركة في مفاوضات الكويت ترتفع وتتسع في المقابل جرائم الارهاب وتحركات عناصره التي اظهرت انها المستفيدة الاكبر مما يجري في اليمن وأنها المرشحة للتمدد الى اوسع نطاق طالما وان لا احد يكترث بالوضع في هذا البلد وتحصينه بحزمة من الحلول التي تنتشله من مستنقع الحرب والعنف والكارثة الاقتصادية التي يعيشها.
مما لاشك فيه ان معاناة اليمنيين جراء استمرار الحرب وأعمال العنف والإرهاب واستشراء افة الفقر والجوع قد تجاوزت تلك المناورات السياسية التي تشهدها الحوارات البيزنطية التي دخلت شهرها الثالث في الكويت دون ان تتقدم خطوة واحدة الى الامام حيث لازال العراك ينصب فيها حول الشرعية والإصلاح وأحقية هذا الطرف او ذاك في الحكم وهو ما يجعل من تلك الاطراف المتصارعة في حالة هروب مستمرة نحو الماضي وكأنها من تهرب عمليا من مشاكل اليمن التي يصعب حصرها او ضبط ايقاعها إلا ان انتشار (القاعدة) و(داعش) خصوصا في المحافظات الجنوبية كحضرموت وأبين وشبوة وعدن قد شكل في حد ذاته دليل اخر على ان اليمن قد دخل في منزلق خطير في غياب اية بارقة امل للتوصل الى صيغة تمكن اطراف الصراع من التوافق على المسار الذي يؤمن عودة الدولة بكل مؤسساتها للقيام بواجباتها لحفظ الامن والاستقرار والحد من تمدد الجماعات الارهابية وتزايد نفوذها ربما هو من يجعل من هذا الخيار مؤجل حتى يتحقق ذلك التوافق بين اليمنيين.
لقد بلغ الارهاب ذروة شأنه في الهجمات الوحشية المقززة التي استهدفت العديد من النقاط الامنية في محافظة حضرموت وراح ضحيتها العشرات من الجنود والمواطنين الابرياء الصائمين يوم الاثنين الفائت حيث وان المناظر التي بثتها شاشات التلفزة لقطعان من الارهابيين الشباب وهم يفجرون انفسهم واحدا بعد الاخر قد حملت مؤشرا واضحا على ان ذيول الصراع في اليمن باتت متداخلة ومتنافرة في نفس الوقت بما لا يمكن معه لتلك القوى المتنازعة على السلطة ان تظل جالسة على كراسي الحوار تاركة المواطن في متاهات المجهول وغارقا في دوامة التحليلات والاستنتاجات فيما نذر المأساة بدأت تلوح في الافق من خلال سطوة الارهاب التي اشتد اوارها الى درجة اصبحت معها تزداد توحشا وتغولا وتحديا في فرض وجودها.
مجزرة حضرموت الاخيرة ليست شاذة فقد سبقها العديد من المجازر والهجمات الانتحارية التي سقط فيها العشرات من الابرياء في عدن وأبين وشبوة ومأرب وحتى صنعاء لكن ما بدا لافتا في العملية الاخيرة انها قد جاءت بعد اعلان التحالف تصفية محافظة حضرموت من العناصر المتطرفة ناهيك عن ان التفجيرات الاربعة قد حدثت بعد ايام قلائل من تأكيد التحالف من انه قد اتخذ الكثير من الاجراءات التي من شأنها تحقيق النصر على الارهاب وبالتالي فان هذا الاختراق الارهابي قد اعاد الى الواجهة ما سبق وان حذرت منه بعض التحليلات الغربية بشأن خطر تنظيم القاعدة في اليمن التي قالت عنه انه الاكثر تنظيما ونشاطا من بين التنظيمات الاخرى بل اننا اذا ما عدنا الى بعض الهجمات التي نفذها هذا التنظيم في الايام الاخيرة سنجد انه صار يمتلك حرية الحركة بسبب ضعف مناعة الدولة اليمنية وأوضاع الحرب المستمرة في اليمن والتي خلقت هي الاخرى اوضاعا اسهمت في اشتداد عود هذا التنظيم وبسط يده على مناطق متعددة في جنوب ووسط اليمن.
وعليه يصح القول هنا انه وكلما تأخر انجاز العبور الى ضفة الدولة تكاثرت المياه الملوثة التي تسبح فيها تماسيح الارهاب ويعيث فيها بعوض التطرف وخفافيش الظلام والكائنات الخرافية التي تفترس الضحايا بضمير ميت وفتاوى دينية تجد من يدافع عنها داخل تلك التنظيمات كل حسب نيته وعمله فمن كان مؤمنا فقد سرعوا له بالجنة ومن كان العكس فقد سرعوا له بالحساب في نار جهنم وأما اولئك الاطفال الذين يفجرون انفسهم فهم كما يقولون (طيور الجنة) بما لهم من المزايا في الشفاعة لإبائهم وأمهاتهم الذين تركوهم على منهجهم ليفجروا ويدمروا ويقتلوا تحت مسمى الجهاد ومحاربة الكفر وأعداء الدين.
من المؤكد ان القاعدة ليست ضررا على اليمن وأهله وحدهم بل ان هذا التنظيم الهجين من يمنيين وعرب من جنسيات مختلفة وغيرهم هو ضرر محض وشر خالص موجه لكل دول الخليج والعالم العربي اجمع والمجتمعات الانسانية كلها وإذا ما استوعب الجميع ذلك فان الضرورة تقتضي ان تعمل كل الاطراف الاقليمية والدولية من اجل إعادة الاستقرار لهذا البلد وذلك عن طريق الاسراع في ايقاف الحرب ومساعدة اطرافه على الوصول الى خارطة طريق تمنع انزلاق اليمن في مهاوي الفوضى واختطافه من تيارات الارهاب حيث وان ما يحتاجه اليمن اليوم هو عقل وطني يجد ويجتهد من اجل خيره وأمنه والنهوض به وبأجياله القادمة.

كاتب يمني