قمم تتلوها قمم

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٦/يوليو/٢٠١٦ ٢٣:٣٥ م
قمم تتلوها قمم

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

أحب القمم العربية، بالطبع تلك القمم التي نعرفها، ولا أقصد أي شيء آخر، هناك، في عاصمة عربية، ولتكن آخرها نواكشوط الموريتانية، يلتقي قادة عرب أو من يمثلهم، كل عام، وقد يتأخرون عن الموعد قليلا لأن هناك من لا يرى فائدة في قدوم كل هذا الحشد للحديث المعاد عن قضايا مستعادة ومزمنة بدت حالته المرضية تتطلب علاجا مختلفا عن كل ما تمت تجريبه خلال أكثر من نصف قرن من ذات الصيدلية حيث حبوب الإدانة والشجب والندب.

أحب هذه القمم على الرغم من غياب العقيد القذافي إذ ننتظر منه ما يحرك الأجواء الخامدة /‏ الجامدة بفصل مسرحي جميل يزيد من عدد المتابعين للحدث، ونترقب صوت الزعيم الخالد (كما يحلو لمحبيه تسميته) صدام حسين يندفع بحماسة العربي وهو يخطب على المنبر، ونرصد حركات وسكنات وابتسامات سائر الوجوه التي أدمنّاها وحفظناها عشرات السنين، حيث لم نكن نرهق أنفسنا في التعرف على الوجوه الجديدة.. ولا على أسمائها التي تبدو غريبة علينا.

يجلس ذلك الرجل الآتي من اليمن، عبدربه منصور هادي، تتعذر عليه الإقامة في بلاده، عاصمتها ليست تحت حكمه، وشرق البلاد لا يشبه غربه، ولا شماله يقترب من جنوبه، وكل يوم يسقط عشرات من بني وطنه، من معه أو ممن هم ضده، ماذا ينتظر من القمة العربية أكثر مما حصل عليه في السنوات الماضية؟!

حاله ليس أفضل من شخصيات أخرى، حضرت أو أنابت، سوريا ليس بوسعها أن تحضر بوفد على رأسه الرئيس بشار الأسد، والجارة لبنان تترقب رئيسا بقي حتى كرسيه في القصر البيروتي فارغا وقد يبقى كذلك طويلا.. فكيف في قمة يحضرها أقل من نصف عدد الرؤساء المدعوين؟!

قد يطول التطواف بين وجوه الرؤساء، المشهد يعكس الوضع العربي في صورته المرتبكة، والعاصمة المستضيفة سعيدة على أي حال، العرب جاؤوا إليها وهناك في أمة بني الضاد من لا يعرف إن كانت موريتانيا عربية أم لا.

قالوا إن قضية فلسطين ستبقى.. مع أنها خارج سياق اهتمامات كافة الدول العربية المنشغلة بهمومها السياسية والاقتصادية وحسابات الخارج أكثر من الداخل..
وقالوا إنهم يريدون مواجهة الإرهاب واختلفوا في تحديد القاتل من المناضل، كما هو مفهوم الشرعية الذي يحتاج إلى دعم، شرعية هادي وشرعية بشار (مثالا)!!
أحب القمم العربية لأن هناك من يجتمع من بني أمتنا على طاولة واحدة، كزملاء الدراسة القدامى يلتقون في مناسبة ما ليتعرفوا على بعضهم البعض، قادة يلتقون ولديهم فرصة ليتشاكى البعض حالهم، وهناك بينهم من يحمد الله على أن حاله أفضل من غيره، ما المشكلة أن يصبر بين هؤلاء بضع ساعات، ثم يستعجل العودة إلى بلاده، يطمئن على أحوال بيته، ويحاذر أكثر من الوقوع فيما وقع فيه بعض ممن التقاهم.. يسأل الله الثبات «في الحكم» وأن يعود السنة المقبلة إلى القمة!