مستشار أبو الريش

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٧/يوليو/٢٠١٦ ٢٣:١٢ م

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

في المسلسل الخالد في الذاكرة "خرج ولم يعد"، الذي لعب الفنان الراحل غانم الصالح بطولته كزوج جمع بين النجمتين سعاد عبد الله وحياة الفهد.. هناك مشهد يظهر فيه سليمان أبو الريش وهو يعظ مستشاره الجديد ويعلمه على الساعد الأيمن للمسؤول أن يكون:
"أنت مستشاري، يعني تقول اللي أبغيه، وتحب اللي أحبه، وإذا ما حبيته لازم تنافقني، وإذا ما بغيت تنافقني انطم واسكت".
تعليمات يبدو أنها وصلت لأسماع كثير من المساعدين والمستشارين في الوطن العربي، الذين فهموا أدوارهم بشكل مقلوب، فقلبوا حياتنا رأساً على عقب بل وقلبوا الدنيا فوق رؤوسنا !!
قبل سنوات كنت في مجلس شخصية رفيعة المستوى عندما جاء الحديث عن الرواتب الضخمة لمنتسبي البنوك فسألت تلك الشخصية: هل هناك من يتقاضى هذه الآلاف كراتب شهري – قال مستفهما بلهجة لا تُخفى التعجب – فقفز أحدهم قائلا: وأكثر.. فكل الرواتب في ظل نظامنا الاقتصادي المتين مرتفعة ! فبدا الارتياح على وجه هذا المسؤول فيما نظرت له شزرا لعلمي – وعلمه – بإفك ما يقول !
*******
المسؤولون الكبار في المؤسسات، حكومية كانت أم خاصة، لا يجيدون الاختلاط بالقاعدة من العوام، ويخشون إن هم ما فعلوا أن تهطل عليهم الطلبات وتغرقهم أو تحرجهم، فيستخدمون بعض من حولهم عيونا لنقل الصورة وحناجر تختصر كلمات الصامتين. وينمي هؤلاء المسؤولون ثقةً غير مبررة ولا مسوغة بهؤلاء.. ويقبلون كلامهم دون تمحيص وتدقيق، فيتحول هؤلاء من معاونين ومستشارين لأصحاب سلطة ذاتية، يرفعون نجم من يلمعون صورته، ويدنسون سمعة من يريدون ضرره. ويتحول هؤلاء لأداة تزوير، فهم من جهة لا يصدقون رب عملهم القول لعلمهم بأن الناس "لا يحبون الناصحين" وهم يحتاجون لهذا "الحب" لا سيما مع محدودية إمكانياتهم للبقاء في مواقعهم. لذا يصادقون على أفكار مرؤوسيهم وإن جنحت، وإن شططت، وإن جانبت الصواب.
لماذا فسدت تلك الفئة؟ ومن نلوم على أفعالها المغرضة؟
لا شك لدي أن نسبة لا يُستهان بها هي من نوعية "سليمان أبو الريش" الذي تعرفنا عليه في الثمانينيات؛ رجل مال وأعمال بنفوذ كاركتوري، لذا بحث في مصنع البيض والدجاج الذي بات يديره عن معاون ومستشار يوافقه على كل شيء ويهز رأسه على كل شيء..
منافق بطلب مسبق، وعليه ألا يشعر بالخجل من ذلك.. لذا فلا ضير عليه إن فعل ما تقتضيه "مستلزمات المهنة"، بل اللوم على من وضعه في موقعه هذا وغمره بهذه الصلاحيات.