ممنوع دخول وزارة الإسكان!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٠/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٣:٥٧ م
ممنوع دخول وزارة الإسكان!

علي بن راشد المطاعني

في الوقت الذي يفترض أن تطبق سياسة الأبواب المفتوحة، وإزالة الحواجز بين الموظفين والمراجعين لتسهيل التعاملات وتسريعها لمواكبة التطور في المجالات الإدارية، نتفاجأ بتقليعة جديدة من وزارة الإسكان بإغلاق الأبواب أمام المواطنين الراغبين في مراجعة معاملاتهم المتعطلة في دوائرها، في سابقة خطيرة تضاعف معاناة المواطنين، وتزيد من السخط من الخدمات التي تقدمها ، وتفقد الثقة التي ينبغي أن تعزز في الخدمات الحكومية.
بل ان هذه الممارسات تؤسس لأساليب تعامل غير إيجابية من وزارة خدمية بامتياز يؤمّها المراجعون من كافة محافظات السلطنة بحثا عن معاملة لم تنته من إنجازها، أو متابعة منح أرض معلقة إلى إشعار آخر، أو تمديد لم يوافق عليه، أو تغيير استخدام أرض لم يرض عنه الموظف، الأمر يثير الاستغراب والدهشة عندما توصد الأبواب، وتقام الحواجز بين هذه الوزارة ومراجعيها الذين يقطعون المسافات من أرجاء السلطنة طمعا في إنجاز معاملات يفترض أن تنجز بشكل طبيعي، كأحد أسس التعامل التي ينبغي أن يقوم عليها العمل، وتفتّح عقول المسؤولين قبل أبوابهم للاستماع لمطالب المواطنين وشكاواهم في أهم خدمة ينبغي أن تقدم لهم على أطباق من ذهب لتعمير الأرض التي استخلفهم الله عليها، فماذا يجري في وزارة الإسكان؟ وماهي الدوافع وراء إغلاق الأبواب في وجوه المواطنين وطلب كتابة مذكرات تشرح أسباب طلب مقابلات المسؤولين؟ فهل هذا التعاطي في هذا الوقت بالذات مطلوب، أم أنها بدعة من البدع البيروقراطية.

هل تود الحصول على مثل هذه المقالات مُباشرة على هاتفك المحمول؟ قم بإرسال كلمة "إشتراك" إلى الرقم 98888101 الآن!

في البداية علينا أن نقرّ بأن المواطن لا يراجع وزارة من الوزارات، ولا جهة من الجهات، إلا لمتابعة موضوع معرقل فيها للأسف، وهذه آليات بني عليها سلوك الموظف في الجهات الحكومية، لعرقلة إجراءات المعاملات وتعقيدها، ولمراجعة هذه المعاملة أو تلك، فلا أحد يرغب في زيارة المستشفى إلا إذا كان مريضا كما يقال، والمواطن لا يريد أن يقطع مئات الكيلومترات لكي يتابع إصدار ملكية أو تمديدا لأرض، أو تغيير استخدام أرض من تلقاء نفسه.
فالمعاملات في بعض الوزارات للأسف، لا تنجز إلا بدفع من أحد الأقرباء أوالزملاء أو بتوصية باتصال من الهاتف النقال، أو عبر رسائل الوات ساب، أو يقف المواطن على رأس المسؤول ليدفعه لإنهاء معاملته، فلا نلوم الذين يأتون من كل ربوع عمان ويتجمعون بوزارة الإسكان يوميا، إذا كانت هذه الجهة الحكومية أسست لهذه الممارسات الخاطئة ، تاتي اليوم لتقوم للمواطنين ممنوع الدخول .
ومن الأمور التي ينبغي مراعاتها قبل وضع الحواجز أمام المواطنين، إعطاء صلاحيات للمديريات في المحافظات، لإنجاز معاملات المواطنين لكي يحد من مراجعة الوزارة، فلا يستقيم الأمر ‏بين تعزيز المركزية في اتخاذ القرار والمنع من دخول الوزارة، فاليوم مديرو العموم في مديريات الوزارة بالمحافظات لا يستطيعون تغيير استخدام أرض ولا تمديدها للأسف، فهذه الجزيئات البسيطة وغيرها مربوطة بالمسؤولين، فكيف يمكن للمواطن أن لا يراجعهم، ويعرف أين وصلت معاملته ومتى تنتهي، إلى غير ذلك من بدهيات العمل، اذا كان مديرو العموم يعملون أشبه بالمنسقين لتلقي المعاملات ورفعها للوزارة، دون أن يُخوَّلوا بالصلاحيات لانهاء معاملات الناس، فالوزارة قبل أن تشرع في إغلاق الأبواب، ينبغي عليها أن تمنح الصلاحيات لمديرياتها، وتلغي المركزية المهلكة في اتخاذ القرار.
ربما أرتات الوزارة أن مراجعة المواطنين للوزارة يزعج الموظفين في العمل، ويطرقون الأبواب المغلقة، ويقلقون راحتهم في العمل وإنجاز المعاملات وفق ما يحلو لهم غير عابئين بمراجعة المواطنين، فكما يقال الداخل داخل والخارج خارج، فمتى تنجز المعاملات وترسل أو يظل المواطن ينتظر معاملته إلى أن يترحم عليه الموظفون.

وباختراع هذه الممارسة الجديدة في عالم اليوم، نرى الوزارة الموقرة ، لم تكتف بالمواعيد، وتعال بكرة، وراجع بعد أسبوع، وفوق ذلك تكتمل هذه المعاناة بإغلاق الأبواب، ووضع حواجز في المدخل الرئيسي للوزارة، تفرض على كل مواطن يرغب في مراجعة مسؤول أن يدوّن مذكرة يذكر فيها أسباب المراجعة، وقصة حياته مع معاناة وزارة الاسكان، بعد ذلك يأتيه الفرج، بالمقابلة المنتظرة، أو قد يُكتب له رد فارغ أنه ليس من صلاحياتي أو راجع المسؤول الأعلى، ويبقى المواطن يدور في حلقة مفرغة ،لا يعرف أين منتهاها، هذا واقع مؤلم جدا في الوزارات الخدمية، وتتربع فيه وزارة الإسكان القمة على مايبدو بهذه الممارسات.

قد نعذر أي جهة أخرى عند طلب مقابلة المسؤولين كتابة رسائل لطبيعة عمل تلك الجهة التي تقتضي ذلك، لكن هل نلتمس العذر لوزارة خدمية، كوزارة الإسكان التي ينبغي أن تفتح أبوابها لأبناء هذا الوطن لتقديم خدماتها، بل إذا لم تنجز معاملة مراجع، ينبغي أن يقنعه الموظف بسلامة الإجراءات ومتطلبات الطلبات، قد يقتنع المواطن بالضوابط المعمول بها، والمواطن العماني متفهم للكثير من الإجراءات، والتكثيف من التوعية كجزء من فتح الأبواب وتعزيز التواصل مع الجماهير وليس بوضع المتاريس أمام الأبواب الفخمة، وإقامة أسوار من العزلة بين الجهات والمواطنين، فهي تزيد الضغينة وتضعف الثقة في الوحدات الحكومية، وتراكم المواقف السلبية.
بالطبع إذا كانت وزارة الإسكان لها مسوغاتها في إغلاق الأبواب في وجه المواطن، فعليها أن تعلن للناس الإجراءات المتبعة، احتراما للمواطنين، وامتثالا للأسس التي ينبغي أن تعامل بها الآخرين، مثلما تعلن عن الكثير من ضوابطها ، لكي تختصر المسافات والجهد على المواطنين، الذين يأتون من محافظات مثل مسندم وظفار وغيرهما‏، ويصطدمون بممنوع الدخول، أو اكتب رسالة إلى غير ذلك من البدع الجديدة تسير في الاتجاه المعاكس بالساسيات الجديدة الهادفة الى فتح الأبواب والاستماع للناس ، بل النزول الى الميدان للتعرف على مشكلاتهم.
نأمل من وزارة الإسكان أن تزيل هذه الحواجز، و المتاريس لصدّ المواطنين عند مراجعة معاملاتهم، وأن تكثف من توعية العاملين فيها بأنهم وُجدوا من أجل المواطن، وقضاء حوائجه أينما كان وحلّ، كما جسّد ذلك حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله -.