بالله عليكم.. لا تتركوا الأطفال وحدهم..

لميس ضيف

قابلت ذات مرة رجلا رسم الزمن علاماته على وجهه فناديته «عمو» تهذبا مني واحتراما فلما صدّ نبهتني مرافقتي أنه في الأربعين من العمر!!

كيف!

خجلت وتعجبت: أي همّ وشقاء هذا اللي يذيب الشباب في الجسد لهذا الحد؟
سألتها فأخبرتني بأنه فقد ابنه الوحيد بين ابنتين، وابن أخاه أيضا، في يوم واحد عندما غدر بهما البحر وعاندتهم تياراته وأعادتهم جثثا لذويهم وأكبرهما لم يبلغ الحُلم بعد.. وهم يلومون أنفسهم لتركهما وحدهما في ذاك اليوم الأسود.
لا عجب أنه شاخ إذن.. فما من رزية أكبر من أن يدفن الأب ابنه.. ويعيش في زنزانة تأنيب الضمير لما بقى من عمره..
****
خلال الأيام الفائتة فُجعت قرية بوفاة طفلين، خلال عشرة أيام، في برك السباحة. ولازلت أذكر بحزن واقعة غرق التوأمين «علي وسلمان» اللذين لقيا حتفهما العام الماضي عندما كانا في عهدة جدهما الذي تركهما للحظات ليبتاع لهما سكاكر ومقرمشات من الدكان المجاور فعاد ليجدهما وقد لفظا أنفاسهما الأخيرة. كانت لحظات فقط، ولكنها كانت كافية ليغرقا في بركة مزرعة العائلة حيث لقيا حتفهما وتركا عائلتهما، بل وقريتهما كلها، في حالة انكسار وانهيار. وقد تناهى لسمعي أن الجد تلقى العزاء فيهما وهو في حالة.. لا توجد كلمات لوصفها.
****
حوادث غرق الأطفال في برك السباحة علقم نتجرعه كل عام ومرة بعد مرة. ولا أريد أن أكون قاسية على أحد هنا، وأدرك أن أمر الله ماض على عبيده، لكن تلك الأخبار يجب أن تكون جرس إنذار للآخرين ليحذروا ألف مرة من مغبة الغفلة عن أطفالهم الذين لم يبلغوا أشدهم.
ترك طفل في عهدة طفل.. غير جائز..

ترك طفل لوحده دون مراقبة راشد.. غير جائز..

ولا يجوز أيضا أخذ الطفل لأماكن غير آمنة، يكون فيها معرضا للسقوط أو الانزلاق ورطم رأسه «وقد فقد كثير من الأطفال إدراكهم بسبب حوادث سقوط بالمناسبة»..

الأطفال هبةٌ من الله، وأمانة في الأعناق أيضا..

أتمنى على أصحاب البرك تعليق لوحة بحجم الفجيعة تذكر الأهالي بتلك القواعد. وأتمنى عليهم أيضا تخصيص برك بلاستيكية، من تلك التي تعبئ بالهواء، للأطفال الصغار..

وأبتهل الله أن لا نسمع مجددا عن حوادث غرق الأطفال، لأنها تُدمي قلوبنا جميعا وكان الله في عون ذويهم.