هل أنت ديناصور ؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٤/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
هل أنت ديناصور ؟

لميس ضيف

قادني الحظ العاثر لطبيب عربي مخضرم، ضاق صدر جداره بالشهادات وصور تخرج أحدس أن عمرها 40 سنة أو يزيد، أقترح على زوجي سُبل علاج لآلام ركبته.. سُبل علاج متطرفة لا تتناسب مع حجم مشكلته البسيط.. فقلت له مشككة:
-لا داعي للجراحة يا دكتور.. هناك علاج طبيعي وموضعي وعلاجات بالحقن يجب التدرج بها أولاً..
-هو أنتي الدكتورة ولا أنا يا مدام.. قال لي مستاءً ومتهكما ثم أشار للشهادات التي تملأ جداره، وتُثقل غروره كما يبدو، قائلاً: " لقد درست نص عمري وقضيت النصف الثاني في غرفة العمليات وأعرف بقول أيه"
كنت أنوي أن أقول له.. إن شهادتك هي من عصر الأحفوري والعلم يتطور ويتجدد كل يوم ولكني صُنت لساني.. شرح الطبيب العملية لزوجي الذي سمعه استشارته ووعده بالتفكير في ما قاله..

وعندما قصدنا طبيبا آخر، يتخطى في هذا المجال منذ أعوام معدودة، أستبعد فورا خيار الجراحة لمن هو في حالته.. وخرج لنا بعلاج بديل أثبت نجاحه معنا..

أضرب بهذا الحدث مثالا – لا للأطباء وحدهم – بل للعاملين في كل المجالات والذين تخشبت رغبتهم في التعلم بعد التخرج وركنوا لما تعلموه في جامعات عريقة – ربما – لكنها تقليدية الطابع لا تواكب العصر لا في التعليم ولا في الهندسة ولا الطب ولا التقنية وهي مجالات حية ديناميكية تتغير ثوابتها كل يوم..

إن مشكلتنا الأم في الدول النامية، أننا لا نقيم وزنا للتعلم المستمر " Continuous Education " ، وهنا نسأل القراء الكرام: متى كانت آخر مرة قرأت فيها كتابا في مجالك؟ هل تشترك في المجلات المتخصصة التي تنشر الأبحاث الحديثة أو تتابعها في فضاء الإنترنت الواسع؟

بعضنا لم يقرأ كتابا واحداً منذ أن أنقضت سني دراسته!
وبعضنا يعتمد على ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي ويكتفي به كسبيل أوحد للمعرفة!

وأخطرنا على الإطلاق هو من يقاوم التغيير وهؤلاء هم من أطلق عليهم الديناصورات الذين أكتفوا بما في عقولهم من علم واستعاضوا به عن العالم واتخذوا من الاستخفاف بكل جديد عقيدة لذا تجمدوا في مواقعهم ولم ينالوا حظاً من التطور.

نافلة القول أن على كل منا أن يُصنف نفسه هل هو ديناصور محنط أم كائن متجدد يطور آلياته دوما ويصقل نفسه ويواكب عصره وزمانه.. وإن كنت من الصنف الأول فتيقظ: لأن مصيرك سيكون في مركونا في متحف ما إن لم تتلاحق نفسك..