مدير "المجلس النرويجي للاجئين" لـ "الشبيبة": الاحتياجات الإنسانية تتجاوز قدرتنا

الحدث الأحد ٢٠/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
مدير "المجلس النرويجي للاجئين" لـ "الشبيبة":
الاحتياجات الإنسانية تتجاوز قدرتنا

مسقط – حاوره: محمد محمود البشتاوي

أكد مدير "المجلس النرويجي للاجئين" وولفجانج جريسمان، في حوارٍ مع صحيفة "الشبيبة"، أن طبيعة الصراعات المعقدة في الشرق الأوسط، قلّصت من مساحة العمل الإنساني، مشيراً إلى أن الجهود الإغاثية تنصبُّ الآن لتأمين موجات النزوح المستمرة في مخيمات جديدة، علاوةً على التحضير لتأمين اللاجئين في سوريا والعراق بالتجهيزات اللازمة لمواجهة أشهر البرد قبل قدومها.
واستغرب جريسمان أن تستضيف أغنى ست دول في العالم 9 % فقط من مجموع اللاجئين البالغ عددهم 65 مليون شخص مشرّد، داعياً أوروبا لبذل المزيد من الجهد لاستقبال اللاجئين..، وفيما يلي نص الحوار.

• عرِّفنا بالمجلس النرويجي للاجئين. متى تأسس، ومناطق نشاطهِ، والخدمات التي يقدمها؟
المجلس النرويجي للاجئين هو منظمة مساعدات دولية تأسست العام 1946. ونحن نساعد الناس الذين أجبروا على الفرار من ديارهم بسبب النزاعات والكوارث الطبيعية. واليوم، نحن نعمل في أزمات جديدة وأخرى ممتدة عبر 30 دولة، حيث نقوم بتوفير المساعدات الغذائية والمياه النظيفة والمأوى والمساعدة القانونية والتعليم. والمجلس النرويجي للاجئين هو مدافع صلب عن النازحين. ونحن نعزز وندافع عن حقوق النازحين وكرامتهم في المجتمعات المحلية، مع الحكومات الوطنية وعلى الساحة الدولية. وقد ساعدنا أكثر من خمسة ملايين شخص في العام 2015.

• ما هي أبرز التحديات التي يواجهها المجلس في عملهِ الإغاثي؟
في الصراعات المعقدة التي نعيشها اليوم، أصبح من الصعب بشكل متزايد الوصول إلى المجتمعات المحاصرة في الصراع. إن مساحة العمل الإنساني آخذة في التقلص. وبشكل متزايد تظهر الأطراف المتحاربة تجاهلاً تاماً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويرفضون السماح لمنظمات الإغاثة مثل المجلس النرويجي للاجئين بالوصول إلى المجتمعات التي هي في حاجة ماسة للطعام والماء والمساعدات الطبية. كما أنهم يستهدفون بشكل صارخ العاملين في منظمات الإغاثة الذين يخاطرون بحياتهم لمساعدة المدنيين المحاصرين في الحرب.

• رغم تتابع موجات الهجرة القسرية، وارتفاع أعداد اللاجئين بسبب الحروب والأزمات إلا أن تعامل المجتمع الدولي مع هذه المأساة ما يزال بطيئاً ويسجل تراجعاً في أوروبا في ظل تشديد سياسة الهجرة. في ضوء ذلك، كيف تقيّمون التعاطي مع أزمة اللاجئين والنازحين في العراق وسوريا؟
إن منظمات الإغاثة تبذل كل ما في وسعها لتلبية الاحتياجات الهائلة الناتجة عن الصراعات في دول مثل سوريا واليمن والعراق. ولكن الاحتياجات الإنسانية تتجاوز كثيراً قدرتنا على تلبيتها. فهناك أكثر من 65 مليون شخص مشرّدين في جميع أنحاء العالم، والعدد في تزايد. وعلى أوروبا أن تبذل المزيد من الجهد لاستقبال اللاجئين الذين يخاطرون بحياتهم سعياً للحصول على الأمان على شواطئها.

• ما هي الحلول المناسبة ليقوم المانحون بدورهم كاملاً لاسيما أن أزمة اللاجئين في الشرق الأوسط تتسع وتثقل كاهل الدول المستضيفة؟
الدول المانحة سخية جداً في تقديم المساعدة حتى الآن، ولكن الاحتياجات الإنسانية هائلة ويجب بذل المزيد. وينبغي على الدول الغربية فتح حدودها، وقبول جزء أكبر من عبء هذه الأزمة. فمن غير المقبول أن تستضيف أغنى ست دول في العالم نسبة 9 % فقط من اللاجئين، حيث استضافت كل من الولايات المتحدة والصين واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا 2.1 مليون لاجئ وطالب لجوء العام الفائت، ما يمثل نسبة 8.88 % من مجموع اللاجئين في العالم.

• الشتاء حلَّ في بلاد الشام والعراق، فما هي الإجراءات الممكنة لمنع وقوع كارثة إنسانية باللاجئين لاسيما أن موجات البرد الشديدة لم تأتِ بعد؟
إن منظمات الإغاثة، بما فيها المجلس النرويجي للاجئين، تعمل على التحضير لأشهر البرد قبل قدومها في الدول التي نعمل فيها. على سبيل المثال، في العراق ستنخفض درجات الحرارة إلى ما دون نقطة التجمد في الأسابيع المقبلة، ولذلك فنحن نستعد لتسهيل الظروف على العائلات المشردة. فنحن الآن في طور شراء مجموعات مستلزمات فصل الشتاء لنحو 33000 فرد ممن فروا من الأزمة في الموصل. وتشمل مجموعات المستلزمات بطانية واحدة للفرد وسخان واحد لكل أسرة. كما أننا نخطط أيضا لتوزيع أكثر من ألف مجموعة مستلزمات إيواء لحماية الأسر التي تعيش في مبانٍ متضررة أو غير مكتملة الإنشاء من ظروف الطقس الشديدة.

• يترتب على اللجوء خارج الوطن الأم تعقيدات كثيرة، من بينها المسألة القانونية، فكيف يتم علاجها؟ وهل دول جوار سوريا والعراق تطبّق القوانين الأممية الخاصة بحماية اللاجئين؟
اتفاقية اللاجئين لعام 1951 هي آلية رئيسية لحماية حقوق اللاجئين، وتنص على حقوقهم بمجرد منحهم حق اللجوء. ورغم أن هناك 144 دولة موقعة على هذه الاتفاقية، فليست جميعها ملتزمة بها.

• مخيمات المجلس النرويجي قد تستوعب ما يزيد عن 60 ألف شخص نازح من الموصل، إلا أن تقديراتكم للنازحين عن المدينة بسبب الحرب قد يصل العدد إلى 200 ألف، فكيف سيتم التعامل مع هذه المأساة إن وقعت؟
لقد أنشأ المجتمع الإنساني مخيمات كبيرة تكفي لاستقبال 63000 شخص، ونحن نعد مساحة تكفي لنحو 60000 شخص آخرين. ونحن في سباق مع الزمن لإنشاء مخيمات إضافية تكون جاهزة قبل أن تمتلأ المواقع الموجودة حاليا. وفي ظل التمويل الإضافي، يستعد المجتمع الإنساني لاستيعاب إجمالي 520000 شخص في المخيمات – ويشمل هذا المخيمات الموجودة حاليا والمخيمات قيد الإنشاء والمخيمات قيد التخطيط.

• يعيش سكان الموصل المحاصرون ظروفاً حياتيةً ونفسية قاسية، علاوة على ما يتعرضون له من إرهاب؛ فهل تتم معالجة آثار ما بعد الصدمة للنازحين؟ وهل ثمة تعاون مع مؤسسات وجهات عراقية وإقليمية في هذا الصدد؟
النساء والأطفال هم الفئة الأكثر تضرراً من النزاع في الموصل. وقد تضرروا بصفة خاصة أيضاً بسبب الصراع من أجل استعادة مدينة الموصل. وكثير من النساء اللاتي تحدثنا معهن يعانين من الصدمة وكن يختبئن داخل بيوتهن طوال العامين الفائتين. وقد كن يخشين من مغادرة بيوتهن بسبب داعش. وكثير من الأطفال الذين قابلناهم فاتهم عامان من الدراسة. والمجلس النرويجي للاجئين يعمل في مخيمات النازحين على توفير الدراسة المؤقتة للأطفال وكذلك الدعم النفسي والاجتماعي للنساء والفتيات.
يعاني كثيرون من صدمات نفسية عميقة بسبب الاضطهاد الذي عايشوه تحت داعش. لقد تحدثنا مع أمهات أجبرن على رؤية مشاهد الإعدام الحية ليس لسبب سوى ترويعهن.
بعض الناس الذين يصلون إلى المخيمات يأتون في حالة صحية سيئة، والأدوية والدعم الطبي كانا في انخفاض شديد في الموصل، وبخاصة في الأسابيع الفائتة منذ بدء الهجوم.

• تحدثتم في تقرير لكم عن تهريب النازحين في الموصل مقابل مبالغ مالية، فهل ما تزال هذه العمليات مستمرة؟
لقد تلقينا تقارير منذ أسابيع قليلة تفيد بأن بعض الناس كانوا يدفعون أموالاً للمهربين لمساعدتهم على الفرار من الموصل. والآن في ظل استمرار الهجوم ومساعدة الجيش العراقي للناس على الفرار من المدينة، لم نتلقَ تقارير أخرى عن التهريب.