الجدّية.. والالتزام

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠١/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:١٠ ص
الجدّية.. والالتزام

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

تحدثت، في أكثر من سانحة، عن مشاريع الشباب، باعتبارها محققة لهدفين أساسيين في مسيرتنا التنموية:
أولهما: تعدّ السند الحقيقي للطبقة الوسطى، وعدم تآكلها وسط زحف رأسمالي يأخذ القلّة إلى الطبقة العليا، والأكثرية إلى القاع، بينما الضمانة الأساسية لبقاء المجتمع متماسكا هي تلك الطبقة القادرة على الثبات في منتصف المسافة، فلا ترسل المزيد إلى الواحد في المئة الذين هم في الأعلى على حساب إسقاط المزيد من الأرقام إلى خط الفقر.. أو الوصول بكثافة إلى ما تحته، كما في دول كثيرة حولنا، وهي تجرب عصر الانفتاح الرأسمالي.
وثانيهما: توفير فرص عمل تحفظ للمجتمع كثيرا من أمانه الاقتصادي، حيث يجد المواطن فرصته في لقمة عيش كريمة، مع بقاء السيولة النقدية ضمن دورة الاقتصاد المحلية، وعدم الضغط على الخدمات المدعومة ببلايين الريالات، فيتساوى تحت مظلتها الجميع في ظل غياب خط واضح بين الفئات المستحقة للدعم، والفئة التي يفترض بها أن تقدم الدعم!
لكن تلك المشاريع تبقى أمام محكّين رئيسيين أيضا: الجدّية والالتزام، وفي حديث رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان إشارة قوية إلى المفردتين، وهما ما يحققان النجاح، ليس في قطاع الأعمال فحسب، بل في كافة مشاريع الحياة، الذات والعائلة والوظيفة والمجتمع.
هناك جدّية من الحكومة، من الوزارات المعنية أو المؤسسات، ومن بينها الغرفة، في دعم مشاريع الشباب، على الرغم مما قيل ويقال عن هذه الجدية، والدعم المقدم في إطارها، والنوايا، حسنة كانت أو مشكوكا فيها، لتقديم القطاع الخاص كمساهم.. أو شريك، في مسار التنمية، لا يعتمد على دور الحكومة، والتي كان عليها أن تتخلى عن "سلطتها" القوية عبر الموانع والإجراءات المشددة والتعقيدات التي خسرنا بسببها كثيرا من الفرص، وحان الأوان، ولا يمكن القول إنه فات، لتدارك ما نستطيع من "أفكار" بين أيدينا.
وخلال الفترة الفائتة شهدنا الكثير من فعاليات، رسمية وغيرها، تريد الدفع بمفهوم التنمية المقادة من القطاع الخاص بقصد تحقيق جملة أهداف، بينها التقليل من الاعتماد على مشاريع حكومية قد تتأخر لأسباب مالية أو بيروقراطية، بينما "حيوية" و"مرونة" تنفيذ المشاريع الخاصة رهان مهم في المرحلة الحالية على وجه الخصوص.
ما شدني في حديث رئيس الغرفة، وهو يتحدث عن طرح 11 مشروعا جاهزا للتشغيل من إجمالي 46، جملة تختصر الرغبة الصادقة والحقيقية في دعم مشاريع الشباب، أقتطفها لأهميتها، كما أرى: "بالنسبة للأفكار التي يتقدم بها المواطنون الذين تنطبق عليهم الشروط فإننا لا يمكن أن نتبنى مشروعا إلا إذا كنا مقتنعين به بنسبة 90 في المئة، وذلك يرجع إلى أمر مهم، هو أننا لا نطلب ضمانات من المتقدمين ونسعى إلى تحقيق شركات ذات رأس مال صغير وأرباح كبيرة، وفي حال أن الشركة قد حققت أرباحا فإننا نطالبها بإعادة رأس المال، ولكن في حالة خسارتها لا نطالبها بشيء ونتحمل الخسارة، كما أننا نقدم تسهيلات بالتعاون مع صندوق الرفد وبنك التنمية والبنوك التجارية الأخرى".
هكذا يتبقى الرهان الأهم من قبل الشباب، والرهان عليهم: الجدية والالتزام.