الأربعاء الأخير في مجلس التعاون!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٧/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٤٥ ص
الأربعاء الأخير في مجلس التعاون!

فريد أحمد حسن

بدأ السؤال عما إذا كان اليوم الأربعاء السابع من ديسمبر والذي تختتم فيه القمة السابعة والثلاثون لمجلس التعاون أعمالها في المنامة، هو الأخير في عمر منظومة مجلس التعاون التي تأسست في العام 1981 أم أن هذه المنظومة التي توشك أن تكمل أربعة عقود من النجاح الذي قابله فشل وانتهاء منظومات عربية أخرى عديدة، ولدت معها وقبلها وبعدها، ستستمر لتشهد مئات أو ربما ألوف «الأربعاءات»؟ هذا السؤال يشغل اليوم بال كل الخليجيين، كباراً وصغاراً، المتحمسون منهم للتحول إلى صيغة الاتحاد وغير المتحمسين للدخول في هذه الخطوة في هذه الفترة على وجه الخصوص، أو في كل الفترات، فالسؤال مهم والإجابة عنه صعبة لكنها ستتوفر خلال الساعات المقبلة وقبل أن يلفظ هذا اليوم أنفاسه. بعيداً عن العامة وأمنياتهم المتمثلة في التعجيل بالتحول من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد بأي ثمن وأياً كانت الظروف، يتراوح المثقفون الخليجيون في آرائهم ومواقفهم بين الاستمرار في صيغة التعاون والتحول إلى الصيغة الأخرى، ولكل قناعاته؛ منهم من يقول بضرورة الإسراع في هذا التحول والبروز ككتلة واحدة تعين على التعامل مع مختلف التطورات المتلاحقة في المنطقة والتي تهدد دول التعاون لو أنها لم تتخذ مثل هذا القرار السريع، ومنهم من يؤيد التحول إلى الصيغة الجديدة ولكن بشروط منها أن يتحقق قبلها «الإصلاح السياسي والتصالح مع الشعوب ودعم الحريات وإطلاق سجناء الرأي في كل دول الخليج العربية»، ومنهم من انحاز إلى الرأي القائل بالتريث في اتخاذ قرار صعب كهذا على اعتبار أن هدم منظومة ناجحة بكثير من المقاييس كمجلس التعاون وتأسيس منظومة أخرى مكانها تقبل احتمالي النجاح والفشل سيمنع من العودة إلى الأصل في حالة الفشل فتخسر دول الخليج العربية الست المنظومتين معاً وتكون من ثم مكشوفة لكل من قرر أن يمارس عليها دور العدو ومكشوفة للإرهاب الذي يتطلب مواجهة جماعية وتكامل في المنظومة الأمنية متوفرة اليوم بقوة لكنها ستغيب في حالة انفراط عقد التعاون.

هذا يعني أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية على شفا تحول تاريخي من شأنه أن يغيّر الكثير من القواعد ويؤثر في العلاقات بينها وبين دول الإقليم والعالم، وبينها وبين بعضها البعض أيضاً. في حالة اتخاذ القمة اليوم قراراً بالتحول إلى الاتحاد فإن هذا يعني أن الموافقين سيتراوح عددهم بين اثنين وخمسة، على اعتبار أن موقف سلطنة عُمان معروف ومحسوم من قبل وهو عدم المشاركة في الاتحاد، وعلى اعتبار أن الأكثر حماساً للتحول هما المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، وهذا يعني، في حال تريث أو عدم قبول دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت ودولة قطر، كلها أو بعضها للمشروع، يعني أن الاتحاد سيقتصر في مرحلته الأولى على دولتين فقط، وقد يوصف القرار بأنه مغامرة بسبب أن تغيّرات كثيرة يمكن أن تشهدها المنطقة في السنوات القليلة المقبلة ربما تجعل الدول التي تريثت في اتخاذ قرار بالدخول في المنظومة الجديدة اتخاذ قرار بالمزيد من التريث، وفي كل الأحوال يكون مجلس التعاون قد انتهى، ويكون هذا اليوم هو الأربعاء الأخير فيه.

اتخاذ قرار بالتحول إلى صيغة الاتحاد في هذا اليوم - الذي ربما تتخلله أحداث تؤثر فيه وفي القرارات الأخرى التي تم الإعداد لها وصياغتها ولم ينقصها إلا إعلان القادة لها عبر البيان الختامي للقمة – مسألة صعبة للغاية، والسبب هو تقلب الأوضاع في المنطقة والمساحة المتاحة للمفاجآت.

في اعتقادي أن هذا الملف هو الذي سيحظى بالنصيب الأكبر من المناقشات في اجتماع القمة خصوصاً مع اتخاذ الكونجرس الأمريكي قراراً بتمديد العقوبات لمدة عشر سنوات على طهران وتهديد إيران باتخاذ قرارات مضادة من الطبيعي أن تكون ذات علاقة بالملف النووي، وهو ما سيعيد الأمور ذات العلاقة بهذا الموضوع إلى نقطة الصفر، ما يعني أن المنطقة على موعد مع اختلال جديد يتطلب التفكير ملياً في قرارات التعامل معها، حيث احتمالات حصول مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران ستظل من الآن وربما حتى نهاية فترة ترامب قائمة، وهذا من شأنه أن يكلف دول الخليج العربية الكثير، ويتطلب منها التريث في اتخاذ قرار التحول إلى اتحاد والتمسك بصيغة التعاون في مثل هذه الظروف غير العادية والمنبئة بالكثير من المفاجآت.
ومع هذا يظل السؤال مسيطراً ومدوياً، هل نعيش اليوم الأخير من عمر مجلس التعاون الذي حقق الكثير من المنجزات؟ هل هذا هو الأربعاء الأخير فعلاً في مسيرة هذه المنظومة التي أدهشت العالم باستمرارها وطال عمرها حتى ناهزت الأربعين؟
دونما شك فإن شعوب دول التعاون تثق كثيراً في حكمة قادة التعاون، والأكيد أنهم لن يتخذوا إلا القرارات التي تصب في مصلحة هذه الشعوب والدول الست، ولن يتخذوا إلا القرارات التي من شأنها أن توفر الإحساس بالأمن والأمان للجميع.

كاتب بحريني