«عُمان للمؤتمرات».. وشهادة للتاريخ

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٨/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:١٠ ص
«عُمان للمؤتمرات».. وشهادة للتاريخ

عيسى المسعودي
Ias1919@hotmail.com

مركز عمان للمؤتمرات والمعارض والذي بدأ يستضيف عددًا من المعارض والفعاليات المتخصصة يعد أحد المشاريع الاستثمارية الجديدة التي خططت لها الحكومة خلال السنوات الفائتة، وبدأنا الآن نشاهد ملامح هذا المشروع الكبير على أرض الواقع، حيث بدأت الشركة العمانية للتنمية السياحية «عمران» بافتتاح إحدى مراحل المشروع وهو مركز عمان للمؤتمرات، بينما العمل لا يزال مستمراً في تنفيذ المشروع بالكامل وإنجاز باقي المراحل الأخرى، والتي تتضمن أيضاً إنشاء فنادق ومركز للتسوق ومنطقة تجارية متكاملة.

هذا المشروع يشكل إضافة مهمة وجديدة ويساهم في تعزيز البنية الأساسية لقطاعات مختلفة مثل القطاع الفندقي وقطاع المؤتمرات والمعارض والقطاع السياحي بشكل عام، وبلا شك فإن هناك مكاسب عديدة لا يمكن حصرها في سطور، ولكن المتتبع والمختص في المجال الاقتصادي يدرك أهمية إنشاء مثل هذه المشاريع في بلادنا، فنحن بحاجة ماسة إلى المزيد منها لتعود بالمنفعة على الاقتصاد العماني، ولمكاسب أخرى مثل توفير فرص عمل للمواطنين، وإنشاء مناطق تجارية واقتصادية متطورة تعزز من مكانة السلطنة كوجهة اقتصادية واستثمارية.

جميعنا يتذكر في العام 2011 النقد الذي تعرضت له الحكومة والتشكيك بأهمية وجدوى إنشاء مشروع مركز عمان للمؤتمرات والمعارض الذي تم الإعلان عن إنشائه ووضع حجر الأساس للمشروع بتكلفة قد تصل إلى 400 مليون ريال عماني، وكان هناك هجوم كبير حول هذا الموضوع ومطالبة بإلغاء المشروع والاهتمام أكثر بالأمور المتعلقة بالحياة المعيشية والاجتماعية، ورغم أن الحكومة شرحت إيجابيات المشروع في ذلك الوقت وأهميته المستقبلية لتعزيز البنية الأساسية والاستثمارية وأيضاً أهميته في دعم القطاع السياحي وقطاع المعارض والقطاع الفندقي وغيرها من القطاعات التي يمكن أن تستفيد من إنشاء المشروع والفوائد المتعددة الأخرى التي يمكن للسلطنة الاستفادة منها، إلا أن البعض واصل الهجوم وأصرَّ على عدم أهمية هذا المشروع، لكن الحكومة كانت لديها نظرة مستقبلية ومقتنعة بأهمية إنشاء مركز عمان للمؤتمرات والمعارض وتدرك أهمية وجود مثل هذه المشاريع التنموية في تنويع مصادر الدخل، لذلك استمرت شركة عمران في تنفيذ المشروع حسب المراحل المحددة وحسب الخطة المعتمدة، والتي تؤكد من خلالها الحكومة في تلك الفترة عدم تراجعها عن تنفيذ المشاريع التنموية أو تأجيلها لما لها من أولوية وأهمية كبرى في اقتصادنا وفي حياتنا ولها إيجابيات عديدة لا يمكن حصرها بهدف تحقيق الهدف العام وهو تحقيق متطلبات التنمية الشاملة.
لقد كتبت في وقت سابق عن أهمية إنشاء مركز عمان للمؤتمرات، حيث تفتقد السلطنة هذا النوع من المشاريع خاصة أن لدينا مركزاً وحيداً وقديماً وأصبح لا يلبي الطموحات مع تطور قطاع المعارض والمؤتمرات والذي يشهد نقلة نوعية وطفرة كبيرة، وبالتالي وجود مركز جديد مطلب مهم للقطاع الحكومي والخاص وللعديد من الشركات والمؤسسات وللمختصين والمشغلين في هذا الجانب وأيضا للجمهور، حيث يفتح المركز آفاقاً جديدة ويساهم في استضافة العديد من المؤتمرات المحلية والإقليمية والعالمية، كما يساهم في تنظيم مختلف المعارض المتخصصة وتنظيم العديد من الفعاليات الجماهيرية، إضافة إلى ذلك فالشركة المنفذة للمشروع تقوم حالياً باستكمال المراحل الأخرى مثل إنشاء الفنادق والمنطقة التجارية وغيرها من الخدمات والمرافق.
لقد قمت قبل أيام بزيارة المركز الجديد مع مجموعة من رجال الأعمال ومن الزملاء والأصدقاء والجميع كان منبهراً وفخوراً بإنشاء هذا المركز بهذه المواصفات العالمية وبالقاعات المتعددة وغيرها من الخدمات، لقد حوَّل المشروع المنطقة المحيطة به إلى منطقة حيوية ومليئة بالحركة والنشاط بعد أن كانت مجرد جبال وصحراء، كذلك نستطيع الآن أن نفتخر بوجود مثل هذا المركز أو المشروع والذي سيشكل إضافة جديدة ومهمة على مختلف المستويات، حيث يمكن الآن لهذا المشروع الاستثماري استضافة مختلف الفعاليات حتى الفعاليات العالمية وبشكل منظم ومشرِّف، وبالتالي سيشكل عائداً اقتصادياً ومادياً واستثماراً ناجحاً وإيجابياً للسلطنة على المدى المتوسط والبعيد، خاصة إذا نجحنا في إدارة واستثمار المشروع بالشكل الممتاز.
إن تنفيذ هذا المشروع رد على كل المنتقدين والمشككين في جدوى إنشائه وهذه شهادة للتاريخ، كما يجعلنا أمام حقيقة واضحة أننا في السلطنة بحاجة ماسة إلى تنفيذ العديد من المشاريع الاقتصادية والاستثمارية المشابه لمشروع مركز عمان للمؤتمرات والمعارض وفي مختلف القطاعات لأنها باختصار لها إيجابيات عديدة وتخدم قطاعات متعددة ولها مكاسب مباشرة وغير مباشرة.
إننا عندما نشاهد اليوم مشروع مركز عمان للمؤتمرات والمعارض على أرض الواقع والانطباع الأوليَّ على نجاح دراسة الجدوى، ولنكون منصفين علينا تقديم الشكر والتقدير لكل المسؤولين الذين كانوا خلف هذا المشروع منذ البداية وساندوا الفكرة وأصروا على تنفيذها، وفي مقدمتهم وزير الاقتصاد الوطني نائب رئيس مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة السابق أحمد بن عبدالنبي مكي، والمرحومة وزيرة السياحة رئيسة مجلس إدارة شركة عمران السابقة راجحة بنت عبدالأمير، وغيرهم من المسؤولين الذين كانوا لهم دور بعد ذلك بأن نشاهد هذا الصرح الاقتصادي، واليوم على المسؤولين القائمين على إدارة مشروع عمان للمؤتمرات الدور الأكبر في المحافظة عليه وفي التسويق والترويج للمشروع على كافة المستويات بحيث يكون على خريطة المراكز الإقليمية والعالمية وينجح في استضافة أكبر المؤتمرات والمعارض العالمية، فهذا هو التحدي الأكبر الآن حتى نواصل تحقيق النجاح والاستفادة من المشروع بشكل ممتاز ليس فقط على المستوى العوائد المالية وإنما على مستوى الأهداف الأخرى المتعلقة بتوفير فرص العمل للشباب العماني، كذلك على أفراد المجتمع أن يدركوا أهمية إنشاء وتنفيذ مثل هذه المشاريع الاستثمارية على الاقتصاد الوطني وأن يكونوا معول بناء لا معول هدم، فمن خلال هذه المشاريع وغيرها يمكن تحقيق التنويع الاقتصادي المنشود وعلى الحكومة الاستمرار في هذا النهج، فالسلطنة تحتاج لمزيد من هذه المشاريع في المرحلة المقبلة وفي مختلف المجالات والقطاعات الاقتصادية.