المبالغة في "الخصوصية العمانية" تبطئ التحول الاقتصادي للسلطنة

مؤشر الأربعاء ٢٨/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
المبالغة في "الخصوصية العمانية" تبطئ التحول الاقتصادي للسلطنة

مسقط - يوسف بن محمد البلوشي

أكد عدد من الاقتصاديين أن مصطلح الخصوصية العمانية ما زال غير معروف ولا يوجد له إطار واضح، مطالبين بضرورة تحديد خيار السلطنة الاقتصادي وتوجهاتها في الانفتاح على العالم.
وأضاف الاقتصاديون أن المبالغة في الخصوصية تسببت بطئ التحول الاقتصادي للسلطنة وإلغاء عديد من المشاريع الاستراتيجية بداعي الخصوصية، في حين أن الاقتصاد ذو توجه عالمي والتنافس فيه على قدرة البلدان على الانفتاح على الآخر مع الحفاظ على الأسس الثقافية والاجتماعية القائمة عليها الدول.
وحول هذا الموضوع أكد عضو مجلس الدولة وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية د.سعيد المحرمي أن الباحثين الاقتصادين دائما ما يركزون على أن الاقتصاد يأتي أولا وعلى أهمية اندماج الاقتصاد المحلي مع الاقتصادات العالمية لتعزيز القدرة التنافسية.
وأضاف المحرمي أن في السلطنة هناك مبالغة بعض الأحيان في استخدام مصطلح الخصوصية في المجالات الاقتصادية، والذي أدى بدوره إلى بطء في النمو الاقتصادي وعرقلة بعض المشاريع الاستراتيجية التي كانت ستسرع من التنويع الاقتصادي للسلطنة.
وأفاد المحرمي أن الانغلاق عادة ما يؤدي إلى الانهيار الاقتصادي وإلى تراجع التصنيف في المؤشرات الاقتصادية العالمية، مشيراً إلى أن على السلطنة المسارعة في الاندماج الاقتصادي مع العالم والأخذ بالتطورات الاقتصادية والمالية العالمية لتحقيق الديمومة الاقتصادية والرفاه للدولة.
وأكد المحرمي أن الانفتاح لا يعني الانسلاخ من القيم والثقافة والمورثات المحلية، وإنما سيساعد على الحفاظ عليها إذا ما تم تأطيرها وتحديد التوجهات الاقتصادية بالتوازن مع الجوانب الاجتماعية والثقافية للمجتمع العماني.
من جانبه قال رجل الأعمال سمعان كرم إن الخصوصية هي خيار تتبناه الحكومة بالتوافق مع المجتمع عبر ممثليه في المجالس المنتخبة، مشدداً على أن الخصوصية ليست موروثات يحتكم إلها وإنما يعني التوجه الاقتصادي الذي تسعى البلد إلى تحقيقه.
وأضاف كرم أن مفهوم الخصوصية في السلطنة ما زال غير واضح والتوجهات الاقتصادية محل بحث، مؤكداً أن من ضرورة تحديدها للانطلاق من خلالها في تحقيق النمو في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وبيَّن كرم أن الخصوصية يجب أن تكون دافعاً للانفتاح الاقتصادي وليس عائقاً لها، مشيراً إلى أنه يمكن للسلطنة أن تختار السياحة كعنصر خاص بها تنطلق من خلاله وتحقق النمو الاقتصادي به ليكون قاطراً للقطاعات الأخرى كالنقل والإنشاءات والضيافة وغيرها من القطاعات المرتبطة.
وأفاد كرم أن الفهم الخاطئ للخصوصية وربطه بالموروثات أدى لتخلفنا عن الركب العالمي، حيث إن كثيرا من الدول فهمت معنى الخصوصية واختارت المسار الاقتصادي الخاص بها واليوم نحن نراها في مقدمة الدول الاقتصادية.
من جانبها قالت نائبة رئيس اللجنة الوطنية للشباب وعضوة مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية آن بنت سعيد الكندية إن التمسك "بالخصوصية العمانية" يعني عدم التحول الاقتصادي الفكري والتقليد الأعمى للغير بما يخرج السلوك المجتمعي عن أطره الثقافية وقيمه الأخلاقية، متسائلة حول هل أن الاستخدام الذي يتم لهذا المصطلح يحمل في طياته مقصوده الحقيقي؟

وأضافت الكندية أن لكل شعب على وجه الكرة الأرضية خصوصيته التي تميزه عن باقي البلدان وهو أمر بديهي، فإن الأمر نفسه ينطبق على الشعب العماني، لكننا اليوم في عصر المواطن العالمي والاقتصاد العالمي، ومن الخطورة تبرير عدم القيام بأشياء كثيرة وجديدة بعدم انسجامها مع المقصود الحقيقي لـ "الخصوصية العمانية"، مشددة على ضرورة أن تقوم النخب الفكرية العمانية بتعريف واضح لـ "الخصوصية العمانية".
وأفادت آن أن تحميل الخصوصية العمانية بأكثر من ما تتحمل يشكك المجتمع في قيمه الجميلة كالكرم والنخوة لمساعدة الغير، وهي قيم تراكم بناؤها عبر التاريخ، واعتبارها -أي الخصوصية- شماعة في عرقلة النمو له ردود فعل عكسية لدى الشباب إذا ما اصطدموا بواقع لا يعكس ما يُصور له من الخصوصية عبر الابتعاد عن المصداقية بكثرة الاستثناءات.