عُمان والتحالف الإسلامي

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٤/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
عُمان والتحالف الإسلامي

فريد أحمد حسن

فور انتشار خبر انضمام عُمان للتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب بقيادة السعودية الخميس الفائت، شرّق الكثيرون وغرّبوا في محاولة للبحث عن إجابة لسؤالين فرضا نفسيهما، الأول ما الذي جعل السلطنة تقرر الانضمام للتحالف بعد سنة كاملة؟ والثاني هل هذا يعني أنها ستتحرر من المبادئ التي ظلت ثابتة عليها فتشارك في العمليات الحربية وخصوصا في اليمن التي بدأ بها التحالف المذكور؟ سؤالان مهمان، لكن أمرا مهما آخر غاب عن الكثيرين هو أن انضمام السلطنة لتحالف الدول الإسلامية يدخل في باب التأكيد على الموقف العُماني في محاربة الإرهاب بكافة أشكاله ويدخل في الوقت نفسه في باب التأكيد على الدور العُماني في حل القضايا ونشر السلام، وهذا وحده يكفي جوابا عن السؤال الثاني الذي شغل بال الكثيرين منذ لحظة الإعلان عن قرار السلطنة وصدور البيان الرسمي عن وزارة الخارجية.

ما غاب، ويغيب عن الكثيرين أيضا هو أن في عالم السياسة تتغير المواقف بتغير الظروف، وهذا يعني أن الظروف التي كانت سائدة ساعة إعلان الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي عن التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب لم تشجع عُمان على الانضمام للتحالف فآثرت أن تبقى خارجه، وهو يعني أيضا أن الظروف اليوم تغيرت فأتاحت لعُمان إعادة النظر في موقفها فاتخذت قرارها بالانضمام إلى التحالف، ولولا هذا لما اتخذت السلطنة هذا القرار. هكذا بكل بساطة. وبكل بساطة أيضا يمكن القول إن الكثير من التحليلات التي تناولت الخبر جانبها الصواب، حيث اتخاذ عُمان هذا القرار لا يعني أبدا أن علاقتها الطبيعية مع إيران قد تغيرت كما رأى البعض أو أنه «تبين لها عدم جدية أو فائدة التعاون مع الإيرانيين» فانتقلت إلى المعسكر الآخر، ذلك أن العلاقات بين الدول تختلف عن العلاقات بين الأفراد التي تحكمها العواطف وكثير من قصر النظر، فالقصة مختلفة تماما عن قصة الانتقال من ناد رياضي إلى ناد آخر!

انضمام السلطنة إلى التحالف الإسلامي لا يعني أبدا أنها قررت «الابتعاد عن سياسة الهدوء والنأي بالنفس وعدم لعب دور الوسيط في الصراعات والعلاقة بين الدول وخصوصا مع إيران» كما اجتهد البعض، ذلك أن انضمامها للتحالف يمكن أن يتيح لها مجالا أكبر للتحرك وتحقيق ما هي عليه دائما. وعليه فإن القول إن انضمام السلطنة للتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب الذي تقوده السعودية «أحدث صدمة في الأوساط الإيرانية» يدخل في باب التجديف لأن السلطنة لم تكن أبدا جزءا من تحالف إيراني وهي لم تبتعد أبدا ولا تستطيع أن تبتعد عن عمقها الاستراتيجي المتمثل في دول الخليج العربي، وإن كان صحيحا القول إن هذه الخطوة من شأنها أن تؤثر على خارطة التحالفات القائمة في منطقة الشرق الأوسط المضطربة.

اقرأ أيضا: تهريب السلاح واللوحات العمانية

أيضا لم يكن مناسبا استخدام البعض لعبارة «عودة عُمان لبيتها الخليجي» والسبب هو أن عُمان لم تخرج أصلا من بيتها الخليجي حتى تعود، أما اختلاف موقفها إزاء بعض القضايا عن دول المجلس أو بعضها لا يعني خروجها لأن هذا حقها وليس فيه مخالفة للنظام الأساسي لمجلس التعاون الذي يعطي كل دولة عضو حقوقا واضحة من بينها حق اتخاذ القرارات التي تخدم سياساتها واستراتيجياتها.
انضمام عُمان للتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب لا يعني أبدا انحرافها عن الخط الذي اتخذته لنفسها وعرفت به ، لهذا فإن الأكيد أنها لن تشارك في الحرب الدائرة في اليمن ولا في غير اليمن ولكنها ستستفيد من التحالف في بذل مزيد من الجهود لإنهاء هذه المشكلة وغيرها من المشكلات التي تمنع البلاد العربية والإسلامية من النمو والتطور، أي أن عُمان ستستمر في استخدام سلاح الدبلوماسية وليس العسكرية، دون أن يعني هذا أنها ستتخذ موقفا سالبا في الشدائد، ذلك أن من الطبيعي أن تضع قدراتها العسكرية تحت تصرف التحالف الإسلامي إذا اقتضت الضرورة ووجدت أن الظروف تحتم عليها القيام بذلك، فللضرورة أحكام.
بيان الخارجية العُمانية وفر إضاءات مهمة للمهتمين بالشأن السياسي حيث أشار إلى أن انضمام السلطنة إلى التحالف يأتي في سياق الفهم المشترك للدول الإسلامية، وعلى وجه الخصوص دور وقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة على أهمية تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المناطق التي يسودها العنف الإرهابي المسلح، وإن «سلطنة عُمان سوف تبذل، وكما كانت على الدوام كل الجهود مع الأشقاء والأصدقاء لتوفير بيئة إقليمية يسودها الأمن والسلام في هذه المرحلة التي يتوجب تعاون كل الأطراف لتحقيقها» وهو ما يؤكد استمرار السلطنة في رؤيتها التي أساسها إرساء السلام والاستقرار.
ما يهم عُمان هو استقرار المنطقة، ولأن الظروف تغيرت قررت الانضمام إلى التحالف الإسلامي، لكنها بالتأكيد ستستمر في العمل على منع حدوث مواجهة إقليمية بين الرياض وطهران مثلا، وستبذل كل ما تستطيع لجعل هذه المنطقة مستقرة وآمنة، أي أن عُمان ستستمر في القيام بدور الوسيط في كل حين ولن ترضى إلا بتحقيق حالة الاستقرار التي تنشغل بها.
الأكيد أيضا لم يكن تقارب عُمان مع إيران على حساب السعودية، ولن يكون تقاربها مع السعودية على حساب أمن المنطقة واستقرارها، لهذا فإن علاقتها بإيران وغير إيران لن تتغير، وبالتأكيد فإن التزامها بالمبادئ التي اعتمدتها في حياتها وسياستها لن تتغير أيضا.

كاتب بحريني