اقتصاديون : التوظيف العشوائي بدون خطة وطنية سيزيـد طـوابيـر الباحثيـن عـن عمـل

مؤشر الخميس ٠٥/يناير/٢٠١٧ ١٥:٤٠ م
اقتصاديون :
التوظيف العشوائي بدون خطة وطنية سيزيـد طـوابيـر الباحثيـن عـن عمـل

مسقط - يوسف بن محمد البلوشي

في الوقت الذي أكدت فيه الموازنة العامة للدولة على التعويل على القطاع الخاص في استيعاب الباحثين عن عمل في ظل محدودية التوظيف الحكومي، أشار عدد من الاقتصاديين إلى أن التوظيف العشوائي بدون وجود خطة وطنية للتوظيف على المديين المتوسط والبعيد سيراوح التوظيف في مكانه وستزداد طوابير الباحثين عن عمل عامًا بعد عام.

وفي هذا الإطار أكد رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشـورى سعادة د.صالح بن سعيد مسن الكثيري أن توظيف الشباب العماني يأتي في قائمة أولويات مجلس الشورى وهناك مناقشات متكررة بضرورة إيجاد خطة وطنية للتوظيف سواء كان في القطاع الخاص أو القطاع الحكومي، إلا أنه إلى الآن لم تثمر هذه النقاشات عن إستراتيجية وطنية طويلة المدى للتوظيف.

خطة استراتيجية للتوظيف

وأضاف الكثيري أن وجود خطة استراتيجية للتوظيف كان من المفترض أن يسبق الموازنة وتأتي الموازنة فيما بعد لتضمن الاعتمادات اللازمة لتنفيذ هذه الخطة، مؤكدًا أن إيجاد هذه الخطة وتنفيذها يقع في إطار مسؤوليات الحكومة وعليها القيام بواجبها في هذا الجانب.
وحول تضمن الخطة الخمسية التاسعة لملف التوظيف قال الكثيري إن برامج التوظيف للباحثين عن عمل غير واضحة في الخطة الخمسية التاسعة، مشيرًا إلى أن مجلس الشورى ينتظر حاليًا رد المجلس الأعلى للتخطيط لما وصلت إليه الخطة الخمسية التاسعة وسيكون ملف التوظيف من أبرز المواضيع التي سيتم التركيز عليها عند استضافة المجلس لأمين عام المجلس الأعلى للتخطيط.

وأضاف الكثيري أن الخطة الوطنية للتوظيف يجب أن تشمل جميع المرتكزات التي يعتمد عليها توظيف الباحثين عن عمل كفتح الاستثمار الأجنبي ومعالجة تشوهات سوق العمل ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات المرحلة وتحفيز القطاعات المولدة لفرص العمل وتأهيل الشباب للدخول لسوق العمل وغيرها من المرتكزات التي يجب أن تشملها الخطة الوطنية مع وجود مؤشرات قياس واضحة لها.

القطاع الخاص ودوره الوطني

وبيَّن الكثيري أن القطاع الخاص هو الآخر يتحمل مسؤوليته الاجتماعية في استيعاب الباحثين عن عمل، مشددًا على أهمية أن يقوم القطاع الخاص بدوره الوطني في تشغيل الشباب العماني ودعم برامج التدريب والتأهيل لصقل الشباب العماني بالمهارات اللازمة في سوق العمل.
وحول تضمن برنامج تنفيذ لقطاع التشغيل قال الكثيــري إن مجلس الشورى يراجـــع حاليًا ما خرج عنـــه برنامج تنفيذ في مراحله الأولــى، وسندعم كل ما من شأنه فتح الاستثمار الأجنبي وتسهيل توظيف الشباب العماني، وسنقوم بتبني مشاريع القوانين والتشريعات التي اقترحها برنامج تنفيذ لتحسين البيئة الاستثمارية للاقتصاد الوطني.
وأضاف الكثيري أن مجلس الشورى يحرص علـــى مسألة التوظيف عند مراجعته لجميع القوانين الاقتصادية بحيث تتضمن القوانين بنودًا ومواد تساعد على توظيف الباحثين عن عمل بصورة مباشرة وغير مباشرة.

تغيير التشريعات وتعزيز ثقافة العمل

من جانبه قال مدير مركز الدراسات الإنسانية بجامعة السلطان قابوس د. ناصر بن راشد المعولي إن القطاع الخاص به فرص توظيفية جيدة خاصة إذا ما عرفنا أن أعداد الباحثين عن عمل لا تتجاوز 100 ألف مواطن عماني في حين أن أعداد القوى العاملة الوافدة في القطاع الخاص تزيد عن مليون ونصف عامل.
وأضاف المعولي أن توظيف الشاب العماني في القطاع الخاص يحتاج إلى تغيير في التشريعات المنظمة لسوق العمل وإلى تعزيز ثقافة العمل لدى الشباب العماني وموائمة البرامج التعليمية مع متطلبات سوق العمل والتركيز على التعليم التقني.
توسيع القاعدة الاقتصاديةوأضاف المعولي أن توسيع القاعدة الاقتصادية يعد من أهـــم محفـــزات التشغيل مع ضرورة التركيز على القطاعات المشغلة للأيدي العاملة الوطنية وربـــط النمو الاقتصـــادي بالتوظيف، مشيــرًا إلى أن السلطنة شهدت خلال الفترة الفائتة نسب نمو جيدة إلا أنها لم تنعكس حقيقة على توظيف الشباب العماني.
وبيَّن المعولي أن هناك تجارب ناجحة في تشغيل الشباب العماني كقطاع النفط والغاز وقطاع البنوك، مشيرًا إلى أهمية الاستفادة من تجربة هذه القطاعات في توفير بيئة العمل المناسبة مع ضرورة إلى التوسع فيها لاستيعاب أعداد أكبر من الباحثين عن عمل.

الوظائف الماهرة

في حين قال الرئيس التنفيذي لشركة الصاروج للخدمات النفطية ورئيس اللجنة القطاعية للتعمين في قطاع النفط والغاز سابقًا سمعان كرم إن القطاع الخاص توجد به اليوم ما يقارب من 400 ألف وظيفة جاهزة للإحلال في الوظائف الماهرة في الوقت الحالي ومناسبة للعمانيين، إلا أن شغلها من قبل العمانيين يحتاج إلى تغيير بعض الإجراءات المعمول بها في القطاع الخاص حاليًا.
وأضاف كرم أن إعطاء القطاع الخاص القدرة على فرز العامل المنتج من غير المنتج والسماح لها باستبدال غير المنتج بمواطن عماني آخر سيجعله يتحمل مسؤوليته في هذا الجانب، مشيرًا إلى أن القطاع الخاص يريد في الأخير عاملًا ملتزمًا وعنده مهارات تمكنه من إنجاز الأعمال المطلوبة منه.
تأهيل وتدريب الشباب العمانيوأضاف كرم أن القطاع الخاص قادر على تأهيل وتدريب الشباب العماني إذا ما أراد ذلك شريطة أن يضمن التزام العامل وقابليته لبرامج التأهيل، مشيرًا إلى أن معظم العمالة الوافدة تأتي إلى السلطنة غير مؤهلة ويتم تأهيلها من قبل الشركات نفسها، مؤكدًا أن الأمر نفسه يمكن أن يتم مع العامل العماني.
وأوضح كرم أن هناك 16 ألف شركة فقط من أصل أكثر 200 ألف شركة مسجلة هي التي تقوم بتوظيف الشباب العماني ومسجلة في التأمينات الاجتماعية، متسائلًا لماذا لا يتم معالجة الخلل في هذه الأرقام حتى نضمن توظيف الشباب العماني.
وأضاف كرم أنه يجب تشجيع الشركات الملتزمة بتوظيف الشباب العماني وإعطاؤها محفزات تساعدها على النمو والتوسع كتسهيل أعمالها وإعطاؤها العمالة الوافدة اللازمة مقابل التزامها بتحقيق نسب التعمين المفروضة.
وحول أوجه القصور في القطاع الخاص في تبني المواطنين العمانيين قال كرم: للأسف القطاع الخاص لم يأخذ التعمين بمحمل الجد واعتبره ضريبة مفروضة من الحكومة في حين كان عليه أن يتعامل معه من منطلق تحقيق المصلحة المشتركة والعمل على إيجاد بيئة عمل محفزة للعمانيين، مشيرًا إلى أن برنامج تنفيذ سعى إلى تحقيق ذلك.
وأضاف كرم أن برنامج تنفيذ إذا ما تم العمل عليه سيوفر 30 ألف وظيفة للعمانيين من خلال المبادرات والمشاريع التي تم اعتمادها، وسيرتفع الرقم إلى أكثر من 70 ألف وظيفة إضافية خلال سنوات الخطة الخمسية التاسعة.