مدنيو الموصل.. رحلة معـاناة لم تتوقف بعد

الحدث الأحد ٠٨/يناير/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص
مدنيو الموصل.. رحلة معـاناة لم تتوقف بعد

مسقط - محمد البيباني

«ثمن باهظ لخلاص محفوف بالمخاطر...»! ربما يكون هذا هو واقع مدنيي الموصل الذين تنتظرهم تضحيات كبيرة قبل أن ينعم من يبقى حيًا منهم بالأمن، التشرد أصبح مصيرهم في الوقت الذي تعالت فيه آمالهم بالخلاص من داعش التي حكمتهم لأكثر من عامين ونصف العام، وها هي معركة الخلاص تطول ولا تبدوا في الأفق نهاية وشيكة لها.

سباق محموم بين إنهاء المعركة وتحرير الموصل من جهة، وبين قدرة مدنييها على التحمل ومواجهة أخطار الموت التي تحيط بهم وتحاصرهم من جهة أخرى.
السؤال الذي ينتظر الجميع إجابته هو: هل تطول معركة التحرير أم أن حسمها بات قريبًا؟
الواقع أنه لا يستطيع أحد أن يجزم بإجابة واضحة فثمة معطيات متناقضة حول الحسم.

الاتجاه الأول:

هناك من يرى أن المعارك ما زال أمامها الكثير لإنجاز مهمة التحرير، ثم وقف المعاناة عن المدنيين وهذا الاتجاه يرتكز على عدد من المعطيات.

تضم الموصل أكثر من 200 ألف مبنى مصممة بطريقة تسمح للقناصة والانتحاريين من تنظيم داعش بمهاجمة القوات العراقية ومباغتتها.

الصعوبة الكبرى في التقدم بقاء عدد كبير من المدنيين، فبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش التي تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، استخدم الإرهابيون لدى انسحابهم إلى الأحياء الغربية المدنيين «دروعًا بشرية».

بحسب آخر الإحصائيات فر أكثر من 100 ألف مدني لكن 1.5 مليون شخص بقوا في الموصل، وقال قادة عسكريون إن هذا أجبر القوات الحكومية على إبطاء وتيرة تقدمها.

الإرهابيون الذين يقدر عددهم ببضعة آلاف في الموصل ما زالوا يبدون مقاومة شرسة مستخدمين الهجمات الانتحارية بسيارات ملغومة ونيران القناصة، ونفذوا مزيدًا من الهجمات ضد قوات الأمن على بعد نحو 200 كيلومتر جنوبي الموصل أمس الأول الجمعة وقتلوا أربعة جنود على الأقل. ومن المتوقع أن يظل تهديدهم قائمًا بالنسبة للعراق وسوريا وأن يبقوا قادرين على التخطيط لهجمات على الغرب حتى إذا سقطت خلافتهم.

اتجاه مغاير

على الجانب الآخر هناك من هو أكثر تفاؤلًا بقرب حسم المعارك، ويستند أنصار هذا الاتجاه على عدة معطيات أيضًا:

لم يعد داعش يسيطر إلا على ثلث أحياء شرق الموصل لكن غرب هذه المدينة الكبرى شمال البلاد وآخر أهم معاقلهم في العراق، لا يزال تحت سيطرتهم الكاملة.

دخول القوات العراقية مدينة الموصل من الشمال للمرة الأولى أمس الأول الجمعة في إطار مرحلة جديدة من المعركة التي تهدف لاستعادة المدينة من أيدي التنظيم شهدت عبور قوات خاصة أحد الأنهار في جنح الليل في هجوم ليلي لم يسبق له مثيل.

تطهير ثلثي محافظة نينوى وهو ما أكده رئيس الوزراء حيدر العبادي حينما أكد قائلًا: «معركتنا ضد الإرهاب في شوطها الأخير.. وقواتنا في داخل الموصل وستقطع رأس الأفعى وتطهِّر كل الموصل قريبًا».

نزوح

قالت الأمم المتحدة إن العاملين في المجال الإنساني في العراق أفادوا بأن أكثر من 133 ألف شخص قد نزحوا جراء العملية العسكرية الدائرة في الموصل التي بدأت في شهر أكتوبر الفائت، ولجأ 87% من بين أولئك النازحين إلى مخيمات داخلية ومواقع الطوارئ حول منطقة الموصل.
وذكرت أنه حتى اليوم ما زالت مساحة المخيمات قادرة على استيعاب النازحين فيما ترتفع بشكل متسارع أسعار المواد الغذائية الأساسية وتجف آبار المياه في شرق الموصل أو تزداد ملوحتها بسبب الإفراط في الاستخدام. هذا بخلاف من يصعب تحديد عددهم ممن يهيمون تائهين في شوارع الموصل ينقلون على عربة ممتلكاتهم الضئيلة، بحثًا عن مسكن مهجور يقيمون فيه بشكل مؤقت. ومن هؤلاء أبو أحمد الذي حل مع زوجته وأولاده الثلاثة ضيفًا لدى أصدقاء «عهدوا» إليه بمنزلهم. لكن أبا أحمد قلق خصوصًا على ابنه أحمد البالغ من العمر ثلاث سنوات ونصف. ويقول أبو أحمد بحزن: «هناك قنابل وغارات جوية... بات يعرف اليوم لغة الحرب. لا يفترض أن يتعلم طفل هذه اللغة».