سوريا.. موسكو ترتب أوراقها

الحدث الاثنين ٠٩/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
سوريا.. موسكو ترتب أوراقها

مسقط – محمد محمود البشتاوي

لا ينفصل القرار الروسي بالانسحاب الجزئي من سوريا، عن ما شهدتهُ الأزمة من تطورات في الأشهر الأخيرة، ومن توجه أنقرة – موسكو نحو إنجاح فرص الحل السياسي في "مباحثات أستانة"، وثمةَ فرضيات أخرى، إذ يعتقد خبراء روس، أن الحملة العسكرية نجحت في "تحرير حلب"، وهنالك من يعتقد أن "الروايات عن صعود روسيا في الشرق الأوسط مبالَغ فيها"، وموسكو تسعى إلى الخروج من المستنقع السوري"، مقابل من يرى أن "الحرب انتهت" و"مصير سوريا بيد الكرملين"، وفق تعبير رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور الأمريكي بوب كوركر.
موقع "روسيا ما وراء العناوين"، استطلع رأي اثنين من الخبراء الروس في تقرير اطلعت عليه "الشبيبة"، ناقشا فيه قرار الرئيس فلاديمير بوتين سحب قوات بلادهِ من سوريا، حيث أكد العقيد المتقاعد ورئيس المركز الدولي للتحليل الجيوسياسي ليونيد إيفاشوف أن "القوات الروسية حققت تقدما كبيرا في سوريا وتحررت حلب، ثاني أكبر مدينة سورية"، والقرار هو لـ"إعطاء الجنود استراحة بعد عام دموي من الصراع".
وحذر إيفاشوف من أن "وقف العملية العسكرية قد يكون له تأثير سلبي على الوضع"، مذكراً في هذا الصدد من "هدنة سابقة توقف فيها القتال لغاية تقديم المعونات الإنسانية، فاستغل المسلحون المتطرفون الموقف، وشنوا هجوما على الخطوط الخلفية للجيش السوري، الأمر الذي تسبب بسقوط مدينة تدمر، لذا فإن هذه الفئة من المسلحين، بحاجة لأن يتم الحرب عليها حتى النهاية".
اللواء المتقاعد ونائب مدير معهد الدراسات الأمريكية والكندية في موسكو لبافل زولوتاريف يعتقد أن روسيا تريد إيجاد حل سياسي للأزمة، والحد من حجم التدخل العسكري، لأنه "من السهل أن تتورط في هذه الصراعات، لكن من الصعب الخروج منها"، و"القيادة الروسية لا تريد تكرار الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان. لذلك، فإننا بحاجة إلى الحد من نشاطنا في سوريا، وأن نفخر بأننا قد حققها الأهداف المرجوة حتى لو لم نصل إلى النصر التام"، مؤكدا أنه "لا يمكن أن تتجنب روسيا في المستقبل المعارك ضد داعش وجبهة فتح الشام (النصرة سابقا)، لأن الحرب ضد هذه الجماعات لم تنتهِ".
وبحسب السلطات الروسية، فإن موسكو، وبتدخلها العسكري في كل من الشرق الأوسط، وأفريقيا، ساعدت على منع انتشار ما أسمته "الثورات الملونة"، وقلصت من تمدد الجماعات المسلحة وأضرت بمصادرها المالية، في سوريا على وجه التحديد"، على حد تعبير وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو الأسبوع الفائت.
في المقابل، رأى تحليل نشرته مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، واطلعت "الشبيبة" عليه، أن الروايات حول النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط "تهويل"، ورأى الباحثان اللذان يعملان في المؤسسة، ريتشارد سوكولسكي، وبيري كاماك، أن وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في سوريا في 29 ديسمبر الفائت "أحدث الخضّات الدبلوماسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. يبقى أن نرى ما إذا ستكون هذه المبادرة، التي تبني على زخم المحادثات السابقة بين روسيا وإيران وتركيا، أكثر نجاحاً من المبادرات السابقة التي انهارت بُعيد إعلانها".
وبحسب تحليل "كانريغي" فإن "المناورات الدبلوماسية والعسكرية التي أجرتها موسكو مؤخراً في الشرق الأوسط تؤشّر إلى بداية حقبة جديدة من الهيمنة الروسية، وقد اعتبر دونالد ترامب في المناظرة الرئاسية الثالثة أن روسيا (سيطرت على الشرق الأوسط).. لكن مهلاً، ليس بهذه السرعة"، لذا يرى الباحثان أن "ثمة مبالغة في تصوير التهديد بأن روسيا ستحلّ محلّ الولايات المتحدة في موقع القوة الخارجية المهيمنة في الشرق الأوسط"، إذ "تبيّن أن نجاحات بوتين في سوريا أقل وقعاً مع مرور الوقتو يبدو أن استراتيجية الخروج الروسية تحتاج إلى درجة معيّنة من التسوية السياسية، لكن من غير المرجّح أن ينتهي النزاع سريعاً، حتى لو تبيّن أن عملية وقف إطلاق النار الأخيرة أكثر قابلية للاستمرار من سابقاتها. في غضون ذلك، تسلّط غزوات داعش الأخيرة في تدمر الضوء على النقص المزمن في القوة البشرية الذي يعاني منه الجيش السوري".
ويرى الباحثان أن روسيا عادت "إلى الشرق الأوسط، بعدما أظهرت قدرتها على استخدام عضلاتها العسكرية لتحقيق نتائج دبلوماسية. وسوف يتعيّن على إدارة ترامب العتيدة أن تحسب حساباً أكبر للخطوات الروسية في المنطقة فيما تعمل على صوغ سياساتها. لكن، وعلى حدّ تعبير الكاتب الأمريكي الساخر مارك توين، المخاوف من الصعود الروسي في الشرق الأوسط مبالَغ فيها إلى حد كبير".