برنامج النمو في الصين

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٠/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
برنامج النمو في الصين

مايكل سبنس

في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة للانغلاق على نفسها، أصبح الأداء الاقتصادي للصين أكثر أهمية من أي وقت مضى على الصعيد العالمي. ستتمكن الصين من تحقيق أنماط النمو المستدام في السنوات المقبلة، إذا اعتمدت عدداً من العوامل الرئيسية.

وتعد علاقة الصين مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب إحدى العوامل الخارجية التي ستشكل آفاق الصين. من الناحية المثالية، على الحكومتين العمل معاً من أجل التفاوض على اتفاقات التجارة والاستثمار ذي المنفعة المتبادلة، بالنظر إلى التحديات التي تواجه كلا الجانبين. لكن النتيجة العكسية -تصاعد النزاعات المضرة بالتجارة والاستثمار- هي أيضاً احتمال واضح.

وتعرف حالة عدم اليقين السياسي تزايداً في أوروبا أيضاً. في حين أن تأثيرها على الصين لن يكون مباشراً مثل قرارات ترامب، لكنها مصدر لمخاطر كبيرة متوسطة الأجل بالنسبة للاقتصاد العالمي بأسره.
في آسيا، العامل الرئيسي الذي يشكل الآفاق الاقتصادية للصين هو التقدم في اتفاقات التجارة والاستثمار الإقليمي التي تقودها الصين. على وجه الخصوص، الاستثمارات في التنمية الإقليمية عن طريق مبادرة «حزام واحد، طريق واحد» وبدعم بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية قد تحقق توسيع التجارة وتسريع النمو في آسيا (وغيرها)، رغم أن النتائج لن تكون فورية.
ويتعلق العامل الخارجي الرئيسي الرابع بأسعار الصرف. حالياً، يواجه الرنمينبي ضغط انخفاض ملحوظ، وذلك راجع للزيادة في تدفقات رأس المال. وفي الوقت نفسه، ارتفع الدولار الأمريكي تحسباً لتوسع ترامب المالي. ويعتمد أداء الصين جزئياً على مدى فعالية هذه الديناميات.
لكن بغض النظر عن الشكوك الخارجية والرياح المعاكسة، تواجه الصين عدداً كبيراً من التحديات الداخلية، والتي قد تعرض اقتصادها لمخاطر أكبر. توجد تلك التحديات -بما في ذلك نقاط الضعف في الاقتصاد الحقيقي والقطاع الخاص، والقدرة المفرطة، والفائدة الزائدة، وأسعار المساكن المرتفعة- بشكل كبير في المشاكل المتفاقمة في القطاع المالي وفشل قادة الصين في التصدي لها.
نظراً للجهود الرامية إلى تعزيز الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي، قام بنك الشعب الصيني بتوفير دفعات من السيولة إلى السوق، أملاً في تخفيف القيود المالية على الشركات والصناعات خاصة الإنتاجية. لكن آلية انتقال السياسة النقدية لا تشتغل، ولن تتمكن السيولة من الوصول للاقتصاد الحقيقي. بدلًا من ذلك، ما زالت البنوك الصينية تخصص الائتمان بشكل كبير إلى الشركات المملوكة للدولة وإلى وسائل تمويل الحكومة المحلية، لكن الائتمان للقطاع الحكومي لا يشجع الاستثمارات التي ترفع الإنتاجية، بل يعزز سوق الإسكان أو العقار والصناعات ذات القدرة الزائدة. في حين تستخدم وسائل تمويل الحكومة المحلية قروضاً منخفضة التكلفة لبناء البنية التحتية، لكن العوائد الاجتماعية من تلك الاستثمارات منخفضة في كثير من الأحيان، وبعد عقود من بناء البنية التحتية السريعة، انخفضت العوائد الثانوية. وفي الوقت نفسه، لا يزال نفوذ الحكومات المحلية في الارتفاع. قد تستخدم الشركات المملوكة للدولة أيضاً النظام المصرفي غير المنظم لإعادة الإقراض بفائدة مرتفعة على الأموال التي يقرضونها لشركات القطاع الخاص، والتي لا يمكن أن تقترض بشكل موثوق من النظام المصرفي الرسمي. في حين أن معدل الفائدة لقرض مدته سنة واحدة في النظام المصرفي الرسمي يقدر بحوالي 5% ( ويهدد هذا الوضع الاقتصاد بأكمله.

حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد وأستاذ الاقتصاد بكلية ستيرن لإدارة الأعمال بجامعة نيويورك