"أنا وكافل اليتيم"

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١١/يناير/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص
"أنا وكافل اليتيم"

علي بن راشد المطاعني

كفالة الأيتام برنامج تعلن عنه الهيئة العامة للأعمال الخيرية، بمساهمة لا تزيد على 35 ريالًا عمانيًا شهريًا لمن أراد أن يحظى بهذا التشريف الكبير في كفالة الأيتام، فالمولى عز وجل كرّم الأيتام بـ 23 آية قرآنية تحث المسلمين على رعايتهم والحفاظ على حقوقهم وأموالهم، وقال في محكم كتابه الكريم: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} البقرة: 215، ويحذر من أكل أموالهم ظلمًا حينما يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}، وهناك الكثير من الآيات الكريمة التي تحضنا على رعاية الأيتام والإحسان إليهم.
ولنا الشرف العظيم عندما نجالس سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في الجنة مع كفالة الأيتام عندما قال: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا"، وأشار بالسبابة والوسطى وعن ابنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنه، أَنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ قَبَضَ يَتِيماً مِنْ بَيْنَ المُسْلِمينَ إلىَ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ أَدْخَلَهُ الله الجَنَّةَ البَتَّةَ إلاَّ أَنْ يَعْمَلَ ذَنْباً لا يُغْفَرُ له"، وعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: حَقَّ الْيَتِيمِ، وَحَقَّ الْمَرْأَة". وغيرها من الأحاديث الشريفة التي تحض على كفالة الأيتام ورعايتهم، وهناك من يستطيع وهو قادر على مساعدة أيتام، وهو ما يتطلب التفاعل مع الأعمال الخيرية التي حثنا عليها الدين الإسلامي الحنيف والسنة النبوية الشريفة والأعراف والتقاليد، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين شكا إليه رجل قسوة قلبه: "إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المساكين وامسح رأس اليتيم".
في الوقت الذي يغرق فيه الكثير منا في البذخ والإسراف في شراء الكماليات، وما لا يحتاج إليه، وما لا ضرورة له، لا يبادر إلى رعاية يتيم لا يكلفه أكثر من 35 ريالًا عمانيًا في الشهر، وهو مبلغ لو قسِّم على شهر واحد فإنه لا يساوي وجبة عشاء لشخص واحد في أحد المطاعم بمسقط، في حين أن هذه المبادرة -رعاية يتيم- تكفل يتيمًا لمدة شهر، وتكفل له طعامه وشرابه وكسوته، فهل نتعظ ونلتفت إلى هذه الأعمال الخيرية وأثرها في الدنيا والآخرة.
إن الهيئة العامة للأعمال الخيرية عندما تفتح مثل هذه القنوات للتبرع للأعمال خيرية ككفالة الأيتام والتبرع للأسر المحتاجة، وعندما تكون من مؤسسة حكومية مؤتمنة وموثوق بها، فإنها تقدم لنا خدمة متميزة نؤْجر عليها في الدنيا والآخرة، ونسهم من خلالها في رفع الضرر عن شرائح مستحقة لكل العون والمساعدة من خلال تحويل هذا الجزء من حساباتنا البنكية إلى أي من حسابات الكفالة والرعاية وغيرها بالهيئة العامة للأعمال الخيرية.
وبالطبع‏ أوجُه الخير كثيرة والأبواب مفتوحة للتبرع سواء من خلال الهيئة أوالجمعيات والفرق الخيرية التي تعمل في كل أنحاء البلاد ولها إسهاماتها المتميزة، فقط يتطلب منا أن نسهم في إنجاح أعمالها ونسهم في إضفاء البهجة على النفوس ونرسم البسمة على شفاه البعض الذين يعيشون بيننا وحرموا من نعمة الأبوّة والأمومة، فلا نحرمهم نحن أيضًا من نعمة الحياة الكريمة التي منّ الله بها علينا وبالخير الكثير مصداقًا لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ، لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}.