خطة ترامب الضريبية والدولار

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٢/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
خطة ترامب الضريبية والدولار

جيتا جوبيناث

الآن وقد انتُخِب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة وتمكن الجمهوريون من السيطرة على مجلسي الكونجرس، بات إصلاح ضريبة الشركات في أميركا قاب قوسين أو أدنى. وتتضمن الحزمة التي تجري مناقشتها حاليا سمتين على قدر كبير من الأهمية: خفض معدل الضريبة من 35% حاليا إلى 20% أو حتى 15%؛ وضريبة "ضبط الحدود" التي تتناسب مع نظام ضريبة القيمة المضافة، ولكنها غير معتادة في حالة ضرائب الشركات.
يفترض أن تتعامل ضريبة ضبط الحدود بشكل مختلف مع المدخلات التي تُشتَرى محليا والمدخلات المستوردة، وأن تشجع الصادرات. ولن يصبح بوسع الشركات أن تخصم تكاليف المدخلات المستوردة من دخلها الخاضع للضريبة؛ ولكن في الوقت نفسه لن تُفرَض ضريبة على عائداتها من مبيعات التصدير.
ترجع فكرة استخدام أدوات السياسة المالية لتحسين القدرة التنافسية التجارية إلى جون ماينارد كينز. ففي تقرير مكميلان الذين تقدم به في عام 1931 إلى البرلمان البريطاني، اقترح كينز ضرورة الربط بين التعريفة الجمركية على الواردات وإعانة دعم الصادرات، ويحاكي هذا التأثيرات المترتبة على خفض قيمة سعر الصرف، والمحافظة في الوقت نفسه على تعادل الجنيه الذهبي. وفي عملنا، أظهرنا أنه بالإضافة إلى هذه التركيبة السياسية، يصبح بوسع الدول التي تحافظ على سعر صرف ثابت أو تلك المنضمة إلى اتحاد عملة أن تحقق نفس التأثير من خلال زيادة ضريبة القيمة المضافة وخفض الضرائب على المرتبات بنسب متماثلة. وقد نالت سياسة المبادلة الضريبية هذه قدرا كبيرا من الاهتمام في منطقة اليورو، مع تطبيقها في ألمانيا في عام 2006، وفرنسا في عام 2012.
ويماثل اقتراح إدارة ترامب المقبلة بخفض الضرائب على الشركات وفرض ضريبة ضبط الحدود فكرة المبادلة بين ضريبة القيمة المضافة والضريبة على الرواتب، فكل من الاستراتيجيتين ترفع تكلفة الواردات وتدعم الصادرات. ولكننا لا نتوقع أن تعمل مثل هذه الاستراتيجية على تحسين القدرة التنافسية الأميركية لسبب بسيط مفاده أن السلطات الأميركية تحافظ على سعر صرف مرن.
وإذا جرى تطبيق الإصلاحات الضريبية التي يقترحها ترامب بالكامل، فسوف ترتفع قيمة الدولار ويرتفع الطلب على السلع الأميركية: ذلك أن خفض الضريبة بنسبة 20% من شأنه أن يدفع قيمة الدولار إل الارتفاع بنسبة 20%. وهذا بدوره سوف يعوض عن أي مكاسب في القدرة التنافسية. والسبيل الوحيد لتجنب هذه النتيجة هو أن يمنع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الدولار من الارتفاع بخفض أسعار الفائدة. ولكن هذا من شأنه أن يغذي التضخم المحلي، وعلى هذا، لا يوجد من الأسباب ما يجعلنا نعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يخطو مثل هذه الخطوة.
ومن هنا، ففي حين قد تعود ضريبة ضبط الحدود بالفائدة على الدول التي لديها سعر صرف ثابت أو المنضمة إلى اتحاد عملة، فإن هذه الضريبة ليس لديها في الأساس أي شيء تقدمه للدول التي تعوم أسعار صرف عملاتها، لأن ارتفاع قيمة العملة الناجم عنها يعوض عن انخفاض القيمة المالية.
بيد أن تأثير ضريبة ضبط الحدود لن يكون محايدا في أميركا. فالدولار الذي ترتفع قيمته على نحو متزايد من شأنه أن يقوض صافي موقف الأصول الأجنبية في أميركا، لأن 85% كاملة من التزاماتها المالية الخارجية مقومة بالدولار، في حين أن 70% من أصولها الأجنبية مقومة بعملات أجنبية. ولأن الأصول الخارجية الأميركية تعادل نحو 140% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وتعادل التزاماتها الخارجية نحو 180% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن ارتفاع قيمة الدولار بنسبة 20% من شأنه أن يُفضي إلى خسارة في رأس المال تعادل نحو 13% من الناتج المحلي الإجمالي.
الواقع أن العواقب المالية المترتبة على مقترحات ترامب سوف تكون مختلطة. فمن ناحية، قد تدفع ضريبة ضبط الحدود العائدات الضريبية إلى الارتفاع، لأن الولايات المتحدة تستورد أكثر مما تصدر. ولأن العجز التجاري الأميركي يبلغ 4% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن ضريبة ضبط الحدود بنسبة 20% من شأنها أن تخلق عائدات ضريبية إضافية تعادل نحو 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي. ومن ناحية أخرى، سوف يعمل خفض معدل الضريبة المفروضة على دخول الشركات إلى تناقص الإيرادات وإلغاء أي مكاسب متحصلة من الضريبة المفروضة على الواردات في الأساس.
من المؤكد أن ضريبة ضبط الحدود قد تحقق فوائد أخرى لم نناقشها بعد. فهي قد تعمل على توليد إيرادات ضريبية إضافية من خلال إثناء الشركات الدولية عن الانخراط في عملية "التسعير التحويلي" بين فروعها المختلفة، أو تحويل الأرباح إلى الدول حيث الضرائب منخفضة. وبطبيعة الحال، ربما توفر المعدلات الضريبية المخفضة الحافز الاقتصادي وتعمل على تقليص عجز الموازنة.
ولكن عندما يتعلق الأمر بالقدرة التنافسية الدولية، فخلاصة القول هي أن الخطة الضريبية التي يقترحها ترامب ــ وخاصة ضريبة ضبط الحدود ــ لن تخلف في الأرجح تأثيرا إيجابيا على الميزان التجاري الأميركي. والأسوأ من ذلك أنها ربما تكون مكلفة للغاية إذا تحدثنا عن صافي الأصول الأجنبية الأميركية.
أستاذة علوم الاقتصاد في جامعة هارفارد