مواقع "للرجال فقط"

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٨/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
مواقع "للرجال فقط"

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

سمعت الكثير عن "وادي شاب"، ورأيت من الصور ما حمسني لزيارتها، فلما سمعت بأن زوجي وصحبه سيقصدونها في نهاية الأسبوع طلبت منه أن يحولوها لـ"رحلة عائلية" بحيث يصطحب كل منهم زوجته وأطفاله فاستخف باقتراحي مؤكدًا ألّا مكان في تلك الرحلات إلا "للشباب"، فالطريق وعرة وغير مؤهلة ولا توجد مرافق في الجوار ولا مطاعم ولا فنادق ولا مقاهٍ ليحط المرء بها الرحال. فتلك الوديان والمناطق- رغم جمالها وثرائها الطبيعي- إلا أنها بيئات عذراء غير مؤهلة لاستقبال أي كان. ولو وقع المحظور وسقط أحدهم أو جُرح- معاذ الله- فلا مستشفيات ولا سُبل إسعاف في الجوار. وكانت تلك نقاطًا كفيلة بدفعي للتراجع عن اقتراحي بل والاستخفاف به كما استخف به زوجي من قبلي. ويبدو أن هذا هو حال كثير من المواقع السياحية أيضًا. لذا أصبحت مواقع "للرجال فقط" وحُرمت منها العائلات إلا تلك "الحربية" منها والتي جُبلت على المناخات والبيئات القاسية.
نُشر بالأمس القريب خبر يقول إن إجمالي عدد الزوار القادمين إلى السلطنة بلغ 3 ملايين زائر حتى شهر ديسمبر من العام 2016، وهذا خبر جيد، ففي ظل تذبذب أسعار النفط، وعالم يموج في غيه وجنونه، على كل الحكومات أن تفكر في تنويع مصادر دخلها كي لا تجد نفسها في زاوية تعجز معها عن الوفاء بالتزاماتها. والسلطنة هي الدولة التي جمعت من مقومات السياحة ما لم يجمعه سواها في المنطقة. فعشاق البحر والسواحل سيجدون فيها وجهتهم، وقاصدو الجبال سيجدون فيها مأربهم ومثلهم من يبتغون الحياة البرية أو المعالم التاريخية، لكن.. للسياحة متطلباتها واحتياجاتها. وأهمها سُبل الرفاهية والترفيه. على صعيد التسوق، الذي أصبح أحد أهم أركان السياحة في العالم، تزايدت المجمعات التجارية في السلطنة وها هي تتكاثر بشكل محمود موفرةً وجهات يمكن للزائر ارتيادها مما أنعش العاصمة- ولا شك- ولكن عُمان لن تتغلب على الآخرين في مواقع التسوق لأنهم استثمروا في تطويرها عقودًا من الزمن.
عنصر القوة الذي تملكه عُمان، مُعامل القوة الحقيقي، يكمن في تلك المناطق العذراء الساحرة، التي تحوي وديانًا وسهولًا وجبالًا، وتلك المناطق تحتاج لما أسلفناه من تهيئة لتصل للمنزلة التي تستحقها في أجندات وجهات السفر.
رقم آخر يستحق التوقف عنده في هذا السياق. وهو أن عدد المغادرين من السلطنة وصل لـ 5.9 مليون، عدد غفير منهم مواطنون ومقيمون لا شك قصدوا بقاع الأرض للسياحة. فلماذا يضطر المواطن والمقيم للسياحة في الخارج وهو لم يختبر بعد متعة السياحة الداخلية؟ هناك منتجعات ووجهات جميلة وراقية ومهيئة ولكنها مكلفة جدًا للعائلات وهو أمر آخر يجب النظر له.
إن الملايين الثلاثة الذين زاروا السلطنة يجب أن يتضاعفوا- وهذا استحقاق لهذه الأرض الجميلة- يبقى أن نقول إن بعض الجهود يجب أن تُبذل ليُرى هذا الاستحقاق في الأمد المنظور.