السبب الأول لفساد العلاقات..

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢١/فبراير/٢٠١٧ ٠٢:٥٩ ص
السبب الأول لفساد العلاقات..

لميس ضيف
ما هو السبب الأول في يومنا هذا لانهيار العلاقات الاجتماعية وتوتر الوشائج بين الزملاء والقطيعة بين الأهل والأقارب؟

قد يفترض البعض أنه التقصير الذي يفرضــه إيقــاع الحيــاة.. أو يُلقي باللائمــة في جــادة الأنانيــة وتقــديــم المصالح الذاتية. ولكن الحقيقة أن السـبب الأول -والأهم- لتذويب العلاقات هو النميمة وما يُنقل من كلام جارح على لسان البعض لغيرهم.

قيل لحكيم أن فلان شتمك فقال: «هو رماني بسهم ولم يصبني فلماذا حملت السهم وغرسته في قلبي؟».. لقد عين البشر اليوم أنفسهم كقضاة على سلوك الآخرين. وهم يطلقون سهام الأحكام ليل نهار على من يعرفونهم وحتى على أولئك الذين لم يلتقوا بهم يوماً. ولا تكون الأحكام أحيانا بالقسوة والصلافة التي تُنقل بها. ولكن «البهارات» التي يملأ البعض بها نقله قد تزيدها سوءاً. وإخراج الكلام من سياقه وأسلوبه يزيدان الطين بلة أيضا. وقد تقع الكلمات موقع الحُسام في نفس المتلقي فتبني حاجزاً نفسياً بينه وبين من ذمّه وقد تبني حاجزاً بينه وبين غيره أيضا فيتوجس من باقي زملائه أو أقرانه معمماً شر ما لقيه على الجميع.
ما مصلحة الناقل في هذا النقل الدقيق أو المزيف؟
هو إما يبتغي الوقيعة، أو يسعى للتقرب ممن ينقل له عبر هذه الوسيلة، وكثيراً ما يكون النقل على لسان «الآخرين» وسيلة لنقل الرأي «الشخصي» للمتلقي دون إثارة غيظه وغضبه. وسوء النية هو ما يجب أن نفترضه في كل ناقل للنميمة. فلو كان حريصاً عليك لرد غيبتك ولم يكرر الكلام الفاحش على مسامعك فيجرحك به. أما عن كيفية التعامل مع هؤلاء «الناقلين الماكرين» فقد أوجزها وهب بن ثابت عندما قال له أحدهم: إن فلانا شتمك! فأجابه: «أما وجد الشيطان رسولاً غيرك؟!». وورد في المأثور أن رجلاً جاء لشخص فقال له فلان يذكرك بسوء فأجابه: «إذا صدقت فأنت نمام وإذا كذبت فأنت فاسق» فخجل وانصرف.
فأرواحنا ليست مكباً لنفايات الحاقدين والمتحاملين. ويجب أن نربأ بها عن أن تكون كذلك. أخبر من حولك أن يعفوك من سماع أحكام الآخرين ونميمتهم عليك.. قولوا لهم: لا أريد أن أعرف من يكرهني ومن ظلمني ومن أنتقص مني..»، فهذه هي صحيفتهم وليملؤوها بما شاءوا ونحن في غنى عن القيل والقال الذي لا يُورث إلا الهم والأذى.