الرقم المدني مفتاح سوق العمل!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٧/مارس/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص
الرقم المدني مفتاح سوق العمل!

علي بن راشد المطاعني

ؤفي هذا الجانب، وضبط الشركات المتلاعبة، وتحجيم أرباب العمل الذين يملك بعضهم سجلات بمئات الأسماء للأسف بهدف التحايل على النظم والقوانين في البلاد، ‏الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود الهادفة لتنفيذ ما يمكن أن يسهم في ضبط سوق العمل وتصحيح الأخطاء التي يعاني منها الجميع، وهي التي أوجدت سوقا سوداء أثرت على أنشطة الكثير من الشركات الجادة.

‏ بلاشك أن تنظيم سوق العمل في السلطنة مسألة ليست بالبسيطة، وتحتاج إلى جهود كبيرة وتضحيات أكبر من كافة الأطراف، ولعل إصدار وزير القوى العاملة تعديلات على دليل الخدمات الصادر من الوزارة والذي نص على «عند تقديم طلب التصريح باستقدام قوى عاملة غير عمانية يتم تقييم جميع السجلات التجارية المقيدة بالرقم المدني لصاحب الطلب والشركاء» بداية لإيجاد الحلول لما يعاني منه سوق العمل في البلاد، وانعكاساته السالبة على الاقتصاد الوطني من خلال التنصل عن الالتزامات المطلوبة نتيجة لتعدد السجلات التجارية لملاك معدودين.
ولعل من أهم أهداف هذا التعديل إلزام الشركات بنسب التعمين المستهدفة، وإيقاف التهرب منه من خلال تجزئة الشركات لمالك واحد، وعدم وجود إطار قانوني يلزم المؤسسات بتحقيق نسبة التعمين المستهدفة في القطاعات الاقتصادية المحددة من وزارة القوى العاملة.
هذا التعديل سوف يكشف عدد القوى العاملة غير العمانية لدى الكفلاء وتطبيق النسبة على شركاتهم ككل، وبالتالي سيوجد فرص عمل كبيرة لأبنائنا الباحثين عن عمل في مؤسسات القطاع الخاص، فتعدد السجلات لمالك واحد أفرغ هذا الالتزام من قوته، بحيث تبدو كل الشركات صغيرة ولكن عندما تكون لمالك واحد تكون أشبه بالعملاقة، فهذه أهم النتائج التي يمكن الاستفادة منها من هذا التعديل.
الجانب الآخر هو القضاء على التجارة المستترة التي تنهش في أوصال الاقتصاد الوطني، وأصبحت من الأمراض المزمنة التي يتعين اجتثاثها من الجذور، وهذا التعديل الذي سوف يكشف عن هذه الشركات ومن يملكها ويديرها، فليس منطقيا أن 200 شركة يديرها مالك خارق واحد أو مواطن واحد، وربما تجده يشغل وظيفة حكومية، فهذا التعديل سوف يعمل على بلورة الكثير من الحلول لهذه المعضلة.
ومن شأن تقييم جميع السجلات التجارية المقيدة بالرقم المدني وفق ما أشار إليه القرار رقم 95 / 2017، كذلك تعديل قاعدة البيانات حول أوضاع القوى العاملة في الشركات من خلال التعرف على تراخيص مزاولة العمل لجميع القوى العاملة غير العمانية والتي تمارس العمل فعلا وعلى الأرض وعدم وجود مخالفات عمالية أو إيقاف مؤقت للخدمات المقدمة من قبل وزارة القوى العاملة، وذلك لعدم التزامها بأحكام قانون العمل والقرارات الوزارية المنفذة له، وعدم وجود أي التزامات مالية تجاه الوزارة على صاحب العمل أو أحد الشركاء في تلك المنشآت.
إن معاناة شركات القطاع الخاص من الفوضى في سوق العمل نتيجة التجاوزات والتحايل كبيرة، بل إننا نجد أن المؤسسات الجادة متضررة كذلك من هذه الفوضى التي تقودها القوى العاملة الوافدة التي تدير التجارة المستترة من خلال الإخلال بقواعد العرض والطلب، فهذه الشركات ليست لديها التزامات سواء مقارات أو موظفين وخدمات وغيرها، لذلك تؤثر على عروض الشركات الجادة التي لديها التزامات كبيرة بل وتعمل على إخراجها من السوق للأسف.
فضلا عن كل السلبيات التي يعاني منها السوق جراء عدم التنظيم هناك ممارسات خاطئة كثيرة منها التحايل على الأنظمة والقوانين في البلاد من جانب القوى العاملة غير العمانية التي تعمل على تكريس ممارسات غير إيجابية في إنجاز العمل وتتجاوز كل النظم واللوائح التي ‏لم يعهدها السوق من قبل.
طبعا تطبيق هذا الإجراء قد يواجه بمعارضة كبيرة وخلط في الأوراق من قبل أصحاب المصالح بهدف إظهار سلبياته المزعومة تمهيدا لتعطيله أو التحايل عليه من خلال توليد سجلات تجارية جديدة، أو بيعها للأقارب من الدرجة الأولى وإدخال شركاء.
نأمل أن نعي بأن مثل هذه التطورات الهدف منها الصالح العام، الذي يجب أن نسعى إليه جميعا وأن نتعاون جميعا لإصلاح سوق العمـــل والحــد من ما يعانيه وهذا لا يتأتى إلا من خلال تضافر الجهود مجتمعة.