ما رأيك بمحو ذكرياتك السيئة؟

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٧/مارس/٢٠١٧ ٠٤:١٥ ص

لميس ضيف

يشكو البعض من النسيان فيما يشكو البعض من طغيان الذاكرة ومنهم كاتبة هذه السطور، ولو كانت ذاكرتي تلك من النوع «المثمر» كتلك الذاكرة التي لا تنسى الأرقام والأسماء لما تذمرت. ولكنها ذاكرة عاطفية سينمائية. تختزن تفاصيل الحياة اليومية؛ والأحداث؛ والحوارات التي كنت طرفاً فيها أو تلك التي سمعتها. قد يقول البعض إنها ذاكرة تليق بكاتبة - ولن يكون مخطئاً- ولكنها ذاكرة مرهقة. تستحضر أخبار قميئة مزعجة قرأتها قبل 8 سنوات بلا سبب. وتحيي ذكرى تفاصيل مدفونة في تراب الأيام دون أن يستحضرها أحد. لهذا السبب على الأرجح لفتني خبر نُشر قبل أيام عن توصل الخبراء «لتقنية جديدة» يمكن من خلالها حذف الذكريات غير المرغوب فيها من الدماغ. إنها ثورة في عالم معالجة الصدمات والاضطرابات طُبقت حالياً على الفئران. إذ وجد الخبراء أنه بالإمكان «مسح ذكريات محددة من الدماغ، وترك الذكريات الأخرى سليمة»، فهناك ملايين الخلايا في المخ المرتبطة بالذكريات السيئة. ونقلت صحيفة «ميرور» البريطانية عن البروفيسور شينا جوسلينقوله:»هذه النتائج تقدم دليلاً من حيث المبدأ، على أن العلاج لا يحتاج إلى أن يؤثر في الجسم بأكمله، أو الدماغ بأكمله». ووجد الفريق أن الخلايا العصبية التي ترمز إلى ذكريات الخوف أو التهديد هي موجودة وتتكتل في جزء واحد من الدماغ فقط، ويمكن استهدافها كيميائياً من خلال تحفيز مفرط لبروتين معين في الدماغ. ويرى العلماء أن تقنية كهذه قد تساعد مدمني المخدرات أو الجنود العائدين من الحروب. وبالنسبة لنا كعرب ولدنا من أرحام حروب وصراعات لدينا الكثير لننساه؛ سيما المشاهد البشعة التي تأتي من بؤر الصراع للأطفال والضحايا وهي مشاهد تشوه إنسانيتنا وتثقل عقولنا بأغلال لا طاقة لنا بها.

هل ستختار، لو توفرت التقنية، محو ذكرياتك السيئة ؟
ســؤال أوجهــه لكــم كــما واجهت به نفسي..
ورغم أن الفكرة مغرية. تعني بالنسبة لي حرية بل وولادة جديدة بعيداً عن عبودية ذكريات أغلبها -للأسف- غير مرتبط مباشرة بحياتي. إلا أني سأضطر لرفض هذا الخيار إلا في ســنوات حياتي الأخيرة ربما. فنحن -ككيان بشري- صنيع أحزاننا وأخطائنا وهزائمنا. لا يبنينا الفرح بقدر ما تبنينا التحديات والسقطات. نغدو بشراً «أفضل» ببركة الدروس القاسية وتزداد إنسانيتنا شفافية كلما تقاطعت جلودنا وأذهاننا مع المآسي البشرية الأخرى.
لذا..عفوا..
سأحتفظ بتلك الندوب والذكريات الصعبة.. لأني أخاف أن أفقدها فأفقد نفسي معها.