لماذا تتهاوى المشروعات الصغيرة؟

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٨/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

السلطنة ولاّدة وعامرة بالمواهب وطاقات الشباب.. وكثيرٌ منهم يمتطي صهوة أحلامه ويدير ظهره للوظائف موليا وجهه شطر العمل الخاص وعينه على النجاح وتحقيق الثروة. لكن قليلا منهم يصمد فعليا؛ أما الغالبية فتصطدم بحائط العقبات وتُثقل سريعا بالديون فتنسحب جارةً أذيال الخيبة، أو تسلم المشروع الذي عملت عليه طويلا، وأراقت من أجله طاقتها، لوافد أجنبي ليستثمره مقابل مبلغ معلوم!

إنه واقع السوق الشرس الذي يجدر بنا أن لا ننكره.. فمطعم محلي بإدارة شابة تتقفى خطواتها لا يصمد أمام مطعم عالمي.. ومحل تصميم وطباعة يديره عُماني لا يُنافس المحلات المشابهة التي يُديرها أجانب. ينطبق ذاك على كثير من المشروعات الخدمية.. وبنسبة أقل على المشروعات التي تعتمد على بيع التجزئة.
قطاعٌ كبير من المشكلة خاص بالمجتمع نفسه.. الذي لا يُعطي هؤلاء فرصة ويُؤثر الطريق السهل بالذهاب لمطعم متعدد الجنسيات أو لمكان معروف.. كما أن المواطنين إجمالا يثقون بالأجنبي ويفضلون التعامل معه تجنبا للإحراج الذي يسببه التعامل مع مواطن مثلهم. أما الجزء الأكبر من المشكلة ففي الشباب أنفسهم؛ أرباب الأعمال نعني، فهم لا يتحلون بطول النفس، ويصابون بالإحباط سريعا من تواضع المدخول، ويدخلون بهمّة عالية وأحلام حدها السماء ثم تنطفئ شمعة حماسهم بسرعة. ولتعويض خسائرهم يرفعون الأسعار عوضا عن تخفيضها ليكسبوا الزبائن!! وكثيرا ما تجد أن مطعم محليا أو محل هدايا أو شوكولا فتح للتو تضاهي أسعاره أو تزيد على أسعار من هم بالسوق منذ سنوات! ولا يلجأ صغار التجار لذلك بدافع الجشع، لا أبدا، بل لأن قلة الخبرة تجعلهم ينفقون بسخاء على منتجاتهم وموادهم الأولية مقارنةً بمن تمرسوا بالمهنة وخبروا خباياها وأصبحوا يعرفون من أين تُؤكل الكتف وكيف تُدار المنافسة.
الصناديق والبنوك التي تنشئها الدولة «كرفد والتنمية وغيرها» تبذل الكثير لدعم الشباب العماني، لتشجيعهم على خوض غمار العمل الخاص والمرابطة فيه.. لكن المشكلة أعمق من ذلك.. فالمستهلك لا يساعد المستثمر العماني «الصغير».. ولا يُساعد هذا الأخير نفسه. فإن أضفنا لذلك كثرة المصاريف وتعقد الإجراءات وغلاء الإيجارات فسنكون أمام خلطة متفجرة.. تُفجر أحلام هذا الذي ظن أنه سيكتسح السوق ولن يكون له فيها مثيل.
نتمنى أن يتيقظ الشباب الطموح لتلك التحديات، ويتحلى بطول النفس ولا يقارن أرباحه بتلك التي يجنيها من قضى في الســـوق بضع سنين وأســس نفســـه وتحمل الحقبة الأولى حتى وقف على رجليه. كمــا ونأمل أن تكون هنا يقظة مجتمعــية يصــبح فيها المســتهلك داعما للمنتـج الوطني ولو كان أغلى «قليلا» أو أقل جــودة «بقليل». فنجاح هؤلاء من نجاحنا ودعمهــم واجب أخلاقي علينا جميعا.