إحلال الكوادر الوطنية في القطاع الحكومي

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٩/مارس/٢٠١٧ ٠٤:١٥ ص
إحلال الكوادر الوطنية في القطاع الحكومي

على بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

في الوقت الذي تحث فيه الحكومة عبر أجهزتها المختلفة على استيعاب الكوادر الوطنية في القطاع الخاص، وتعزيز العمل الحر في العديد من القطاعات الاقتصادية، فإنها يجب ألا تغفل عن إحلال وتعمين العديد من الوظائف والمهن بوحداتها وشركاتها المختلفة، وتضغط على الشركات المتقاولة معها من أجل إحلال الكوادر الوطنية في الوظائف التي ما زالت تشغل بالقوى العاملة غير العمانية، وبخاصة الوظائف الهندسية والتقنية التي تتزايد مخرجاتها من الجامعات والكليات ويقبع خريجوها في المنازل في انتظار الفرص الذهبية.

هذه الوظائف التي تشغل بالقوى العاملة الوافدة، بالإمكان تعمينها من خلال برامج مدروسة تسهم في استيعاب الأيدي العاملة العمانية، حتى وإن تطلب ذلك فترة زمنية تتاح فيها للكوادر الوطنية استيعاب متطلبات العمل.
غير أن بقاء الأمور مجمدة بغير حراك أو تحرك للأمام يترك وضعا غير مريح، إذ لا يعقل أن نطالب الآخرين بفعل عجزنا نحن عن إنجازه وتطبيقه، وعلى وزن {أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم}.
لاشك أن القطاع الحكومي مشبع حتى الثمالة بالوظائف، ونسب التعمين في بعض وزاراته تصل إلى مائة بالمائة، ولكن هناك جهات اعتبارية كثيرة لم تصل إلى النسب المطلوبة، وغير راغبة على ما يبدو في الوصول لتلك الغاية لغرض ما أو لشيء ما في نفس يعقوب كما يقال، وليس لحاجة ملحة للقوى العاملة غير العمانية، أو لأسباب خاصة تتمثل في الاعتماد الكلي على هذه القوى العاملة أو ربما هي تعمل أكثر من القوى العاملة العمانية!! أو ربما تقوم بإنجاز أعمال جانبية يحتاجها المسؤول، وغيرها من المبررات الضعيفة، لذلك يتم التمسك بها إلى آخر رمق، ويدافع عنها كأنه يدافع عن أبنائه، ويحاول التستر عليها على حساب أبناء بلده.
فمثلا لو نظرنا للوظائف الهندسية التي يبلغ عدد المخرجات بها 4500 خريج وخريجة من داخل السلطنة وخارجها من أصل 43 ألف باحث عن عمل وفق الإحصائيات الرسمية حتى نهاية العام الفائت، فماذا أعدت كل من وزارة الإسكان والبلديات وديوان البلاط السلطاني والهيئة العامة للكهرباء والمياه وشركاتها وشركة تنمية نفط عمان حيالهم، فهذه الجهات وغيرها تعج بآلاف المهندسين غير العمانيين الذين يمكن إحلالهم بالمهندسين العمانيين مع تأهيل بسيط وتدريب على رأس العمل لبعض الوقت، وتمكين أبنائنا من تسلم زمام الأمور في هذه الوحدات، في حين أن كل جهة تقف متفرجة على تفاقم أزمة الخريجين عاما بعد عام بدون أن تحرك ساكنا، وعندما تسألهم يقولون على الشباب أن يعمل في القطاع الخاص، فالمعادلة تبدو متناقضة، الأمر الذي يتطلب فتح تحقيق من جهات مستقلة لتقف على الحقائق كاملة وحتى نقطع دابر الشك باليقين في هذا الشأن.
يجب أن نتفهم القلق الذي يبديه المجتمع من تزايد أعداد الخريجين، واهتمام مجلس الوزراء بضرورة إيجاد آليات واضحة لاستيعاب الكوادر الوطنية في الفترة الفائتة كان في محله، إلا أن الأمر ليس فرقعات إعلامية مهدئة بقدر ما ينبغي أن يكون منهجا واضحا ومؤطرا بقيد زمني يسهم في توفير أطر وآليات واضحة في الاستيعاب.
بالطبع هناك آلاف من فرص العمل في مجالات الطب والتدريس وغيرها، يجب على الجهات المختصة أن تبحث إحلالها والاستفادة من كل الإمكانيات التي تؤهل الكوادر الوطنية للعمل في هذه القطاعات، فغير المؤهل أو الراسب في الامتحان يعاد تأهيله وتدريبه حتى يصبح فاعلا، فلا يجب أن نتوانى لحظة واحدة أو نقلل من إمكانية أي فرد يستطيع العمل بأن تتاح له الفرصة أو تمكينه مثلما نمكن نظراءهم الوافدين في مفاصل العمل في جهات حكومية متعددة.