"اللي ما يبينا.. ما نبيه"

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٥/مارس/٢٠١٧ ٠٤:١٥ ص

لميس ضيف

كانت أمريكا قبل سنوات وجهتي الأثيرة في السفر، فأصبحت مرجعاً للراغبين من الأهل والخلان بزيارتها. قبل أيام سألني شقيقي إن كنت أنصحه بأورلاندو أو بنيويورك فأجبته "أنصحك بتونس، أو أذربيجان إن كنت لا تريد دولة عربية" فتفاجأ وربما استاء.. ولكنني أرى أن كل من يخطط من الآن لإجازته يجب أن يولّي وجهه شطر دول إسلامية أو عربية ولي عذري.. فقبل أسبوعين فقط تعرض رجل من السيخ في واشنطن لإطلاق النار عند مدخل منزله من قبل شخص وجه فوهة مسدسه له وقال له "اخرج من بلدنا"!
وليست تلك هي الحادثة الأولى التي يتعرض لها أتباع الملة السيخية. فالجالية هناك تئن وتشتكي من جرائم الكراهية الموجهة -لا لهم تحديداً- بل هي جرائم موجهة للمسلمين ولكن وجود اللحية -الإلزامية عند السيخ- يجعل الالتباس والاشتباه بينهم وبين المسلمين سهلاً.
"الإسلاموفوبيا" بدأ يتغلغل في مفاصل أوروبا والولايات المتحدة ويتعملق مع كل رئيس شعبوي يعتلي السلطة. فلماذا نشد الرحال لمن لا يريدنا ويملك مواقف مسبقة منا وهناك العديد من الدول العربية والإسلامية الجميلة التي هي أولى بنا وبمالنا! فنحن ننفق في رحلاتنا أضعاف ما ننفقه في بلداننا واقتصاديات الدول العربية والإسلامية بحاجة لما نضخه فيه.. ناهيك أنهم لا "يذلوننا" لنحصل على تأشيرتهم كما تفعل تلك الدول التي، لولا مالنا والقيود الدولية والدبلوماسية، لمنعونا من دخول أراضيهم أو طردونا منها شر طردة.
وإن ما حصحص الحق فنحن لا نلومهم، فالإرهاب علامة تجارية مسجلة باسم العرب والمسلمين. وهم يسمعون عن صولاتنا وجولاتنا وممارسات أخرى يعتبرون أنها منافية للإنسانية. العام الفائت سجن خليجي مقيم في بريطانيا بتهمة الاعتداء على عرض قاصر واتهم بزنى المحارم أيضاً. لأنه تزوج من فتاة في الـ17 من عمرها من أقربائه وهو متزوج أصلاً! كان يعلم يقيناً أن تعدد الزوجات قانونياً مرفوض في ربوع أوروبا. وأن الزواج من قاصر يعدُّ اعتداء جنسياً. لكنه كالكثير من العرب يظن أنه أذكى من القانون وأعلى من النظام وقد سقط في شر أعماله وحصل على حكم كفيل بتأديبه.
عندما سلطت وسائل الإعلام البريطانية وقتها الضوء على القضية تطرقت إلى أن زواج الرجل من طفلة في الخامسة عشرة أو السادسة عشرة مسموح عند المسلمين، وكان هذا كفيلاً بإثارة حنق الكثيرين، ولا ننسى أيضاً الأفعال الرعناء التي يقوم بها البعض دون مسوغ يستوعبه العقل، كمثل الشباب الذين صادوا بطة وبجعة جميلة من حديقة الهايد بارك، وهي طيور محمية في حديقة الملكة، وصوروا عمليه قتلها وسلخها وطبخها وأكلها ونشروها، وأظن أنكم شهدتم ما رافق تلك الواقعة العابرة من ضجيج لا يتناسب وحجمها الفعلي.
بالمفاد، وبغض النظر عن الحق والمستحق في هذا الموضوع نقول؛ ربما حان الوقت لنعزز السياحة الداخلية والإسلامية. وليكن ما لقيصر لقيصر.. وسيدرك الغرب يوماً أن عداءه وكراهيته للعرب والمسلمين "مبالغ فيها" فعيوبنا ليست إلا صنعة مصانعهم وقادتهم يعرفون ذلك جيداً.