أمريكا والضريبة الحدودية الرديئة

7 أيام الأحد ١٩/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٣٨ ص
أمريكا والضريبة الحدودية الرديئة

نورييل روبيني

ربما تكون الولايات المتحدة الآن على وشك تنفيذ ضريبة تصحيح حدودية. وينظر الحزب الجمهوري الذي يسيطر الآن على السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى هذه الضريبة -التي من شأنها أن تدعم فعليا المصدرين الأمريكيين من خلال منحهم إعفاءات ضريبية في حين تعاقب الشركات الأمريكية التي تستورد السلع- باعتبارها عنصراً مهماً في إصلاح ضريبة الشركات. ويزعم الجمهوريون أنها كفيلة بتحسين الميزان التجاري الأمريكي، في حين تعمل على تعزيز الإنتاج والاستثمار وتشغيل القوى العاملة محلياً.

الحقيقة هي أن خطة الجمهوريين تنطوي على مشاكل معقدة. فمن شأن الضريبة الحدودية، جنباً إلى جنب مع إصلاحات أخرى مقترحة، أن تعمل على تحويل ضريبة الدخل على الشركات في الولايات المتحدة إلى ضريبة على التدفقات النقدية (مع تعديل الحدود)، مما يعني ضمنا عواقب بعيدة المدى على قدرة الشركات على التنافس والربح.وسوف تواجه بعض القطاعات أو الشركات -وخاصة تلك التي تعتمد اعتماداً كبيراً على الواردات، مثل تجار التجزئة في الولايات المتحدة- زيادات حادة في التزاماتها الضريبية؛ وفي بعض الحالات قد تكون هذه الزيادات أكبر حتى من أرباحها قبل خصم الضريبة. وفي الوقت نفسه، ستستمتع القطاعات أو الشركات المصدرة، كتلك في قطاع الصناعات التحويلية، بتخفيضات كبيرة في الأعباء الضريبية. ويبدو هذا التباعد ظالِما وغير مبرر.وما يزيد الطين بلة أن هذه الضريبة لن تحمي الشركات الأمريكية من المنافسة الأجنبية في حقيقة الأمر. وتشير النظرية الاقتصادية من حيث المبدأ، إلى أن الضريبة الحدودية ربما تدفع قيمة الدولار إلى الارتفاع بنسبة تعادل الضريبة، وبالتالي إبطال تأثيرها على القدرة التنافسية النسبية للواردات والصادرات.

وعلاوة على ذلك، ستكون التأثيرات على الميزانية العمومية بفِعل ارتفاع قيمة الدولار كبيرة. ولأن أغلب الأصول الأجنبية التي يحتفظ بها مستثمرون أمريكيون مقومة بعملات أجنبية، فإن قيمة تلك الأصول ربما تتقلص بنحو عِدة تريليونات من الدولارات في المجمل. وفي الوقت نفسه، ستواجه الاقتصادات الناشئة المثقلة بالديون التزامات دولارية متضخمة، وهو ما قد يتسبب في إحداث ضائقة مالية وربما حتى أزمة مالية.
وحتى لو كان ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي أقل من الضريبة الحدودية، فإن تأثير الضريبة على الواردات على الأسعار المحلية يعني ارتفاعاً مؤقتاً ولكن لفترة ممتدة في معدل التضخم. وتشير بعض الدراسات إلى أن الضريبة الجديدة، في عامها الأول، ربما تدفع التضخم في الولايات المتحدة إلى الارتفاع بنحو 1% أو ربما أكثر من ذلك. وربما يستجيب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لمثل هذه الزيادة برفع أسعار الفائدة، وهو التحرك الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع في أسعار الفائدة الطويلة الأجل وفرض المزيد من الضغوط الصعودية على سعر صرف الدولار.المشكلة الكبرى الأخيرة التي تتعلق بالضريبة الحدودية هي أنها تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية، التي تسمح بتعديل الضريبة الحدودية فقط على الضرائب غير المباشرة، مثل ضريبة القيمة المضافة، وليس على الضرائب المباشرة، كتلك المفروضة على دخل الشركات. وعلى هذا، فربما تعتبر منظمة التجارة العالمية هذه الضريبة غير قانونية. وفي هذه الحالة، قد تواجه الولايات المتحدة تدابير انتقامية ربما تعادل 400 بليون دولار سنوياً إذا لم تلغ الضريبة. وهذا من شأنه أن يوجه ضربة خطيرة لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة والعالَم.
إلى أي مدى إذن ربما يكون من المحتمل أن تسن الولايات المتحدة ضريبة التصحيح الحدودية؟ الواقع أن الاقتراح يحظى بدعم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب، ولكن عددا من الجمهوريين في مجلس الشيوخ من المرجح أن يصوتوا ضده. ومن المرجح أيضا أن يصوت الديمقراطيون في مجلسي الكونجرس ضد إصلاح ضريبة الشركات المقترح بالكامل، بما في ذلك ضريبة التصحيح الحدودية.في نهاية المطاف، تظل الحجة لصالح الضريبة الحدودية ضعيفة نسبيا -أضعف كثيرا من الحجة ضدها. ورغم أن هذا قد يكون كافياً لضمان عدم إجازتها، فهناك قوة عاتية تميل باتجاه تدابير الحماية في حكومة الولايات المتحدة وتدفع بقوة في اتجاهها وغيرها من السياسات المماثلة. وحتى إذا رُفِضَت هذه الضريبة، فسوف يظل خطر اندلاع حرب تجارية عالمية مدمرة تشعل شرارتها إدارة ترامب يلوح كبيرا في الأفق.

أستاذ الاقتصاد في كلية شتيرن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك.