بين المبالغة فيها وبين تجنبها «المصافحة».. هل هي حرب نفسية يمارسها ترامب؟

الحدث الاثنين ٢٠/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
بين المبالغة فيها وبين تجنبها

«المصافحة».. هل هي حرب نفسية يمارسها ترامب؟

مسقط - محمد البيباني

لا شك أن أي رئيس أو سياسي بالعالم سوف يشعر بالقلق قبيل أي لقاء قد يجمعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب جراء الحرج الذي قد يقع فيه أثناء هذا اللقاء في ظل صعوبة توقع تصرفات ترامب في أبسط القواعد البروتوكولية.

يمارس الرئيس الأمريكي هوايته المفضلة في إثارة الجدل التي لم يكن أحد يتصور أنها قد تصل لطريقة استقباله لنظرائه ومصافحتهم، أو أن تجعل له مراسم مختلفة في عمليات الترحيب والمصافحة.

مرة يصافح بحرارة بالغة وأخرى يتجنب المصافحة ويصر على تجنبها، فلا شك أن أي سياسي سيفكر مرات ومرات قبل لقاء ترامب عما يمكن أن يحدث وعن الحرج الذي قد يقع به جراء التصرف غير المتوقع من الرئيس الأمريكي، وربما هذا بالضبط ما يريده ترامب من تلك التصرفات الغريبة.

احتمالات ثلاثة

هل يقصد ترامب تلك التصرفات أم أنها أمور عفوية يدفعه لفعلها موقفه من المسؤول الذي يقابله؟ وفي حالة ما إذا كان متعمدا لذلك فلماذا يهدف ولأي غاية يسعى؟
هل يريد أن تنقل كاميرات المصورين تلك اللقطات التي قد تشير لسيطرته على مجريات اللقاء وأنه الطرف الأقوى فيه حتى يرسم لنفسه صورة زعيم يمتلك الكاريزما؟
أم أنه يريد من ذلك ممارسة حرب نفسية على من يلتقيهم ربما تساعده في إحراز تقدم في محادثاته وتحقيق مكاسب ما؟
احتمالات ثلاثة قد تكون مفيدة في سياق محاولة تفسير هذا السلوك غير المسبوق في عالم السياسة والذي ابتدعه الرئيس الأمريكي الجديد.

الأول.. أمر عفوي

ربما يكون الأمر عفويا ولا دخل لترامب الرئيس فيه وربما يكن عدم تمكنه من إخفاء مشاعره تجاه الآخرين أحد سماته الشخصية والنفسية، خاصة أن هذا التفسير قد يجد ما يبرره في سياق طريقة مصافحته للقاضي الأمريكي نيل جورسوتش خلال حفل تنصيبه كعضو في المحكمة الدستورية حيث تسببت طريقة مصافحته العنيفة للعضو الجديد في المحكمة العليا الأمريكية اندهاش أمريكيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وخلال حفل تنصيب القاضي نيل جورسوتش كعضو في المحكمة الدستورية خلفا لأنتونين سكاليا الذي توفي عام 2016 وعقب الانتهاء من كلمته توجه جروتوتش لمصافحة ترامب إلا أن الأخير شده بعنف في مشهد بدا غريبا.
وسخر العديد من الأمريكيين على موقع “تويتر” من طريقة مصافحة ترامب للقاضي وقال أحدهم: “ما هذا.. هل يحاول جذبه لأخذ قبلة”.
وفي فبراير الفائت لفتت المصافحة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضيفه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، في البيت الأبيض بواشنطن، نظر الصحفيين وآلاف المتابعين وذلك لطول فترتها.
وامتدت المصافحة الساخنة تقريباً نحو 20 ثانية، رصدت الكاميرات في نهايتها ملامح وجه رئيس الوزراء الياباني وهو غير مرتاح، متنفساً الصعداء.

الثاني... إثبات السيطرة

الاحتمال الثاني الذي قد يفيد في فهم سلوك ترامب هو رغبته في إظهار السيطرة وأنه الطرف الأقوى في اللقاء وهو ما قد يفسره ما أشارت إليه صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية حينما لفتت إلى أن ترامب لم يظهر أمام العامة وهو يمسك بيد زوجته. وتفسر متخصصة في لغة الجسد ذلك برغبة ترامب في الظهور بمظهر الرجل من فصيلة «ألفا».
ونقلت الصحيفة عن المتخصصة في لغة الجسد، باتي وود، أن ترامب يحب الظهور أمام العامة في مظهر الرجال الذين ينتمون إلى الفصيلة «ألفا»، وهو النوع الأقوى والأكثر قيادة بين الرجال.
ويعني ذلك، وفق الخبيرة أن ترامب يحب أن يوصل رسالة للجمهور والعامة، بأنه المسيطر وذو السلطة والنفوذ، وأن ذلك غير قابل للتشارك مع أي أحد، حتى مع زوجته نفسها.
كما أكدت الخبيرة أن ميلانيا، زوجة ترامب، كانت تحاول الإمساك بيده، لكنه من كان يرفض، إضافة إلى أن حركته على كتفها لا يمكن تصنيفها ضمن الحركات الحميمية الرقيقة.
وبالمقارنة بين أسرة ترامب والرئيس السابق باراك أوباما، تؤكد المتخصصة ما لاحظه الجمهور من إصرار الزوجين أوباما على إظهار مشاعرهما أمام الملأ، عن طريق تبادل القبل والعناق.
يذكر أن ترامب كان قد وصل إلى مطار «بالم بيتش» الدولي في فلوريدا، عندما سارع إلى سحب يده، بعدما كان يمسك بيد زوجته لفترة قصيرة، ثم توجّه لتحية المؤيدين له والتصفيق.

الثالث... حرب نفسية

الاحتمال الثالث والأخير لفهم وتفسير سلوك ترامب هو أن يكون قاصدا من ذلك إرباك ضيوفه كجزء من حرب نفسية يمارسها عليهم لتحقيق مكاسب سياسية خلال اللقاء وهو ما يمكن فهمه من مشهد تجنب مصافحته للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال لقائهما منذ أيام قليلة.
في هذا السياق، قالت صحيفة «الإندبندنت»: إنه بينما صافح ترامب المستشارة الألمانية لدى وصولها إلى البيت الأبيض، بدا متجاهلا طلبات من المصورين لتكرار المصافحة في وقت لاحق.
وطلب المصورون من الزعيمين أن يصافحا بعضهما البعض، وأشارت الإندبندنت إلى أن «ميركل» سمعت تقول: «هل تريد المصافحة؟».
وتحول ترامب لفترة وجيزة تجاهها، ولكنه بقى جالسا ويديه أمامه. ثم تحولت «ميركل» إلى الكاميرات وابتسمت ابتسامة خفيفة.
ورغم الفتور الذي بدا على اللقاء الثنائي، فإن الزعيمين وصفا في تصريحات مقتضبة خلال مؤتمر صحفي أن اللقاء كان جيدا جدا.
مشهد آخر قد يكون مفيدا عرضه في هذا السياق والخاص بموقف رئيس الحكومة الكندية جاستين ترودو خلال زيارته لواشنطن، حيث أوضحت الصورة التي التقطها مصور «رويترز» داخل المكتب البيضاوي تردد ترودو لمدة قبل أن يمد يده ليصافح ترامب.
صحيفة «التليجراف» البريطانية سلطت الضوء على هذا الموضوع بشكل ساخر، وتناولت لقاء ترامب مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، والذي نجح بحسب ما أوردت الصحيفة في تفادي طريقة مصافحة ترامب والحرج الناتج عنها.
وفيما يبدو فإن مصافحة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لرئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، والتي أثارت السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، كونها جاءت مصافحة طويلة جداً لفتت انتباه الساخرين. قد أعطت رئيس الوزراء الكندي جاستن درسا أفاده عند لقاء ترامب فلم يكرر نفس الخطأ.