الجهلة خريجو الجامعات..

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢١/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٢١ ص

لميس ضيف

وهل يمكن لمن يحمل شهادة جامعية.. أن يكون جاهلاً!

نعم.. وقد يكون أحدهم حاملاً للدكتوراه ويجيد لغته ولغات أخرى من العالم ولكنه مازال جاهلاً..
من الشائع أن يخلط البعض بين الأمية والجهل. بيد أن الأمي هو من لا يقرأ ولا يكتب أما الجاهل فهو الأخرق الأرعن الذي لا يضع الأمور في نصابها ويخرجها من عقالها. ولأن الأشياء تُعرف بأضدادها يمكننا القول إن الأمّي يقابله المتعلم. أما الجاهل فيقابله العاقل والواعي. وشتان بينهما.
فقد يكون المرء أمّيا لا يجيد كتابة اسمه لكنه لا يكون جاهلاً. بل قد يكون فيلسوفاً عجنته الحياة وخبّرها حتى أصبح ضليعاً بخباياها حكيماً في رؤيته ووزنه لها. أما الجاهل فقد يكون قد قضى ثلثي عمره في التعليم؛ وجمع شهادات تملأ الحائط. لكن فكره رجعي متحجر. لا يتقبل الآخرين ولا الأفكار الجديدة وينفر من كل ما يتعارض مع القناعات التي أرساها المجتمع في عقله.
عن نفسي رأيت الكثير منهم. ومن سوء حظي أني عملت وتقاطعت دروبي مع عدد لا يستهان من هؤلاء «الجهلة». ووجدت فيهم التناقض الموجع: فهم من جهة يظهرون بمظهر عصري متمدن ويلبسون أحدث ما تجود به دور الأزياء؛ فإن ما هبت رياح نقاش عليهم عرّتهم ونزعت اللبوس المتحضر عنهم؛ فبان جوهرهم العنصري والطائفي والرجعي.
بعضهم – وقد رأيت ذلك بشكل خاص في الرجال – عصري في أسلوب حياته. ومتحرر بشكل غير مقبول من العرف والدين ولكن.. إن أتى الأمر لزوجته أو بناته ستجده يتحول - في طرفة عين – لإمام مسجد لا يتكلم إلا بالحلال والحرام، أو شيخ قبيلة لا يهمه إلا رأي الناس رغم أن القضية التي تمس بناته قد تكون متعلقة بتعليم أو اختلاط مسوغ كذلك الذي يتم في الجامعات أو مواقع العمل!
إن الجهلة بيننا كثر.. وأهم ما يصون الجهل في العقل هو الكبر.. نعم الكبر؛ فبعضهم يتشبث بمعتقداته تشبث الأولين بموروثاتهم في الجاهلية الأولى. وهم معجبون بأنفسهم كما هم كما كان أسلافهم معجبين بأنفسهم. ولأنه يرى رأيه كاملاً مصوناً من كل نقص يرفض التعلم وتقبل الآراء والأفكار الأخرى. فيحبس نفسه خلف قضبان الموروث ويكبل نفسه بأصفاد الماضي فيموت عقله ويتحول لآلة تعالج البيانات وتطبقها ولكنها لا تطور نفسها – بنفسها – فهي في النهاية آلة لا قدرة لها على التطور.
الإنسان، الحي، كائن ديناميكي متغير متطور. يتطور كل يوم وكل ساعة في عصرنا هذا. ومن يقاوم هـــذا التغيير ويتشبث بآرائه يمــوت.. ويستحق لقب جاهل بل ومتخلف أيضا..
في المرة القادمة التي ترون فيها شخص «مقفلا» لا تترددوا في تسميته باسمه «الجاهل» وإن كان يحمل أعلى الشهادات.