«الشعيرات» و«أم القنابل» رسالتان لمنتقدي علاقته بموسكو هل يسعى ترامب لصدام «تكتيكي» مع بوتين؟

الحدث الأربعاء ١٩/أبريل/٢٠١٧ ٠٤:٥٥ ص
«الشعيرات» و«أم القنابل» رسالتان لمنتقدي علاقته بموسكو

هل يسعى ترامب لصدام «تكتيكي» مع بوتين؟

مسقط - محمد البيباني

ربما يكون العامل الداخلي ومتغيراته محددا مهما في فهم أبعاد سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخارجية بعد أن بدت بعض معالمها بالاتضاح خاصة فيما يخص الأزمة السورية من خلال قصف قاعدة الشعيرات العسكرية أوالتحركات الأمريكية الأخيرة إزاء تنظيم داعش الإرهابي وقصف أفغانستان بأم القنابل.

هنا يثار التساؤل حول علاقة تلك التحركات بموسكو من جهة وعلاقتها بالوضع الداخلي الأمريكي ومتغيراته خاصة التي ترتبط بترامب وأزماته التي لم تخل منها الأسابيع الفائتة من عمر رئاسته.
بدأت ولاية ترامب باتهامات مباشرة بتدخل روسيا في الانتخابات التي أتت به رئيسا للولايات المتحدة، وهو الأمر الذي لم يحسم بعد ويخضع لتحقيقات موسعة.
هل دفع هذا الرئيس ترامب إلى تغيير موقفه من موسكو والهروب إلى الأمام كمحاولة منه إلى التنصل من الاتهام وإثبـــات استقلاليتـــه عن بوتين وقدرته على تحديه واتخاذ مواقف دولية تناهض الرؤية الروسية؟
التساؤل الآخر.. هل من الممكن أن تقود تلك السياسة إلى صدام حقيقي بين القوتين العظميين بالعالم؟

الحرب مستبعدة

كشف استطلاع للرأي نظمه المركز الروسي للرأي العام أن 63 % من الروس واثقــــون مـــن استحالــــة الحرب بين بلادهم والولايات المتحدة، ولم يستبعد 30 % من الروس اندلاع الحرب على خلفية التوتر بين البلدين.
وأوضح الاستطلاع -بحسب ما أفادت قناة «روسيا اليوم» الإخبارية أمس الأول الاثنين- أن نسبة المرتابين بشخص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بين الروس قفزت من 7 إلى 39 %.
وأظهر الاستطلاع أن 20 % من الروس يعتبرون أن العلاقات بين موسكو وواشنطن تحسنت بعض الشيء مع وصول دونالد ترامب إلى السلطة، فيما يجمع 17 % منهم على أن العلاقات ساءت أكثر من ذي قبل.

سيناريو الصدام وارد

على الجانب الآخر تساءلت مجلة الإيكونومست الأمريكية عن مخاطر التصعيد المحتملة، الذي يمكن أن يقود إلى صدام هائل مع روسيا، خاصة إذا ما تحوّل هدف التصعيد العسكري الأمريكي إلى تغيير نظام الأسد.
وتابعت: حتى الآن، لا توجد مؤشرات على أنّ الهجوم الصاروخي سيتكرر، ولكن ذلك يمكن أن يتغير بكل تأكيد.
وقالت الصحيفة إنه على أيّ حال، فقد تضاءلت إمكانيات التعاون مع موسكو بخصوص الحملة الموجَّهة ضد تنظيم داعش في سوريا، والتي كان ترامب متحمّساً للغاية لها، والتي فشلت الآن فيما يبدو.
واستطردت: فبعد الهجوم الكيماوي الذي نفَّذته القوات الجوية السورية، والذي أودى بحياة أكثر من 85 شخصاً من سكان مدينة خان شيخون الخاضعة لسيطرة الثوار، قال ترامب أنّ دكتاتور سوريا بشار الأسد قد تجاوز «الكثير والكثير من الخطوط الحمراء».
وأشارت المجلة إلى أن ترامب على الصعيد المحلي فوائد قصيرة المدى لكل ذلك. فالأحداث السريعة التي مرت ستوجد سردية مقابلة للصورة المشوشة والمضطربة السائدة عن إدارته، خاصة مع هزيمته في ملف الرعاية الصحية مؤخراً. فاستعداد الرئيس للمخاطرة بالصدام مع روسيا قد يؤدي في الفترة الحالية إلى إخماد المضاربات حول وجود توافقات بين ترامب والكرملين أو أنه يدين لهم بشيء.

أفغانستان.. ساحة أخرى

في نفس السياق ذكر موقع «دويتشه فيله» الألماني أن الهدف من ضرب أمريكا لعناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في أفغانستان، ما هو إلا لتوجيه رسالة استعراض للقوة، تحمل في طياتها تحذيرا من قبل ترامب لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، مشيرا إلى أن القنبلة أُلقيت بينما كان ينعقد مؤتمر بخصوص أفغانستان في موسكو، وقد شارك في المؤتمر 12 بلدا من بينها «أفغانستان والصين والهند وإيران وباكستان»، ولكن دون مشاركة أمريكا، التي رفضت الدعوة. وأضاف الموقع، في تقريره أن الجيش الأمريكي لم يكن في حاجة لاستخدام قنبلة تزن 11 طنا وتقدر بحوالي 15 مليون دولار، لقتل عدد قليل من عناصر «داعش» في أفغانستان، كما أن التنظيم هناك لا يؤثر على المصالح الأمريكية، لذا لا بد أنه توجد أهداف أخرى من وراء استخدام واشنطن لأول مرة قنبلة غير نووية تعرف بـ»أم القنابل» على أماكن التنظيم هناك، موضحا أنه فيما يتعلق بأفغانستان نفسها فإن إلقاء القنبلة أمر غير سار، إذ أن تنظيم «داعش» سيستغل ذلك دعائيا لتجنيد مزيد من المقاتلين في البلاد.
وأشار إلى أن أمريكا على علم بمحاولات روسيا منذ أمد لتوسيع دائرة نفوذها في أفغانستان، ومن هنا فربما إلقاء القنبلة رسالة أمريكية مفادها أن تقليص حجم التوسع الروسي في أفغانستان لا يجب أن يُفسر على أنه ضعف من الإدارة الأمريكية بل هو ما كان من المفترض أن يحدث منذ زمن بعيـــد، «فالولايــــات المتحدة تستعرض قدراتها العسكرية أمام الصين وروسيا، إذ إن توقيت إلقاء القنبلة يدلل على ذلك»، وهذا بحسب رأي الجنرال الأفغاني أتكيل أمرخايل.