يجب تقليم أظافر المحافظ العقارية الوهمية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٣/أبريل/٢٠١٧ ٠٤:١٣ ص
يجب تقليم أظافر المحافظ العقارية الوهمية

علي بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

حذرنا كثيرا عبر مقالات فائتة عن ظاهرة البيع على الورق للشقق والفلل السكنية، كإحدى وسائل الاحتيال الحديثة التي ينتهجها طلاب الثراء السريع على حساب البسطاء من الناس الذين يحلمون بمسكن ملائم بعد رحلة ادخار بطيئة ومؤلمة استغرقت سنوات طوالا، وبعد أن اقتطعوا من لحومهم عذابات التسديد الشهري للقروض البنكية، وكل ذلك من أجل أن يتمكنوا من شراء شقة بالأقساط من خلال سماسرة الأوهام الذين وجدوا ضالتهم في الاحتيال في هذا الجانب.

فاليوم هناك قضايا تحقق فيها الجهات المعنية وتنظر فيها المحاكم وتقدر قيمتها السوقية بعشرات الملايين من الريالات العُمانية، هذه الأموال نُهبت من جيوب الذين غرر بهم لا لشيء إلا لأنهم عبروا عمليا عن رغبة لهم مشروعة في الحصول شقة أو مسكن ملائم، فكان أن ذهبت هذه الأماني أدراج الرياح مع نفحات الاحتيال الشيطانية إلى غير رجعة، مع بصيص أمل في أن تعود إن أفلحت العدالة في انتزاع المسروقات من بين تلك البراثن التي لا ترحم. حدث هذا المؤسف والمؤلم والفادح العواقب في ظل غياب التنظيم والردع الكافيين وبقدر يتم فيه تقليم أظافر هذه الممارسات وإلى الأبد وحتى نمنع وقوع المزيد من الجرائم والمزيد من الضحايا الأبرياء الشرفاء، إشارة إلى أن هذه الجرائم وفي تأثيرها العام تضر بمناخ الاستثمار في البلاد وخاصة في المجال العقاري وترغم الجهات المختصة لوضع المزيد من القيود والتشريعات والضوابط على الاستثمار في التطوير العقاري.
الآن المصلحة العامة تقضي بضرورة وضع التشريعات التي تضيق على مثل هؤلاء المستثمرين الخطرين وعدم السماح لهم بالبيع على الورق، إلا بعد اكتمال المباني وإدخال الكهرباء واستلام المُلاك وثائق التملك، وعدم السماح بالمتاجرة بأموال الناس بالباطل ثم الهروب بها إلى غير رجعة.
إن البيع على الورق (الخارطة) من جانب الذين يدعون بأنهم مطورون عقاريون ‏وإيهام الناس بوجود استثمارات على الأرض وأن المبنى قطع مراحل متقدمة في التنفيذ على الواقع، وأنه وخلال عامين فقط لا غير سوف يتم تسليم شقق الأحلام الوردية، والتي لا تلبث أن تتحول بعد قليل إلى شقق الأحلام الوهمية، هذا النوع من الوهم الأليم له تبعات مدمرة تماما لأولئك الضحايا المغرر بهم في وضح النهار، حدث هذا يوم وضعوا ثقتهم على عاتق هؤلاء الذين استباحوا بدم بارد دماء ضحاياهم يوم استغلوا بنحو بشع التسهيلات المتوفرة في مجال الاستثمار من ناحية عامة والعقاري على وجه الخصوص، وعلي ضوء ما أفرزته هذه الممارسات من أخطاء فادحة تمثلت في استغلال الفراغ والثغرات القانونية المنظمة لهذه الاستثمارات.
اليوم هناك أحلام تباع في قوارير ملونة وجذابة في المحلات التجارية من قبل بعض سماسرة العقارات الذين يشترون أراضي لها استخدامات عدة طوابق، ثم يقومون بتصميم الخرائط مع المكاتب الهندسية بأروع ما تكون الرسومات الهندسية والتجهيزات الملونة والقادرة على إلهاب الحماس وتحفيز الرغبات الإنسانية البريئة للإقبال عليها بعد تنحية العقل جانبا من قبل الضحايا، وهكذا يتم الإغواء والإغراء، ثم يتم الطلب منهم دفع دفعات مالية مقدما تمهيدا لتسليم الشقة في موعد لن يأتي أبدا، ثم وبغتة تفاجأ الضحية باختفاء المطور أو تملصه من التزام قطعه على نفسه كوعد غير مكذوب، وفي إطار كوابيس هذا الحلم المزعج تكون الأموال قد حولت للخارج كتأكيد على أنها لن تعود أبدا، ثم يبدأ السجال العقيم في ساحات المحاكم.
هذه الممارسات الخاطئة والكاذبة يجب أن تتوقف فورا، من خلال إيقاف تراخيص هؤلاء الذين تخصصوا في بيع الأوهام للناس، ومن خلال اشتراط اكتمال المباني أولا من قبل المستثمر وأن لا يتم البيع إلا بعد دخول خدمات المياه والكهرباء، هذه الإجراءات تهدف بالطبع لحماية أموال الناس وتعزيز الثقة في الاستثمار في هذا القطاع الاقتصادي الحيوي المهم.
نعم هناك من المطورين الجادين الأتقياء في هذا الحقل وهم يخشون الله كما ينبغي ويخافون أكل أموال الناس بالباطل هذه حقيقة لا مراء فيها، ومن أجل هؤلاء لم ينزل علينا عقاب من الله اليم، ونسأل الله كل التوفيق وكل السداد لهذه الفئة التي يعول عليها الوطن بأسره.
نأمل أن لا تسمح الجهات المختصة للمطورين بالإعلان عبر وسائل الإعلام عن بيع شقق وفلل في بنايات ما لم تكن مرخصة ومكتملة من جميع النواحي ومقترنة بشهادات من الجهات ذات العلاقة تؤكد على اكتمال كل المراحل، وذلك من أجل إيقاف هذه الممارسات وتشديد الاشتراطات لمنع أي تستر يحاولون القيام به.