للمهزومين والمتخاذلين..

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٢/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٤٢ ص
للمهزومين والمتخاذلين..

لميس ضيف

الظروف ليست شماعةً إلا للمهزومين نفسياً. وليست عذراً إلا للكسالى، و«ليزا موراي» مثال شاخص على ما نزعم.

وُلِدت في نيويورك لأبوين استعبدتهما المخدرات فكانا ينفقان كل ما يملكان على التعاطي. كانت تُترك هي وشقيقتها الصغرى في البيت لأيام دون طعام وتضطر لأكل مكعبات الثلج ومعجون الأسنان لإسكات معدتها المتألمة من الجوع.
في سن الخامسة كانت تضطر لرعاية أمها التي تدهورت صحتها بسبب المخدرات وتنظيف المنزل ورعايته أختها الطفلة وهي طفلة مثلها تماماً.
في كتابها «breaking night» تحدّثت ليزا كيف كان القمل يتساقط من رأسها على كتبها في المدرسة، فينفر منها الأطفال ويعذبونها بتعليقاتهم المهينة. وما أن وصلت للمراهقة حتى توفيت والدتها ولحقها والدها. وأصبح الشارع هو بيت ليزا، حيث عاشت على التسول والنشل واضطرت لترك المدرسة رغم حبها للعلم.
كانت لديها صديقة وفية. نصحتها بتكملة دراستها الثانوية لأنها متفوّقة وتحب الدراسة وبالفعل عادت لمقاعد الدراسة. كانت تصب في العلم طاقتها. وتعود بعد ساعات المدرسة لتنام في محطات القطار والأرصفة. وكانت تستغل إضاءة الشوارع لتذاكر وتنجز فروضها.
فرصة واحدة فقط جادت بها الحياة عليها. أعلنت صحيفة نيويورك عن مسابقة في المقال كانت جائزتها منحة للطلبة المتفوقين لجامعة هارفارد العريقة. فازت وذهبت لهارفارد وتفوّقت وتميّزت لدرجة أن الجامعة عيّنتها كمحاضرة في 2009 وسرعان ما أصبحت بروفيسورة في مجالها.
كتابها «ليالي الانكسار» حطّم الأرقام القياسية في المبيعات. وحاضرت كتفاً بكتف مع رئيس الوزراء البريطاني وقتها «توني بلير» وأعلام في السياسة والفكر كـ«ميخائيل جورباتشوف» و«الدالاي لاما». وهكذا تحوّلت ابنة مدمني المخدرات.. المشرّدة.. المتسوّلة.. لشخصية مرموقة تتم استضافتها في كل الجامعات، حيث يُفرش الاحترام والتقدير لها فرشاً باعتبارها أكثر الشخصيات إلهاماً في العالم.
أياً كانت ظروفك، والعقبات التي تؤرقك في حياتك، فلن تكون معشار ما تعرّضت له تلك الشابة التي أثبتت أن نشأتك لا علاقة لها بما تساويه وتعنيه في هذا العالم.
فأنت مَن يحدد موقعك.. وأنت مَن يقرر مصيرك.