هكذا حقق مهاتير محمد نهضة ماليزيا

مؤشر الثلاثاء ٠٩/مايو/٢٠١٧ ١٧:٤٥ م
هكذا حقق مهاتير محمد نهضة ماليزيا

مسقط - فريد قمر
من دولة تمزقها الخلافات وتعاني من مشكلات اقتصادية كبيرة، استطاعت #ماليزيا أن تصبح من أهم الاقتصادات الآسيوية. ورغم أن الأمر قد يبدو كمعجزة، فإن السر لا يعدو أكثر من رؤية واضحة وخطة عمل مرسومة بدقة وضعها وأشرف على تنفيذها #مهاتير_محمد الذي بات اسمه رديفا لنهضة ماليزيا التي تحققت في عهده كرئيس وزراء من العام 1981 إلى العام 2003.

نقاط القوة
عرف مهاتير محمد منذ البداية ما هي قدرات وطنه الاقتصادية وما هي نقاط القوة التي يستطيع من خلالها أن يحقق تنمية حقيقية، وبعد دراسة معمقة لتلك القدرات حدد القطاعات التي يجب أن تنهض في البلاد لتحقيق التنمية الشاملة، من دون أن ينسى أن الأهم ليس تحقيق معدلات نمو عالية تحققها الشركات ولا مجرد استقطاب رؤوس أموال كبيرة تحقق نمواً غير متوازن، بل رسخ مبدا أن المواطن الماليزي هو الاهم والتنمية المطلوبة هي التي تمر بالطاقات البشرية.

التعليم أولوية
- لتحقيق #التنمية_البشرية اهتم مهاتير محمد بالتعليم في بلاده ومنحه الاولوية فبنى الجامعات وطور المناهج الدراسية، ووضع ميزانيات كبيرة للبحث العلمي والابتكار، وشجع تعلم اللغات لاسيما الإنجليزية واهتم برامج التدريب المهني والتقني، وساعد الطلاب في توجيههم نحو الاختصاصات التي يراها تخدم المستقبل الاقتصادي لبلاده.

التركيز على الصناعات النوعي
عرف مهاتير محمد أن بلاده لا تستطيع أن تنافس صناعياً من حيث الكم، نظراً للمنافسة الشديدة في السوق الآسيوية ولفارق اكلاف الإنتاج ومعدلات الاجور التي لم تكن لصالحه، وبالتالي عرف أن عليه التركيز على الصناعات النوعية والتكنولوجية، فركز على الصناعات التحويلية، وصناعات القيمة المضافة، فضلاً عن الصناعات الكهربائية والإلكترونية، وصناعة السيارات، ولتسهيل مهمته وضع تسهيلات كبيرة للشركات التي تنوي افتتاح مصانع داخل بلاده، بعدما أهل كوادر بشرية وطنية قادرة أن تؤدي دوراً مهماً في تلك المصانع بما يضمن الاستفادة القصوى من تلك الاستثمارات.

شبكة الطرقات والنقل
كان جلياً أن نمو الاقتصاد لا يمكن أن يحصل من دون بنية اساسية قوية، فعمل على تطوير شبكة الطرقات والنقل، وعمل على ربط المدن بشبكات مواصلات متطورة ودعم القطاع اللوجستي التي أصبح الركيزية الاساسية لتطوير القطاع الصناعي في البلاد، كما ساهم تطوير المرافئ فيجعل ماليزيا محطة اساسية في التجارة الدولية مستفيداً من موقع بلاده الاستراتيجي الذي يتوسط اسواق ضخمة مثل اندونيسيا والهند تايلند.

الاستثمار بالسياحة
آمن مهاتير محمد بقدرات بلاده السياحية ومقوماتها، فقرر الاستثمار بالقطاع نفسه فوضع شروط الاستثمار في القطاع واستعان بالخبرات العالمية لتطوير قطاع الضيافة والفنادق، واقام خططاً للترويج السياحي لبلاده فوضعها على خريطة السياحة العالمية، وخلال سنوات قليلة نمت المنتجعات والفنادق وتم تاهيل المواقع السياحية وعمل على تدريب كوادر وطنية مؤهلة لقيادة القطاع مستقبلاً، فباتت ماليزيا وجهة سياحية مجهزة بالكامل لاستقبال السياح من مختلف انحاء العالم، ليرفع الناتج الوطني من السياحة بنحو 20 ضعفاً خلال عشر سنوات.

مركز مالي عالمي
بالإضافة إلى القطاعين السياحي والصناعي عرف مهاتير محمد قدرات القطاع المالي وأراد أن يجعل ماليزيا مركزاً مالياً عالمياً، فطور قطاع البنوك وأسواق المال، وقدم حوافز مغرية لتشجيع الشركات الكبرى للدخول في أسواق المال، وجهز بنية أساسية تقنية للبنوك جعلت العمليات المصرفية بسيطة وآمنة ما سمح بتدفق الكثير من رؤوس الأموال، لاسيما الآسيوية، إلى المصارف ما حقق فائضاً في السيولة استثمره في دعم القطاعات التي شملتها خطته.

تغيير شكل الاقتصاد الوطني
- كانت رؤية مهاتير محمد ليس تغيير شكل الاقتصاد الوطني بل تنويعه، فلم يهمل القطاعات الأساسية التي كانت ترفد الاقتصاد والتي يعتاش منها ملايين الماليزيين، فلم يهمل القطاع الزراعي، بل ساهم في تطويره من خلال تدريب المزارعين ورفع كفاءاتهم ما ساهم في زيادة إنتاجهم كماً ونوعاً، وركز على بعض نقاط القوة فشجع زراعة النخيل وطور الصناعات الغذائية، لتصبح ماليزيا من أهم الدول في إنتاج زيت النخيل حول العالم، وعمع نشر الوعي والتثقيف الزراعي شهدت الصناعات الغئاشية الماليزيا نهضة كبيرة كسائر القطاعات في البلاد.
لم يكن سر الاقتصاد الماليزي نجاح شخص واحد بل تكاتف المجتمع حول الرؤية التي وضعت في البلاد، ليكونوا شركاء في خطة التنمية لا مجرد متلقين ومتفرجين، فشكلوا الركيزة الاساسية لنهضة بلادهم بانخراطهم في دورة الإنتاج وتقديم التضحيات الآنية من أجل المصلحة العامة، ليصبح الشعب الماليزي القائد الحقيقي لنهضة ماليزيا.