ما دور الاقتصاد في الانتخابات الإيرانية؟

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٨/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٥٩ ص
ما دور الاقتصاد في الانتخابات الإيرانية؟

جواد صالحي أصفهاني

تعقد إيـــران عـــادة انتخابات رئاسية لا يمكن التنبؤ بنتائجها إلى حد كبير. ويصدق هذا على الانتخابات المقبلة غداً، إذ يواجه الرئيس الحالي حسن روحاني منافساً محافظاً عنيداً.

منافـــس روحاني في الانتخابات هو إبراهيم رئيسي، رجل دين رفيع المستوى يُنظر إليه كخليفة محتمل للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي. وقد حظيت حملة رئيسي بِدَفعة كبيرة بعد انسحاب مرشح متشدد آخر، وهو محمد باقر قاليباف، عمدة طهران الذي حصل على ثلث الأصوات التي حصل عليها روحاني في انتخابات 2013.

عندما انتُخب روحاني العام 2013، كانت إيران تعاني من تضخم بلغت نسبته 35 %، وانهيار في قيمة العملة الوطنية بمقدار الثلثين في العام السابق، كما كان الاقتصاد يعاني من الشلل تحت وطأة العقوبات الدولية. كذلك هبطت صادرات النفط وإنتاج السيارات ــ وهي الصناعة التحويلية الأولى في إيران ــ بمقدار الثلثين، وسط مطالبات العاملين في مجال الصناعة بأجورهم المتأخرة بعد أن ضاقوا ذرعاً بهذه الأوضاع.
شن روحانـــي آنذاك حملة ضد السياسات الشعبوية التي انتهجها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، ووعد بأن يعطي أولوية للوظائف والإنتاج على إعادة التوزيع، وتعهد بالسيطرة على التضخم، والتفاوض على اتفاق مع الغرب لإنهاء العقوبات، إضافة إلى استعادة استقرار الاقتصاد الكلي.
وفق أي معيار منطقي، يمكن القول بأنه قد وفى بما وعد به: فقد هبط معدل التضخم لأقل من 10% للمرة الأولى خلال ثلاثة عقود، ورُفِعَت العقوبات بموجب الاتفاق النووي الذي أُبرم العام 2015، واستقر سعر الصرف على مدار الأعوام الأربعة الفائتة. لكن، لسوء حظ روحاني، يشعر كثير من الإيرانيين الآن بالإحباط بعد أن كانوا يتوقعون أن تؤدي هذه النجاحات إلى تحسين مستويات معيشتهم وفرصهم الوظيفية.
لا شك أن الاقتصاد بدأ في النمو مجدداً بعد انكماش استمر عامين، إلا أن حجم هذا التعافي الحالي ومدى ثباته واستمراريته أمر مختلف عليه. فنظراً لاعتماد هذا النمو المستجد في غالبه على مضاعفة إنتاج النفط، لم يسفر عن زيادة في دخول معظم الأسر، ولم يوجد فرصاً وظيفية جديدة. لذلك فبعد أن توقع مراقبو صندوق النقد الدولي الذين يزورون إيران مرتين كل عام أن يبلغ مستوى النمو 6.6 % في العام المالي 2016-2017، خفضوا توقعاتهم إلى نصف هذه النسبة للعام المالي 2017-2018.
علاوة على ذلك، فقد اتبع روحاني سياسة مالية جامدة أدت إلى تعميق الركود وتأخير التعافي، إذ أبقى معدل الاستثمار الحكومي في الأصول الثابتة عند مستوى 5 % تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ضعف ما كان عليه إبان رئاسة أحمدي نجاد، لكن لا يزال في النهاية منخفضا للغاية، إذ يُعَد الاستثمار الحكومي في الأصول الثابتة المحرك التقليدي للنمو الاقتصادي في إيران، ولم تكن نسبته تقل عن 20 % من الناتج المحلي الإجمالي في أوقات الرخاء.
وارتفعت معدلات الفائدة الفعلية إلى أكثر من 10 % لتقضي على الاستثمار الخاص. وفي ظل إعراض الدولة عن الإنفاق وعجز القطاع الخاص عن الاقتراض، هبط الاستثمار الكلي بمقدار 9 % في الأشهر التسعة الأُولى من العام المالي 2016-2017، بعد انهياره بنحو 17 % في نفس الفترة من العام السابق.
ورغم تجدد النمو الاقتصادي، فقد زادت البطالة فعليا في السنوات الأربع الأخيرة. ومع تمكن الاقتصاد من خلق أكثر من نصف مليون وظيفة كل عام، رفع المنضمون الجدد إلى قوة العمل معدل البطالة من 10,1 % إلى 12,1 % ــ ومن 24 % إلى 29 % بين العاملين في الفئة العمرية من 15 إلى 24 عاماً.
لقد سببت استراتيجية روحاني الاقتصادية إحباطاً واضحاً بين الشباب الإيراني، الذين يمثلون 60% من الباحثين عن عمل، لأنهم هم من فضلوه بشكل عام على منافسيه في انتخابات 2013.
لكن الفئات العمرية الأكبر سنا بين الإيرانيين قد لا تكون بهذا التسامح، إذ أن البطالة بين الشباب تؤثر على الجميع لاسيما الكبار الذين يضطرون لتوفير المسكن والمأكل لذويهم من الباحثين. كما رفع روحاني أسعار الطاقة 50% دون زيادة في تحويلات الدعم النقدي الموجهة للفقراء. ولا نعرف مدى مساندة الفقراء لروحاني في انتخابات عام 2013، لكننا نستبعد أن يدعموه بنفس القدر هذه المرة.
رغم كل هذا، تشير التوقعات إلى فوز روحاني بفترة رئاسة ثانية، لسبب خاص وهو أنه ما من رئيس للجمهورية الإسلامية إلا وحكم لفترتين. أما إذا خسر، فلا يلومن إلا سياساته الاقتصادية ــ التي لم تثمر إلا القليل جداً في وقت متأخر جداً.

أستاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا