النسخة السورية من الموصل العراقية «الرقة».. هل تنجح في التخلص من داعش

الحدث الخميس ١٥/يونيو/٢٠١٧ ٠٤:٥٠ ص
النسخة السورية من الموصل العراقية 

«الرقة».. هل تنجح في التخلص من داعش

مسقط – محمد البيباني

تتشابه الصورة إلى حد بعيد في مديني الرقة السورية والموصل العراقية.. فكلتاهما تسعى للتخلص من تنظيم داعش الإرهابي الذي اتخذهما معقلاً له في سوريا والعراق، وكلتاهما كانت شاهدة على مآسي المدنيين العزل جراء جرائم التنظيم، وأخيراً تشهد أرضيهما معارك للتخلص من التنظيم منذ سبعة أشهر أو يزيد والتحرر من ضلالاته..

المدنيون المحاصرون يواجهون خطر القتل على أيدي قناصة داعش أو الألغام إذا حاولوا الفرار، لكنهم قد يُستخدمون كدروع بشرية إذا ظلوا هناك.
معركة تحرير الموصل الشاقة الممتدة منذ سبعة أشهر تجعل الجميع حذراً في تكهناته بشان مصير تحرير الرقة السورية.. هل تستمر معارك تحرير الرقة طويلا أم يمكن لها أن تنتهي بتحقيق الهدف ؟
وهل تعد خسارة الرقة والموصل نهاية لوجود التنظيم في العراق وسوريا ؟

تراجع وسيطرة

قالت وحدة الإعلام الحربي، التابعة لجماعة حزب الله اللبنانية، إن حليفها الجيش السوري، حقق تقدماً مفاجئاً ضد تنظيم «داعش»، في المنطقة الصحرواية الواقعة غربي الرقة، وباتت الصحراء السورية الشاسعة، المسرح الرئيسي للحرب، في الأسابيع القليلة الفائتة، مع تسابق قوى متناحرة لانتزاع أراض من التنظيم الذي يتراجع ببطء على جبهات عدة.
في نفس الوقت أفادت مصادر سورية محلية، بأن تنظيم داعش، استعاد امس الأول الثلاثاء أغلب الأحياء التي خسرها الاثنين في وسط وشرق مدينة الرقة، بعد أن سيطرت عليها «قوات سوريا الديمقراطية» إثر اشتباكات عنيفة بين الطرفين.
وأكدت المصادر المحلية أن عدداً كبيراً من قوات سوريا الديمقراطية سقطوا بين قتيل وجريح، كما تم أسر البعض منهم من قبل التنظيم.

المعركة...هل تنتهي سريعاً ؟

المحلل السياسي باتريك كوك بيرن حاول الإجابة على هذا التساؤل في مقال له في صحيفة «الإندبندنت» وقال إنّ سير المعارك ضدّ داعش في الموصل بدّد أي أمل في إحراز نصر كامل على التنظيم في معركة تحرير الرقة.

وأشار باتريك إلى أنّ قوات مناوئة لداعش تتقدم شرقي الرقة، بينما يحاصر الجيش العراقي عناصر التنظيم في جزء من مدينة الموصل القديمة.

وتعليقاً على ذلك، قال بريت ماك جيرك، المبعوث الأمريكي إلى التحالف الدولي لقتال داعش: «لقد جرت محاصرتهم في إحدى ضواحي الموصل، وقد خسروا بالفعل جزءًا من الرقة، لكن الأمر سيطول لبعض الوقت».
يقول باتريك إنّ التكهنات بحدوث انتصار سريع – ممزوجة بشك حول الوقت الذي سيستغرقه ذلك.
تشير التقديرات إلى أن من بين 2500 و4000 مقاتل تابع لداعش في الموصل، فإنه ما بين 450 و800 مقاتل فقط هم من يقاتلون. ويرى محللون أنّ التنظيم سيلجأ إلى نفس التكتيك في الرقة بعد أن اكتسب قادته خبرة كبيرة. يسود اعتقاد أنه ما يزال هناك حوالي 36 ألف مقاتل تابع لداعش في كل من سوريا والعراق، وأنّهم سيتجهون نحو حرب العصابات.
ويؤكد التقرير أنّ التنظيم بات يجيد حرب العصابات بعدد قليل من المقاتلين في مواجهة أعداد أكبر من القوات المدعومة جواً. فالقناصة والانتحاريون والألغام والسيارات المفخخة تبطئ تقدم القوات المناوئة لداعش.
في نفس السياق صرح المتحدث باسم هيئة أركان الجيوش الفرنسية العقيد باتريك ستيجر بأن استعادة مدينة الرقة، معقل تنظيم داعش في سوريا، قد يستغرق وقتاً. وقال المتحدث: «ستكون المعارك بلا شك طويلة وشاقة وذلك بالرغم من التقدم الكبير الذي تحقق منذ أمس على الجبهات الشمالية والغربية والجنوب غربية للمدينة».
وأضاف العقيد ستيجر: «مما يتم هو نوع من عمليات الكماشة يحدث على طول نهر الفرات في اتجاه المدينة ولكن داعش فخخ الأرض بكثافة وبالتالي يمكن توقع أن يستغرق الأمر وقتاً».

نهاية المعركة

لا يعتبر التنظيم أنّ خسارة الموصل والرقة هي نهاية المعركة – يضيف التقرير – ولكنها مرحلة جديدة في حرب طويلة يمتلكون فيها بطاقات عدة قيّمة. فبتخلي التنظيم عن الدفاع عن مناطق حيوية، سيكون من الأسهل بالنسبة إلى مقاتليه تجنب القصف الجوي الذي يشنه التحالف الدولي. كما أن الجيشين السوري والعراقي إلى جانب القوى الكردية يعانون نقصًا في القوات وسيواجهون صعوبة في السيطرة على المناطق التي استعادوها من أيدي التنظيم.
ثمة دلائل أخرى على أنّ القضاء على داعش ما يزال بعيد المنال. فقد شن مقاتلوه هجومًا لاستعادة جزء من دير الزور – أكبر مدن شرق سوريا – ويبدو أن التنظيم على وشك الانتصار على الرغم من القصف الجوي الروسي العنيف.
وقد يظن تنظيم داعش أن التحالف المناهض له لا يجمعه سوى الخوف المشترك من التنظيم، وبمجرد سقوط الموصل والرقة وتبدد الخوف، فإن أعضاء التحالف المختلفين سيتشاجرون فيما بينهم ويخلقون الفوضى التي ساعدت أصلًا على ولادة داعش وتمكينه من التوسع.

المدنيون المحاصرون

أعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ إزاء سلامة أكثر من 400 ألف من الرجال والنساء والأطفال الذين يتعرضون لخطر القتال اليومي والغارات الجوية في محافظة الرقة بسوريا.
ومن جانبها أعلنت لجنة الإنقاذ الدولية، أن المدنيين المحاصرين في مدينة الرقة السورية يواجهون خطر القتل على أيدى قناصة تنظيم (داعش) الإرهابي أو الألغام إذا حاولوا الفرار، لكنهم قد يُستخدموا كدروع بشرية إذا ظلوا هناك.
وقال مدير الشؤون العامة لمنطقة الشرق الأوسط في لجنة الإنقاذ الدولية توماس جاروفالو - في بيان نقلته قناة (سكاي نيوز) الإخبارية - «لاحظت لجنة الإنقاذ الدولية انخفاضاً في عدد الفارين من الرقة خلال الفترة الأخيرة، وهو ما قد يشير إلى أن (داعش) ينوي استخدام 200 ألف شخص لا يزالون محاصرين في المدينة كدروع بشرية».
وأضاف جاروفالو أن «من يحاولون الفرار مع تقدم قوات سوريا الديمقراطية في المدينة يواجهون خطر القتل بسبب الألغام وقناصة تنظيم داعش وكذلك الضربات الجوية». وأشار إلى أن الفرق الطبية التابعة للجنة في شمالي مدينة الرقة عالجت أشخاصاً مصابين بسبب الألغام أثناء محاولة اجتياز خط القتال.
ويواجه المدنيون نقصاً متزايداً في الغذاء والمياه والرعاية الصحية والكهرباء في الرقة مع بدء «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تدعمها الولايات المتحدة وتضم فصائل كردية وعربية مسلحة، هجوماً لاستعادة المدينة التي تعد معقلاً للتنظيم المتطرف في سوريا.