قرية «القشع» بالجبل الأخضر بيـن المـاضــي والحاضر

مزاج الثلاثاء ٢٠/يونيو/٢٠١٧ ٠٤:٣٥ ص
قرية «القشع» بالجبل الأخضر بيـن المـاضــي والحاضر

الجبل الأخضر - أسد بن حارث الزكواني

تقع قرية «القشع» في نيابة الجبل الأخضر أسفل أحد السفوح المنحدرة باتجاه أحد روافد وادي المعيدن «وادي العين»، ترتفع عن سطح البحر بحوالي 1800 متر تقريبا، مناخها معتدل صيفا وبارد شتاء. تقع في أعلاها قرية الشريجة والعين وما يزيد القرية جمالا هو المدرجات الخضراء التي تحيط بها، وتشتهر القرية بالعديد من المزروعات مثل الرمان والخوخ والعنب والورد والفواكه التي تمتاز بالمذاق اللذيذ ذي الجودة العالية، وتعد المحاصيل من الموارد الاقتصادية لأهالي المنطقة، ويعمل الأهالي أيضا في حرفة الزراعة والري منذ قديم الزمان.

مقصد سياحي

تعد القرية مكانا سياحيا جميلا يرتاده الكثير من السياح سنويا، حول ذلك يحدثنا الأستاذ حمد بن صبيح الزكواني قائلا: تتمتع القرية بكثير من المناظر الطبيعية الجميلة والخلابة وخاصة في فترة سقوط الأمطار، وبها مدرجات زراعية تقع أسفل المنازل باتجاه الوادي إلى جانب العديد من العيون المائية، كما يطل عليها منتجع «أنانتارا» ذي الخمس نجوم، كما فيها الكثير من الصخور النارية المتكونة بفعل الأنشطة البركانية، وأيضا يوجد بها العديد من الكهوف ذات التكوينات الجميلة مثل كهف «لمبرد» وغيرها، ناهيك عن مجرى وادي العين المغطى بأشجار استوائية تتفرد بها القرية من بين قرى الجبل الأخضر وتسمى أشجار «السوجر» يستفاد من أغصانها في جني محصول الجوز بسبب طولها.

تقاليد وعادات

يتمسك سكان قرية القشع بالعادات والتقاليد الإسلامية العمانية الأصيلة، وفي هذا الجانب يقول مرهون بن سلام الزكواني: أهل قريتي متمسكون بالعادات والتقاليد الإسلامية العمانية الأصيلة خاصة في شهر رمضان، إذ يفطرون بشكل جماعي في السبلة أو في الأعياد ويتبادلون الزيارات فيما بينهم، ومعظم سكان القرية يرجعون إليها أيام العيد ليشاركوا أبناء عمومتهم فرحة العيد ويتبادلون الزيارة مع أفراد قبيلتهم في قرية «مصيرة الرواجح» فنذهب إليهم في عيد الأضحى، وأهل قرية مصيرة الرواجح يأتون إلينا في عيد الفطر المبارك، وأيضا تراهم صفا واحد في الأحزان والأفراح والعامل المساعد في ذلك أنهم ينتمون إلى جد واحد وهذه الميزة قلما تجدها في الكثير من القرى في الجبل الأخضر، كما أن لـ «السبلة» دورا كبيرا في تنشئة الأطفال فهم يتعلمون العادات والتقاليد الاجتماعية كاستقبال وإكرام الضيف، والاحترام والتقدير بين أفراد القرية من الكبير والصغير، وفي السبلة يلتقي أفراد القرية بعد صلاة الفجر أو بعد كل صلاة يتبادلون أطراف الحديث ويناقشون مصالح البلد بجو تسوده الألفة والمحبة بينهم.
كما أن لـ «المسجد» دورا بارزا في الحياة الدينية، فإمام المسجد العم غريب بن خميس الزكواني والذي يبلغ من العمر 88 سنة يقول: القرية يوجد بها مسجد يعد من أقدم المساجد في الجبل الأخضر وبني هذا المسجد زمن الأئمة اليعاربة، ولا زال يحتفظ بطابعه القديم، ويتعلم فيه الأولاد الأمور الدينية والشريعة الإسلامية من الكبار فهو مكان لأداء الصلوات وفي الوقت نفسه مدرسة دينية تربوية، كما أن شباب القرية بينهم لحمة اجتماعية قوية اكتسبوها من الآباء والأجداد فتراهم كمثل البنيان المرصوص وفي كل عيد يقومون بعمل معسكر داخلي تجري فيها إصلاحات داخل القرية كمثل إصلاح الطرق والمجاري المائية وغيرها من الأعمال ذات الطابع الاجتماعي.
كما أن الشباب لعبوا دورا بارزا في إنشاء فريق شبابي يشار إليه بالبنان على مستوى الجبل الأخضر. الرئيس الفخري للفريق العم سليمان بن السبع الزكواني يقول: للقرية فريق يسمى «الارتباط الرياضي» سمي بهذا الاسم لإبراز قوة وارتباط وتلاحم أهل القرية كالبنيان المرصوص، يقوم الفريق بمزاولة العديد من الأنشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية سواء داخل القرية أو خارجها.

رمضاننا مميز 11

«رمضاننا مميز 11» هو إفطار جماعي اعتاد أهل القرية على تنظيمه وهو مميز بالألفة والمحبة، إذ يجتمع فيه الأهالي من مختلف مناطق السلطنة كأسرة واحدة ويحتفلون بتقديم المحاضرات الدينية والمسابقات الثقافية.
العم صبيح بن السبع الزكواني يتحدث عن رمضان بين الماضي والحاضر فيقول: رمضان في الماضي يختلف عن يومنا هذا، إذ يعين من كل قرية في الجبل الأخضر ثلاثة رجال ونذهب حاملين معنا الزاد من التمر والقهوة والماء ونقف على أعلى مرتفع أو قمة في القرية ونطلق عليه بـ «قرن المعتق» وذلك قبل صلاة المغرب بنصف ساعة تقريبا ينتظرون ظهور «الهلال»، ونعتمد على صاحب نظر ثاقب وعندما يرى أي أحد الهلال وباتفاق الرجال الثلاثة يتم إطلاق صوت بواسطة سلاح «التفق» وهكذا يتم تثبيت دخول الشهر الفضيل ويهل الهلال.
ويضيف: كنا نستعد للشهر الفضيل ونذهب بالحمار إلى نزوى لأخذ المؤونة والزاد كالعيش والتمر «الحلا» ونذبح ماشية وتقسم حسب المقدرة بـ «نص قرش أو قرش» وبذلك تكفي للشهر الفضيل كاملا.
وحول نوعية الأطباق التي تقدم على الإفطار يقول: التمر والقهوة واللبن للإفطار الجماعي، ولمعرفة بدء وقت الإفطار في البيوت كنا نقوم بإرسال الأطفال غير الصائمين إلى قرب المسجد ليسمعوا صوت الأذان ويتراكضون بفرح إلى البيت وبصوت واحد «أذن المؤذن فطرو» وبعد صلاة المغرب نجلس في السبلة ونشرب الشربة أي «القضامة» المتكونة من حب البر والحليب والسمن العماني ونبات الوعى.
ويتابع العم صبيح: الصوم في فصل الشتاء كان صعبا نوعا ما، إذ كنا نصلي في «السبلة» وليس بالمسجد ونشعل الحطب في الموقد أو الصرنجة لنتدفأ وهكذا تحلو أيامنا بالألفة والمحبة.
وعن تبادل الزيارات بين القشع وبقية قرى الجبل الأخضر يقول: نقوم بزيارات لأكثر من 6 قرى في الجبل الأخضر خلال أيام شهر رمضان المبارك على مختلف القبائل وذلك لأخذ علوم الدنيا ويسود بيننا الإخاء والألفة و«العيش والملح» والتعاون ومساعدة كل محتاج، فهذي شيم الرجال وطابع العماني الأصيل.
من جانبة يختم الرشيد سلطان بن سالم الزكواني بالقول: تجمعنا معا يأتي بالخير والقوة للأجيال المقبلة، إذ نناقش خلال اجتماعاتنا كل ما يهم القرية من أمور ونحاول إيجاد حلول لها.