أسلوب العمل المرن في ازدهار

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٥/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:٥٠ ص
أسلوب العمل المرن في ازدهار

ستيف كوري

ساهمت التطورات التكنولوجية في تكوين اتجاه نحو المرونة في مجال العمل. فكرة العمل بشكل يومي من 9 صباحًا وحتى 5 مساءً تتحول تدريجيًا لتصبح شيئًا من الماضي، وتتجه المزيد من الشركات كل يوم نحو إيكال الكثير من المهمات التي تحتاجها إلى المختصين المستقلين، موفرين بذلك مناخ عمل مرن وقابلية للعمل من المنزل. ويعدُّ هذا الأسلوب المرن أسلوب عمل معترف به عالميًا اليوم، كما أنه يشهد نموًا سريعًا في الإمارات، إذ إن أصحاب الأعمال والموظفين يسعون إلى تحقيق توازن متبادل بين المرونة والإنتاجية، وهذا يعني المزيد من الخيارات في كل ما يتعلق بمكان وبيئة العمل، ووقت وساعات العمل. وقد يعني أيضًا أساليب جديدة في العمل، تشمل التشاركية بالمهام وتوفير بيئات وهياكل عمل جديدة.

نشهد اليوم توجهًا متزايدًا لدى أصحاب الأعمال نحو تمكين موظفيهم من العمل بصورة مرنة أكثر. تقنيات الحوسبة السحابية مكنتنا من تحقيق تشاركية أكثر عبر أدوات التواصل، والبرمجيات، والتطبيقات مما سهل من عملية الوصول للمستندات وقواعد البيانات من أي مكان. والدردشة الفورية هي أيضًا وسيلة وأداة أخرى أصبحت أكثر استخدامًا من ذي قبل إذ إن المؤسسات قد وسعت قاعدة التوظيف لتشمل كل أنحاء العالم. هذه التطورات أدت إلى مرونة أكثر في العمل من أي مكان في أي وقت، وجعلت ساعات العمل المرنة أسهل تحقيقًا من أي وقت مضى. وقد كشف تقرير جديد للمعهد الملكي للمسّاحين القانونيين RICS، جرى فيه سؤال 500 موظف في الشرق الأوسط، أن 75%من الموظفين عبروا عن حاجتهم إلى مرونة أكثر في بيئات عملهم حتى يصبحوا أكثر إنتاجية. هذه النتائج تثبت بصورة واضحة أثر بيئة العمل الفيزيائية على إنتاجية الموظفين.

في الولايات المتحدة، يمثل الموظفون الطارئون نسبة 34%من مجموع القوى العاملة، ويقدر حجم إسهامهم في الاقتصاد الأمريكي بـ 715 بليون دولار أمريكي. أما في المملكة المتحدة، فيسهم الموظفون الطارئون بـ32 بليون دولار أمريكي للاقتصاد البريطاني. في أوروبا زادت أعداد الموظفين المستقلين بنسبة 45%، إذ كانت أقل بقليل من 6.2 مليون وأصبحت 8.9 مليون، مما يجعلهم أسرع مجموعة عمل نموًا في سوق العمل الأوروبي. ومع أننا لا نملك أية بيانات وأرقام يعتد بها هنا في الإمارات، إلا أن النظرة العامة تعدُّ إيجابية وتبشر بفرصة ضخمة في هذا القطاع.

الشركات المحلية في المنطقة تتجه بازدياد نحو الموظفين المستقلين لتبقي تكاليفها ومصروفاتها تحت السيطرة. تعمل الشركات على الاستفادة من خدمات المستقلين في الدعم قصير المدى، إذ يستفيدون أقصى استفادة، بدون الحاجة لإجراء مقابلات مطولة، أو تكبد تكاليف التأشيرات والتأمين الصحي. أضف على ذلك أنهم يحصلون على خبرات ومهارات قابلة للفحص والتطوير أو التغيير في أي وقت. وقد ركز المختصون الذين جرى سؤالهم على أن المرونة هي الميزة الأولى لعملهم بشكل مستقل. وتعد القدرة على اختيار المشاريع والشركات التي يعملون معها عاملًا أفضليًا أساسيًا عندهم، بالإضافة إلى قدرتهم على تطويع المهام وجدولتها حول جداول أعمالهم الشخصية.
يعدُّ هذا الأمر ذا أهمية خصوصًا لأولئك الذين يبحثون عن فرصة للعودة للعمل. هناك الكثير من الأشخاص الموهوبين الذين تركوا وظائف ممتازة وذلك لظروف انتقالهم من البلد مع شركائهم أو لحاجتهم للمزيد من الوقت لرعاية أبنائهم، هؤلاء المختصون والمهنيون المحترفون قادرون على إضافة قيمة مهمة للشركات، ولكنهـــم يحتاجــون المــرونة لتتناســـب وظروفهم وأساليب حياتهم الحالية. أما أبرز مســــاوئ العمل كمستقل، هي عدم القدرة على الحفاظ على تدفق متواصل من المشاريع والأعمال.
المرونة يجب أن تعمل على شقين داخل الشركة. الشركات عليها أن تكون قادرة على دمج المواهب والمهارات عند الحاجة، وعلى تقليص الاعتماد عليهم عندما تكون الأمور هادئة. ومع ذلك، عليهم انتهاج أسلوب تعامل مسؤول خلال هذه العملية. وقبل العام 2008، عندما كانت الكثير من الشركات في المنطقة مستمرة في النمو بشكل مطرد، كانت عمليات التوظيف تتصاعد بوتيرة مثيرة للقلق. وعندما جاءت الأزمة العالمية في 2008-2009، فصل بضعة مئات من وظائفهم واضطرت بعض الشركات لإيقاف عملياتها وإغلاق مكاتبها. الخسارة المالية كانت واضحة بالأرقام، ولكن الخسارة المعنوية والعاطفية لمن خسروا وظائفهم وخسارة عائلتهم وأصحاب أعمالهم كانت غير قابلة للقياس.
الأزمة المالية العالمية، كانت بالطبع، حدثًا بالغ الأثر، ولكننا تعلمنا منه دروسًا مهمة وخصوصًا في آلية التوظيف، وذلك لجعل عملية إدارة الموارد البشرية أكثر واقعية وإنتاجية. الشركات التي تريد ركوب موجة عدم اليقين بالمستقبل، عليها تبني أساليب أكثر مرونة في توظيف المهارات والمواهب التي يحتاجونها في شركاتهم.

المدير العام لتاسك جيت