أنقذوا الجبل الأخضر

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٣/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:٣٠ ص
أنقذوا الجبل الأخضر

عزيزة راشد

ذكر الرحالة الإنجليزي ولفرد ثيسجر أن أرض الجبل الأخضر من المقدسات الممنوع الاقتراب منها لغير المسلمين، وظل الجبل الأخضر مغلقاً لا يمكن الصعود إليه إلا بتصريح من الوالي لغاية نهاية العام 2005، عندما أمر جلالته -حفظه الله- بفتحه أمام الجميع.
كانت أرض الجبل الأخضر من المقدسات التي يجب الحفاظ عليها، حرمتها كحرمة مكة، لا يدخلها إلا المسلمون فقط.
أنقذوا الجبل الأخضر فعمر صخوره تزيد على 800 مليون سنة، كل حجر فيه يحمل تاريخاً شاهداً على حقبة زمنية معينة، بعض الصخور نحتت في جوفها الأصداف البحرية لتحكي تاريخاً بحرياً كانت قد أتت منه، وأخرى تحجرت في جوفها النباتات تنتظر باحثاً عن علم يفك شفرة أسرارها، وهناك صخور لا نعلمها، الله يعلمها ويعلم مصدرها إن كانت من الأرض أو من السماء، هل فعلاً هي صخور أم أجنحة ملائكة سقطت على عجل؟
أنقذوا الجبل الأخضر لأنه تاريخ حقبة من حقب التاريخ الموغل في التضاريس الجغرافية الكامنة في عمر الأرض، والموغلة في حقب الأزمنة على امتداد الجغرافيا، فالجبل الأخضر تكون بشموخه في نفس الوقت الذي ارتفعت فيه قباب جبال الألب في وسط آسيا، تاريخ طويل من الزهو ومعانقة السماء، ولعل البعض يفتخر بتسلقه جبال الألب بينما الجبل الأخضر يحمل نفس العمر إن لم يكن أكبر من عمر قمة إفرست نفسها.
أنقذوا الجبل الأخضر فقمته التي بلغت 3000 متر عن سطح البحر تطل على العالم من حولها في شموخ يثبت أن عمان بلد قديم متجذر في عمق جغرافيا عتيقة في الأرض، وليست حديثة المنشأ، وعلى هذا الارتفاع الشاهق تختبئ الجنة، جنة التين والزيتون والرمان والورد والكمثرى والعسل والخوخ والجوز وكل الفواكه التي نراها تأتي مستوردة لبلادنا، ولولا عدم وجود دعم لهذه الزراعات لكنا حققنا الاكتفاء الذاتي منها وصدرنا خيرات جنتنا إلى كل بقاع الدنيا.
أنقذوا الجبل الأخضر فأشجاره التي نراها الآن يزيد عمرها عن 600 سنة، أما التي لم نرها فعمرها تجاوز ملايين السنين مجتمعة، من أشهر الرحالة الذين جاؤوا إلى عمان عالم النبات الفرنسي ريمى اوشر ايلوى الذي قام برحلة إلى الجبل الأخضر وأعجب بغابات النخيل ومزارع السكر وبأشجار الفاكهة وقال: حين كنا نصعد سفوح الجبل الأخضر، اختفت عن أنظارنا غابات النخيل، وظهرت لنا أشجار الفاكهة الخاصة بالمناطق معتدلة المناخ، كالجوز والتين والمشمش والكرز، ومعرشات العنب، بالإضافة إلى الرمان الذي تتكاثر أشجاره هناك، وفي نزوى وما حولها كانت هناك مع النخيل أشجار الليمون والمانجو والموز والرمان وحقول السكر والقطن والبرسيم، هذا العالم الفرنسي وصف الجنة التي وهبنا الله إياها فهل ندرك نحن حجم نعيم الجبل الأخضر؟
أنقذوا الجبل الأخضر، فهو كنز عمان الأول والأخير، ومخزون الأجيال القادمة، ففي جوفه كل أنواع المعادن التي لم تكتشف بعد، وعلى أرضه الذهب والفضة والنفط، وما خفي كان أعظم، فلما لا نعامل الجبل الأخضر على أنه شيء عظيم؟