الحرب تدمر التعليم والغش سلاح الطالب في اليمن

الحدث الاثنين ١٧/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:٠٨ ص
الحرب تدمر التعليم والغش سلاح الطالب في اليمن

عدن - إبراهيم مجاهد
لم تعد هناك عملية امتحانية في اليمن، ما يتم اليوم هو عملية غش واسعة النطاق تتم بصورة رسمية وغير منظمة أيضاً.. هكذا يعلق أحد معلمي محافظة تعز اليمنية، جنوب غرب اليمن، على سير امتحانات الشهادة الثانوية بسبب عمليات الغش التي ترافق سير الامتحانات.
ويقول آخر إن ما يتم اليوم في اللجان ومراكز الامتحانات بات أخطر على اليمنيين مما يحدث في جبهات القتال، كون ما يحدث هو عملية تدمير لجيل كامل سيأتي ذات يوم وهو يحمل معه الفشل والبندقية معاً.

غش بصورة مفجعة
يقول أكرم محمد، وهو معلم ثانوية عامة في محافظة تعز، إن عملية الغش التي تتم في الامتحانات هذا العام مخيفة جداً وتكشف خللاً كبيراً في العملية التعليمية، إذ بات معظم الطلاب الذين يختبرون هذا العام، يتسلمون ورقة الأسئلة ولا يبادروا لحل أي شيء من الأسئلة بل ينتظروا حتى يأتي معلم أو شخص تتم الاستعانة به في المركز أو لجان الاختبارات ليحل لهم الاختبار على «السبورة» ويغادر بعدها كي يتفرغ الطلاب بعد ذلك لنقل الحل إلى دفاترهم. وبحسب تحقيق أجرته شبكة «زدني» التعليمية فإن ما أعلنته وزارة التربية والتعليم في موقعها الإلكتروني من رؤية استراتيجية للتعليم الثانوي يتسم بالعدالة والمساواة في توفير الفرص التعليمية والجودة في النوعية، غير أن ما يجري داخل اللجان الامتحانية يتنافى مع هذه الرؤية فلا عدالة ولا مساواة في وجود ظاهرة الغش في الامتحانات.
وتدور التساؤلات حول دور وزارة التربية والتعليم والمؤسسات الأمنية والمجتمعية في منع هذه الظاهرة، في حين أن قيادة الوزارة تحمِّل المجتمع نتيجة السلوكيات الخاطئة للطلاب أثناء الامتحانات، وتشكو من ضعف تعاون الجهات الأمنية والمجتمع في الحد من هذه الظاهرة، وتنتهي فترة الامتحانات بتبادل الاتهامات بين جميع الأطراف المعنية، وبعدها تعلن النتائج بنسبة نجاح عالية وكأن شيئاً لم يكن.
ومع أن ظاهرة الغش تعدّ ظاهرة عالمية في كثير من البلدان إلا أن الأنظمة التعليمية تتخذ إجراءات حازمة نحوها؛ لما لها من خطورة وانعكاسات سلبية على التعليم والمجتمع بشكل عام.

مظاهر الغش في الامتحانات
تتنوع أشكال ومظاهر الغش في الامتحانات العامة في اليمن بين اقتحام لمراكز الامتحانات بقوة السلاح، وتسريب نماذج الامتحانات، والاعتداءات على رؤساء اللجان والمراقبين، وإطلاق النار على المعلمين بسبب رفضهم السماح بالغش، ونشوب فوضى ومشاغبة وتسلق لجدران المراكز الامتحانية، وتجمهر لأولياء الأمور على بوابات ونوافذ اللجان لمحاولة مساعدة أبنائهم، وانتحال شخصية، وتشارك الطلاب في الغش داخل اللجان، وتسهيل الغش من قِبل رؤساء وأعضاء اللجان الامتحانية مقابل مبالغ مالية، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والواتس آب في عمليات الغش في الامتحانات.
من جهتهم يعتبر أصحاب محلات التصوير الورقي أن فترة الامتحانات تشكل بالنسبة لهم موسماً لجني الأرباح، كونها تسهّل عملية الغش للطلاب من خلال تصوير المقررات الدراسية على قصاصات ورقية صغيرة لا يزيد حجم بعضها عن خمسة إلى عشرة سنتيمترات مربعة تسهل للطالب إدخالها إلى قاعة الامتحان واستخدامها في الغش.

أبعاد الظاهرة
كثير من دول العام تعدّ التعليم قضية أمن قومي وقاسماً مشتركاً بين أفراد المجتمع تبنى من خلاله قواعد السلوك السليم والمواطنة المتساوية وقيم الصدق والالتزام والقدوة والعدالة والمساواة، والمتمعن في حال التعليم في اليمن يجد كثيراً من المتناقضات التي تسود السياسة التعليمية في البلاد، إذ يؤكد أستاذ علم النفس المساعد في جامعة عمران د.عبدالحكيم المخلافي أن هناك عوامل وأسباباً وأبعاداً كثيرة تساعد على عملية الغش في الامتحانات العامة، فتشترك كثير من الأطراف في المساعدة على عملية الغش، وتشمل الطالب والمعلم والإدارة المدرسية والمجتمع ووزارة التربية والتعليم.

إدخال التعليم في الصراعات السياسية
يرى عدد من الأكاديميين والمثقفين أن إدخال التعليم ضمن المحاصصة السياسية والحزبية أثناء تشكيل الحكومات المتعاقبة في اليمن يعدّ أحد أسباب تدهور التعليم وانتشار ظاهرة الغش في الامتحانات، فهنا تبدأ المشكلة وتتعمق حيناً بعد آخر، لأنه يترتب على هذه المحاصصة إجراء تعيينات كارثية على مستوى قيادات الوزارة ومكاتب التربية والتعليم في المحافظات والمديريات وتشمل حتى القيادات المدرسية، فيتم وضع الشخصيات غير المناسبة وغير ذات الكفاءة في كثير من المواقع الإدارية والتربوية، وهذه التعيينات لا تتم وفق معايير تربوية، وبالتالي يرى المجتمع أن سلوكيات هذه القيادات تنحو منحى آخر نحو تحقيق المكاسب الشخصية والحزبية داخل المؤسسات التعليمية. وتظهر كثير من المماحكات السياسية التي تؤثر على التعليم ومنها ظاهرة الغش في الامتحانات، ومن الحقائق المريرة التي ترددها قيادة الوزارة نفسها أنه ما زال هناك حتى الآن ما يقرب من 300 مدير مدرسة على مستوى الجمهورية أميون لا يجيدون القراءة والكتابة تم تعيينهم بطرق لا تمت لمعايير التربية والتعليم بصلة، وللمتابع أن يتخيل حجم الكارثة في هذه المدارس.