معلمو أفريقيا

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٨/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:٢٠ ص
معلمو أفريقيا

سامانثا ويليامز

تعد عملية تحسين التعليم بطيئة وشاقة وطويلة الأمد في كل مكان ولا يوجد مكان ينطبق عليه هذا الكلام أكثر من أفريقيا، إذ غالبا ما تمنع القيود الاقتصادية الضيقة الاستثمار المستدام في رأس المال البشري وعلى أولئك الذين يعملون في قطاع التعليم في القارة أن يبحثوا عن حلول أسرع وأرخص وقابلة للتوسع.

إن المقاربات السريعة تنطوي على قصر النظر في كثير من الأحيان وتخفق في إشراك القادة المحليين الذين يملكون مفاتيح التقدم الاقتصادي والاجتماعي وكثيرا ما يتم تجاهل الأصوات الشعبية التي تعكس تجربة مباشرة لمعالجة مشاكل مجتمعاتهم المحلية.

وعندما اجتمع قادة العالم في هامبورج بدأت الشراكة الجديدة بين مجموعة العشرين وأفريقيا ولكن يجب أن يركز أولئك الملتزمين بمساعدة أفريقيا بشكل مباشر على الجوانب الأساسية من المساعدات والتنمية وهذا يعني الاستثمار في القيادة المحلية.
ومن المؤسف أن منظمات المعونة الأكثر تمويلا في أفريقيا غالبا ما تدار من قبل الغربيين أو من قبل الأفارقة الذين لديهم علاقات واسعة مع الغرب، إذ تحدثت مؤخرا إلى العديد من رواد الأعمال الذين قدموا أدله غير رسمية على أن المنظمات في أفريقيا مع مؤسسيها الغربيين تجمع أكثر من ضعف أموال المنظمات التي يديرها الأفارقة فقط وهذا التحيز المالي واضح في أماكن أخرى أيضا وهو يديم ندرة المواهب المحلية.
إن التحيز المؤيد للغرب يجب أن يقلق جميع الذين يعملون على بناء مجتمعات أفضل لأطفالنا فعندما يتعلق الأمر بمعالجة القضايا الاجتماعية -سواء كانت عدم المساواة التعليمية أو الفقر أو التمييز- فإن المدافعين الأكثر التزاما هم الذين لديهم معرفة مباشرة بالمشكلة التي يسعون لحلها والخبرة الشخصية هي أفضل وسيلة لإيجاد عوامل للتغيير لأنها تدعم الاستثمار الشخصي الطويل الأجل للأفراد في تفكيك أنظمة تؤدي إلى تفاقم قضايا عدم الإنصاف والظلم.
ما الذي سيبدو عليه الحال إذا كان القادة الذين يقومون بإصلاح هذه الأنظمة قد جاؤوا من المجتمعات ذاتها التي كانت في أمس الحاجة إليها؟ لقد أجابت بعض المنظمات على هذا السؤال بالفعل.
وقد تقدم أكثر من 12،000 شخص بطلبات للانضمام إلى «تيتش فور نيجيريا» وهي منظمة وطنية تجند وتدرب وتضع المعلمين الشباب في المدارس التي تحتاج إليهم بشدة، وسيختار البرنامج الذي تم تصميمه كزمالة أقل من 60 شخصا من أذكى خريجي الجامعات والمهنيين المتخصصين في نيجيريا، وهذا ليس فقط لتطوير معلمي صف ممتازين ولكن أيضا لتمكين الجيل المقبل من أصحاب المشاريع الاجتماعية الملتزمة بمعالجة عدم الإنصاف والمرتبطين ارتباطا وثيقا بالجهود المحلية الجارية بالفعل في المجتمعات المحلية في جميع أنحاء البلد. وبعد التزامهم بالتدريس الذي يستمر عامين، والذي سيبدأ في سبتمبر سينضم قادة المستقبل هؤلاء إلى حركة عالمية تضم أكثر من 55،000 شخص أكملوا زمالاتهم في أكثر من 40 بلدا، ومن بينهم 30 زميلا يعملون بجد في مشروع « تيتش فور غانا» المجاورة، ولقد أطلقنا على هذه المجموعة القوية من عناصر التغيير اسم «القيادة الجماعية» ونعتقد أنها هي السبيل الوحيد لضمان التغيير الإيجابي والدائم.
إن عدم كفاية الاستثمار في المبادرات التي تقودها عناصر محلية تعد إحدى الطريقتين اللتين لا نستطيع فيهما ضمان أن يكون لدى الناس الأكثر تضررا من عدم الإنصاف مسارا للتصدي له والثاني هو عدم الاستثمار في الأطفال، ففي أوغندا، 70 % من الأطفال لا يكملون التعليم الابتدائي. إن التعليم الأساسي هو الأساس لقدرتنا الحياتية على تحليل المعلومات وتقديم الأفكار والآراء وتحدي العالم من حولنا ومع ذلك، في الكثير من المجتمعات الأفريقية، لقد فشلنا في التخطيط للاستثمار في إرساء تلك الأسس.
يتسم التحصيل التعليمي بالتقسيم الطبقي الحاد في جميع أنحاء القارة، ففي حين أن 82 في المئة من أطفال الأسر الأغنياء يكملون التعليم الابتدائي فإن 28 في المئة فقط من أطفال الأسر الأشد فقرا يفعلون ذلك. إذا كان مستقبل القارة يجب أن يتشكل من قبل، أو مع أولئك الذين واجهوا أكثر من غيرهم التحديات فإن البرامج مثل تعليم نيجيريا وتعليم غانا ضرورية.
تخيل ما يمكن تحقيقه إذا ما تم توسيع الجهود المبذولة لتوظيف المجندين المحليين في المدارس منخفضة الدخل. تخيل كم من الفرص يمكن أن تنشأ لمواجهة التحديات التي تواجه الأطفال والأسر ومن المحتمل أن تصل إلى مئات الآلاف من الأطفال الذين سينظرون لتلك الجهود كمصدر إلهام وتشجيع على التفكير النقدي وحل المشاكل التي تؤثر على العالم من حولهم.
يرى البعض أن التعليم لا معنى له إذا لم يتمكن الخريجون من العثور على عمل والواقع أن إيجاد فرص للعمل في أفريقيا كان موضوعا رئيسيا للمناقشة في قمة مجموعة العشرين ولكن في حين أن الاستثمار في تطوير الأعمال وإيجاد فرص العمل أمر بالغ الأهمية للحيوية والنمو الاقتصاديين فإنه لن يحدث بدون قوة عاملة متعلمة ويفترض سوق العمل القوي وجود عدد كافٍ من العمال البارعين لملء الوظائف المتاحة ولكن في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى فإن 58 في المئة فقط من الأطفال يكملون التعليم الابتدائي.
ولهذا السبب، عندما ناقش قادة مجموعة العشرين إستراتيجيات التنمية الاقتصادية الجديدة لأفريقيا، فإنه ينبغي أن يركزوا مستقبلا على الاستثمار في التعليم ولكن، والأهم من ذلك، ينبغي عليهم السعي إلى ضمان توفير الموارد لأولئك الذين يعتمدون على القيادة المحلية والابتكار. إن الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة -ضمان توفير التعليم المتساوي والشامل للجميع بحلول العام 2030- هو أمر يمكن تحقيقه، ولكن فقط إذا كانت الحلول تأتي من قاعدة الهرم إلى قمته، وهذا يعني من الأفارقة الملتزمين بها.

سامانثا ويليامز: رئيسة منطقة
أفريقيا في «التعليم للجميع»