مليون وثمانمئة ألف عامل وافد.. ماذا يعني هذا الرقم؟!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٨/يوليو/٢٠١٧ ٠٤:٢٥ ص
مليون وثمانمئة ألف عامل وافد.. ماذا يعني هذا الرقم؟!

ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com

النشرة الإحصائية التي صدرت مؤخراً من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات حول أعداد القوى العاملة الوافدة بالسلطنة قد تكون مرت مرور الكرام على البعض بل إن منهم من غض عنها الطرف عن قصد دون أن يعير لها انتباهاً ولكن لو ركّز فيها من ركـز وأمعن التفكير فيها من أمعن لتيقنا تمام اليقين أن القوى العاملة الوافدة تزحف رويـداً رويداً لتمثل الخطر الداهم القابع والجــاثم فوق مجتمعنا سواء أكان اقتصادياً بما تمثله من تحويلات لمبالغ فلكية لخارج البلد والتي تقدّر ببلايين الريالات وكانت بلادنا أولى بها، أو من ناحية المشاكل الاجتماعية التي ســببها بعضهم، واســألوا حماية المستهلك وشرطة عُمان السلطانية ووزارة القوى العاملة ما لهذه القوى العاملة من أضرار جسام ولمَ لا وعددهم أصبح مليوناً و(864) ألفاً و(227) وافداً وهو ما يقارب أن يكون نصف عدد سكان السلطنة والبالغ أربعة ملايين ونيف.

وحقيقة ما شدني في تلك الإحصائية ارتفاع عدد ممن يحملون الشهادة الابتدائيــة من الــوافدين فقد ارتفع عددهم خلال أبريل الفائت مقارنة بالشهر الذي قبله، والعدد يبدو أنه في ارتفاع مستمر، كذلك لا يجب أن نغفل عن فئة من يجيدون القـــراءة والكتابــة وهو ما يدل على ازدياد شركات المقاولات وارتفـــاع نشـــاط رقعــة العمران ولكن إلى متى؟ فيجب هنا التريث قبل إعطاء الموافقة لاستخراج مأذونيات لاستقدام قوى عاملة إلا باشتراطات وشـــروط معيّنة ومحددة لأن هذه لحـالها فصول حكاية من خلال ما يســـمى بسمـسرة المأذونيات والله العالم إن كان المواطن الممتهن للتجارة يعلم بالأمر أم إن الوافد يتلاعب في الميدان كيف يشاء وعلى حســاب أبناء جلدته مقابل مبالغ مالية ليست بالهينة.
ماذا عن حاملي الشهادات الإعدادية والثانوية من القوى العاملة الوافدة أكاد أجزم أن أغلب تلك القوى العاملة تعمل في وظائف جلها مهنية وإدارية مثل وكالات السيارات وشركات التأمين وشركات الصرافة... “طيب!” وأبناؤنا ممن يحملون شهادة (الدبلوم العام) كيف وضعهم في ظل وضع الوظائف والمهن الحالي التي أعتقد أنها في متناول العُماني فقط المطلوب التأهيل والصقل لتلكم الوظائف لنرى بعدها العُماني يحل محل الوافد بدلاً من العمل في محطات الوقود أو كتغطية للوافد في البقالات أو في بعض الوظائف مما لا تليق بهم في الوقت الحالي أقله! ولكن لمن نشكو الحال والوضع الحالي للتعمين الذي تقوم به الجهات المختصة لوظائف غير مدروسة لا اجتماعياً من حيث قبول العُماني لها جراء العادات والتقاليد ولا حتى خططياً بعدما يتوغل فيها الوافد وينشب فيها بمخالبه ويصبح من الصعب إزالته لأنه تشرّب المهنة ومن الضروري أن يجلس فيها لفترة من الزمن حتى يتعلم منه العُماني، هذا إن أراد الوافد أن يتكرم بتعليمه، والشواهد كثيرة ناهيك عن الأجور المتدنية التي تُمنح للعُماني دون أي حوافز تذكر إلا فيما ندر من بعض الشركات وهي تعد على الأصابع.
كما لاحظنا من خلال الإحصائية أن هناك انخفاضاً طفيفاً في نسبة عدد من يحملون الشهادات الجامعية والدبلوم العالي وأصحاب درجات الماجستير والدكتوراه من الوافدين، وأعتقد أن جل هذه الفئة يعملون كمديرين تنفيذيين للشركات من ذوي الرواتب العالية ممن تحوي أرقاماً بها أصفار عديدة وهم معروفون بسياراتهم الفارهة التي تجوب شوارعنا، صحيح أن هناك حراكاً حكومياً فيما يتعلق بتأهيل صفوة منتقاة من الشباب العُماني الآن من خلال دورات على مستوى عال لإحلالهم مستقبلاً ليكونوا مديرين تنفيذيين، نعم هي خطوة وبادرة جيّدة وستكون أجمل إن جاز لها توسيع رقعة الاختيار مستقبلاً واختيار الكفؤ والأجدر والبعد عن الأسماء الرنانة أو “ابن فلان وعلان”؛ فمصلحة الوطن ينبغي أن تمثل الأولوية وأن تكون فوق كل اعتبار.
في اعتقادي أن الوقت قد حان لدق ناقوس الخطر فيما يتعلق بالرقم الذي وصلته القوى العاملة الوافدة مقارنة بعدد سكان السلطنة.
(خارج النص) للعلم إن هذا المقال هو نسخة طبق الأصل من مقال نشرته عبر هذه الصحيفة الغراء منذ سنتين وتحديداً في أغسطس 2015م فقط ما تغيّر هي الأرقام مما يعطي انطباعاً أنه لا حراك ولا حتى دراسات توحي بوجود اهتمام من قِبل الجهات المعنية فيما يخص ارتفاع القوى العاملة الوافدة وآثارها على المجتمع و”الله يستر” من القادم إن استمر الحال كما هو عليه.