عدم تسجيل الأبناء بالمدارس جريمة

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٠/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:١٠ ص
عدم تسجيل الأبناء بالمدارس جريمة

على بن راشد المطاعني

مع بدء العام الدراسي الجديد يثير البعض الهفوات غير المتعمدة والمصاحبة لكل عام دراسي جديد كعدم تسليم الكتب المدرسية في موعدها المناسب، وغيرها من الأمور التي قد تكون طبيعية في ظل وجود أكثر من 65.000 طالب وطالبة في أكثر من 1400 مدرسة في محافظات السلطنة كافة، إلا أن الإخفاق الأكبر الذي وقع فيه بعض أولياء الأمور هو عدم تسجيل أكثر من 17.000 طالب وطالبة ممن هم في السن المدرسي في المدارس ‏لبدء رحلة التعليم العام، وهو كارثة كبرى يقع فيها بعض أولياء الأمور كل عام إذا ما رغبنا في عقد المقارنات بين الهفوات والإخفاقات، الأمر الذي يستوجب سن تشريع بتجريم هذا الإهمال بوصفه جريمة يتحملها ولي الأمر، إذ يستحيل تبريرها.

فالإحصائيات تشير إلى أن 65.000 طالب وطالبة مستجدين يفترض أن ينتظموا في المدارس، إلا أن حصيلة التسجيل للصف الأول الابتدائي كانت 48.000 فقط، وبذلك سقط 17.000 سهوًا ونسيانًا وإهمالًا من حسابات الآباء، منهم 12.000 مواطنين، مما حدا بوزارة التربية والتعليم -مشكورة- لفتح المجال للتسجيل مجددًا لاستيعابهم حرصًا منها على مستقبلهم.
‏فالدولة عندما خططت لاستيعاب 65.000 طالب وطالبة، هيأت كل السبل لذلك وسخَّرت الإمكانيات، لذا فان تناقص الأعداد من شأنه أن يربك التخطيط التربوي، ويضاعف الفاقد في المجال التعليمي، بل يزيد أعداد المنضوين لجحافل الأمية التي تكافحها الدولة بشتى السبل وصولًا إلى مرحلة «لا أمية في البلاد»، لذا فإن التخلف عن تسجيل الأبناء يجب أن يعاقب عليه القانون، إذ ثمة أخطاء في المجتمع لا مجال لتجاوزها -على ما يبدو- إلا عبر القانون والعقوبات للأسف، والأمثلة كثيرة كهذا الأمر وغيره.

إن الكثير من الدول المتقدمة تعاقب أولياء الأمور الذين يتخلف أبناؤهم عن الحضور ليوم مدرسي بجريمة الإهمال، ويساق المذنبون إلى المحاكم، ويحاكمون بموجب قوانين وضعت للإهمال في متابعة أطفالهم، فما بالك بعدم تسجيلهم في المدارس أصلًا التي تعدُّ من أكبر الكبائر، لذلك تجد الأمية متلاشية في تلك الدول، هو ما يجب تطبيقه لكي لا نحارب الأمية من النوافذ التي تتسلل منها، في حين إن الآخرين يفتحون لها أبوابًا تنخر في جسد المجتمع.

بالطبع هناك من أولياء الأمور من يهيئ أبناءه للتعليم مبكرًا بدءًا من الروضة والتمهيدي ويتحمل تكاليف هذه المراحل السنية إدراكًا منه لأهمية التعليم وضرورة الارتقاء بمستوى أبنائه، إلا أن البعض الآخر بعيد كل البعـد عن هذا الفهم والوعي بل يسقط من حسبانه أن لديه فلذات كبد ينبغي أن يكون لهم وجود في التعليم.

نأمل أن نثمِّن عاليًا جهود الدولة التي تُبذل في مجال التعليم، وأن نتغاضى عن بعض الإخفاقات مهما كانت ولا ننظر إلى نصف الكأس الفارغ فقط، بل علينا أن نبذل كل ما في وسعنا لإكمال جهود التربية والتعليم في تهيئة أبنائنا وإكسابهم المهارات ومتابعة تحصيلهم العلمي لكي تتكامل الجهود، ومعاقبة كل مقصِّر حتى إن تغيب فلذة كبده عن المدرسة، وتشديد العقوبات على عدم تسجيل الأطفال في المدارس، فلابد من سن التشريعات والقوانين القادرة على اجتثاث هذه الظاهرة من الجذور، فهي مهدد مباشر لمستقبل هذا الوطن برمته ولا يجب التهاون فيها مع أي مقصر.