تشغيل شباب أفريقيا

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٦/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:١٦ ص

سيف أيل، دجيم سومبرغ، سمير خان

بالنظر إلى كون ثلثي سكان أفريقيا تقل أعمارهم عن 25 عامًا، قد يكون شباب القارة أكبر ميزة تنافسية لديها. على كل حال، فاٍن الآفاق الاقتصادية الطويلة الأجل للبلدان مرتبطة بتوفر قوة عاملة شابة متنقلة.

وقد خلص تقرير صدر مؤخرا عن مؤسسة مو إبراهيم إلى أن عشرة من الاقتصادات الأسرع نموًا في العالم في الفترة ما بين 2004 و 2014 كانت موجودة في أفريقيا. ومع معاناة الملايين من الشباب الباحثين عن العمل والكثير من شبه الباحثين عن العمل في العام 2015، لم تتمكن أفريقيا حتى الآن من تحقيق كامل إمكاناتها.

ويستمر التحدي الذي يواجهه الشباب في القارة لأسباب عديدة. بداية، نلاحظ أن السياسات والتدخلات التي تركز على الشباب محدودة في جميع أنحاء المنطقة. والبرامج الموجودة تفتقر إلى التنسيق الكافي، وغالبًا ما تفشل في إدراج الدروس والتعليقات. وأحيانا تقوم استراتيجيات التوظيف أيضا على النظرية بشكل كبير؛ لكن من المحتمل أن تفشل في تحقيق نتائج جيدة إذا ما تم تنفيذها.

ولكن من وجهة نظرنا، فاٍن الضعف الإضافي الذي غالبا ما يتم التغاضي عنه له علاقة ببيئة أكاديمية تحد من المساهمات المقدمة من قبل أصغر علماء أفريقيا - الطلاب الحاصلين على شهادات الدكتوراه حديثا - الذين قد يكونوا السبب في تنمية القارة.
وتُظهر التجربة أن طلاب الدكتوراه الأفارقة الشباب ينتجون بحوثا حاسمة في التصدي للتحديات الإنمائية في القارة. ومع ذلك، وفي كثير من الأحيان، يفتقر هؤلاء الخبراء الشباب إلى التدريب، والوسائل، والدعم الذي يحتاجونه لنقل أفكارهم من الميدان إلى مجال صنع السياسات.
ولهذا السبب انضممنا إلى مبادرة عالمية لتزويد الباحثين الأفارقة الشباب بفرصة للمشاركة في حلول موجهة نحو السياسات من خلال التعاون في مجال البحوث وفرص النشر. وتهدف شبكة زملاء ماتاسا، التي أطلقتها مؤسسة ماستر كارد ومعهد دراسات التنمية في المملكة المتحدة في العام 2016، إلى جمع المواهب الأكاديمية الشابة في القارة للمساعدة في مواجهة تحدي بطالة الشباب في أفريقيا.
ولأن هذا التحدي مرتبط ارتباطا وثيقا بقضايا أخرى - مثل الهجرة والصراع والتنمية الريفية والنوع الاجتماعي - يجب أن يضع صناع السياسات شبكة واسعة عند البحث عن الحلول. إن أبحاث زملائنا حول هذه القضايا تطرح أسئلة حاسمة على الحكومات وممولي التنمية حول كيفية إيجاد الحلول وتنفيذها بطرق تضمن المساءلة.
وقد شملت المجموعة الأولى من الزملاء، الذين نشروا نتائجهم مؤخرا في مجلة معهد دراسات التنمية، عشرة طلاب دكتوراه أفارقة يعملون في حقل العلوم الاجتماعية. وبفضل التدريب والإرشاد من موظفي المعهد، استطاع الزملاء تطوير أفكارهم من خلال التوجيه، كما عملوا على توليد الأفكار السياسية من خلال التفاعل مع المسؤولين الحكوميين وفاعلي المنظمات غير الحكومية.
وقد كان إنتاج الزملاء رائعا حتى الآن: ملخصات سياسية حول مجموعة من المواضيع المتنوعة، بما في ذلك بطالة الشباب في غانا، والإنتاج الحيواني في كينيا، والاستراتيجيات الإقليمية لتحسين المشاريع الصغيرة التي يقودها الشباب.

كما درس زملاء ماتاسا الأوائل الأبعاد السياسية لعمل الشباب وعمليات السياسات في إثيوبيا؛ والقضايا الاجتماعية والثقافية التي تقوم عليها خيارات العمالة في جميع أنحاء القارة؛ ومدى تأثير التوجيه على الأعمال؛ ووجهة نظر الشباب الأفارقة تجاه الصناعات والأعمال غير المشروعة، مثل القمار والعمل الجنسي.

وقد أسفرت بعض بحوث الزملاء عن نتائج مذهلة - لم تكن متوقعة. فعلى سبيل المثال، خلصت الدراسة الاستقصائية التي أجراها الباحث نيكولاس كيليماني المستقر في كمبالا حول استراتيجيات التشغيل إلى أن معدلات الباحثون عن العمل بين الشباب ترتفع فعليا بما يتناسب مع التحصيل التعليمي، خلافا للافتراضات الشائعة. وقال كيليماني إن حل أزمة التوظيف يتطلب التفكير الخلاق.
ويقول: ‹›إن التحدي الذي يواجه الباحثين عن عمل يتطلب اتخاذ إجراءات في مجال السياسة العامة تتجاوز التعليم الأساسي وأسواق العمل في مجالات مثل أسواق الائتمان والبنية الأساسية وتنظيم الأعمال والتنمية الريفية››.
كما أن عمل موريس سيكيني، الذي درس صندوق تنمية المشاريع الشبابية في كينيا، وهي مبادرة لتمويل المشاريع الصغيرة المدعومة من قبل الحكومة، عمل خلاق بالفعل. وباستخدام المقابلات الأولية والبيانات الثانوية، خلص هذا الخريج من جامعة مينيسوتا إلى أن مدى تأثير الصندوق وأثره قد ضعف بسبب التجاوزات المالية والإدارية ومعايير الجدارة الغامضة وأوقات الانتظار الطويلة للاستفادة من القروض والمخاطر التي يتعرض لها الشباب عند بدء أعمالهم الخاصة. ويستكشف مقاله عن كيفية تعزيز برنامج التنمية من خلال زيادة الاهتمام بتدابير المساءلة وتجديد التركيز على الإرشاد.
ويمكن لأفريقيا التركيز بشكل أكبر على تشغيل الشباب. وللقيام بذلك، يحتاج صانعو القرار الأفارقة إلى التواصل مع أصغر وألمع الباحثين في القارة - الذين غالبا ما يكونون على استعداد لتقديم أفكار رئيسية - وبناء نقاط اتصال جديدة بين البحوث والقوانين والممارسات في القارة.

سيف أيل وجيم سومبرج: باحثان في

معهد دراسات التنمية بجامعة ساسكس.

سمير خان: هو مدير أول للبحوث والسياسات

والاتصالات في مؤسسة ماستركارد.