الثغرات في عقود عاملات المنازل

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٣/سبتمبر/٢٠١٧ ٠٤:٥٤ ص
الثغرات في عقود عاملات المنازل

عيسى المسعودي

موضوع عاملات المنازل من المواضيع المهمة والذي يشغل تفكير العديد من المواطنين والمقيمين بالسلطنة، وذلك للحاجة الماسة لعمل هذه القوى العاملة، ولعل الإحصائيات المتوفرة والتي تشير إلى ارتفاع أعداد عاملات المنازل بالسلطنة مقارنة بالسنوات الفائتة لهو خير دليل على أهمية هذا الموضوع.

وكذلك تبرز التحديات والمتغيرات والظروف التي طرأت حول جلب هذه القوى العاملة بدءاً بالعلاقة المتوترة والمتقلبة بين عاملات المنازل، والمكاتب المسؤولة عنها سواء بالسلطنة أو المكاتب الخارجية وكيفية التعامل والعلاقة التي تربط كل طرف بالطرف الآخر من حيث الواجبات والمسؤوليات والالتزامات من جهة، وبين صاحب العمل وعلاقته بهذه المكاتب وبالعاملات المنازل التي تأتي للعمل من جهة أخرى.
ويبرز كذلك الارتفاع الجنوني لتكاليف جلب هذه القوى العاملة، والتي ارتفعت لأكثر من 50% لبعض الجنسيات، وقلة الخيارات المتاحة وارتفاع الطلب على العرض في السوق العماني، والمشاكل الاجتماعية والأخلاقية التي بدأت تظهر خلال الفترة الفائتة وغيرها من الظروف والمتغيرات والتحديات العديدة التي تجعل هذا الموضوع من الأهمية والأولية التي يجب على الجهات المسؤولة عن هذا القطاع التدخل السريع والحاسم لتنظيم هذه العلاقة بين الأطراف الثلاثة (عاملات المنازل – مكاتب جلب الأيدي العاملة – صاحب العمل) بشكل أكثر وضوحًا من خلال تعديل بعض القوانين وبنود عقود العمل الحالية المنظمة.

كذلك على الجهات المسؤولة إيجاد الحلول وطرح وتشجيع مؤسسات القطاع الخاص لطرح مبادرات قد تساهم وبشكل أكبر في تنظيم مكاتب جلب القوى العاملة خلال الفترة المقبلة حيث تشكل هذه المكاتب الآن حجر الزاوية والوسيط المشترك بين كافة الأطراف ولكنها تحتاج لمزيد من التنظيم والرقابة على عملها ومن يديرها ومن يعمل بها.

لقد أصبحت مكاتب جلب القوى العاملة الوافدة تتحكم في عمل عاملات المنازل بشكل كبير من خلال العقد الذي يتم إبرامه مع صاحب العمل، والذي يحدد العلاقة بين الأطراف الثلاثة، وللأسف الشديد هذا العقد لا يوفر الضمان الحقيقي لصاحب العمل وبه العديد من السلبيات وفي بعض الأحيان غير واضح وغير دقيق فيما يتعلق بالواجبات والمسؤوليات والحقوق التي على كل طرف ولعل الميزة الوحيدة التي توجد في هذا العقد هي مسألة الضمان لمدة ستة شهور والتي قامت وزارة القوى العاملة مشكورة بالتأكيد عليها ولكن للأسف حتى هذه المسألة أصبحت بعض المكاتب تتلاعب بها ولا تعطيها أهمية خاصة وأن هذه العقود لا يتم توثيقها في جهات رسمية.

كما تقوم إدارة بعض هذه المكاتب بالاتفاق مع عاملة المنزل قبل تسليمها لصاحب العمل بالتأكيد عليها بأن تعمل مع الكفيل لمدة ستة شهور وبعد ذلك تبدأ المشاكل والتعلل بالعديد من الأسباب والظروف وبالتالي المكتب يكون بعيدًا عن المسؤولية بعد انتهاء فترة الضمان، وذلك بسبب العقد الهزيل المبرم بين الطرفين والذي لا يتضمن على الأقل شرط أن تعمل عاملة المنزل لمدة سنتين مع الكفيل وهي الفترة القانونية التي يجب أن تعمل بها وهي فترة التأشيرة المعتمدة أو تقوم عاملة المنزل بدفع نسبة معينة من قيمة المبلغ الذي دفعه الكفيل عند استقدامها للعمل.

لكن للأسف، هذا لا يحدث وبالتالي يخسر الكفيل المبلغ المدفوع والذي يقدر لبعض الجنسيات حوالي 1400 ريال إضافة إلى قيمة المأذونية وغيرها من المصاريف ليس هذا فقط بل يعيش الكفيل معاناه حقيقية بعد ذلك للبحث عن عاملة أخرى ودفع مبلغ جديد دون أن تقف أي جهة مع الكفيل أو تقوم بإنصافه وحتى المكاتب بعد أن تستلم المبالغ عند توقيع العقد وانتهاء فترة الضمان تتخلى عنه وتذهب لغيره لكسب مبلغ آخر، وهكذا بحيث أصبح الكفيل أمام مافيا في بعض مكاتب عاملات المنازل والتي أصبحت تنظر للربح فقط وبأي طريقة دون أي اعتبارات أخرى كذلك تقوم بعض المكاتب بعد إرجاع عاملة المنزل لأي سبب بإعادة ترشيحها للعمل مع كفيل آخر وبسعر جديد، وهكذا يتكرر المشهد وبالتالي تكسب هذه المكاتب مبالغ جديدة والضحية يكون الكفيل وعاملة المنزل وللأسف الشديد اصبحنا أمام مافيا هذه المكاتب التي حان الوقت لتنظيم عملها بشكل أكثر احترافية.
من الأمور التي تشكل حاليا معاناة أخرى في موضوع عاملات المنازل هو وقف جلب عاملات المنازل من بعض الجنسيات مما تسبب في قلة الخيارات المتاحة من الدول الأخرى ورغم تصريحات وزارة القوى العاملة وشرطة عمان السلطانية مؤخراً بأن أسباب هذا التوقف شأن داخلي بتلك البلاد دون ذكر هذه الأسباب الحقيقية للرأي العام فإن الجهات المعنية مطالبة بالجلوس مع الجهات الرسمية في تلك الدولة لإيجاد الحلول لإعادة عاملات المنازل للعمل بالسلطنة، كما فعلت بعض دول مجلس التعاون خلال الفترة الفائتة ونجحت في ذلك، ولتنظيم عمل مكاتب جلب الأيدي العاملة -وكما ذكرت في بداية المقال- فإننا بحاجة إلى مبادرات من القطاع الخاص تتبناها وزارة القوى العاملة مثل إنشاء شركات في كافة محافظات السلطنة متخصصة لجلب الأيدي العاملة ويمكن أن تكون المكاتب الحالية نواة لهذه الشركات، ومن المساهمين فيها بحيث يتم إنشاء 3 أو 4 شركات في كل محافظة تغطي ولايات السلطنة، وذلك لتلبية الطلب المتزايد على الأيدي العاملة بشكل عام وعاملات المنازل بشكل خاص، وبالتالي يتم من خلال هذه الشركات وبإشراف القوى العاملة تنظيم هذا القطاع ووقف الفوضى الحالية التي تقوم بها حاليًا بعض المكاتب الحالية وضمان حقوق الجميع.

عيسى المسعودي
Ias1919@hotmail.com